فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول
حتى لا نتكلم العبّرية ؟!
د. عيسى القدومي
مخالفة ألفاظ اليهود:
عندما حاول يهود المدينة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم نشر مصطلحاتهم وألفاظهم بين المسلمين نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بأقوالهم، ودعاهم إلى تجنب ذلك بقوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا أنظرنا واسمعوا " ( البقرة /104 ). فلفظ "راعنا" نهى الله سبحانه عنه لما فيه من التورية وقصد الاستهزاء من رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فزجر الله المؤمنين أن يقولوا كقولهم، وإن كانت من اليهود قبيحة، ومن المسلمين لم تكن قبيحة، وأبدله بلفظ "أنظرنا". قال قتادة: " كانت اليهود تقوله استهزاء، فكره الله للمؤمنين أن يقولوا مثل قولهم" .
فالخطاب جاء مطالباً أهل الإيمان: بالتحرر من أسر متابعة اليهود حتى في التعابير، ومحذراً من الوقوع فيما وقعوا فيه من سوء الأدب مع الله ورسوله، والاحتراس الكامل من الوقوع في أسر مصطلحاتهم، وخداع ألفاظهم التي يطلقونها.
وقد أخبرنا الله عن أذاهم لموسى ونهانا عن التشبه بهم في ذلك فقال: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها " (الأحزاب/ 69).
فالأمر بمخالفة اليهود والنصارى محل إجماع بين المسلمين، لما تواتر عليه من الأدلة الصريحة من كتاب الله تعالى والصحيحة من السنة المطهرة، بحرمة التشبه بسائر هديهم وسمتهم وأفعالهم وأخلاقهم وأقوالهم، قال صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود وصححه الألباني، وقال صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى " رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وقد ربط رسولنا الكريم استقامة اللسان باستقامة القلب وهو أصل استقامة الأيمان بقوله: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه " صححه الألباني.
وحذر كذلك من التشبه باليهود والسير على طريقهم ودربهم المشئوم فقال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى، قال: فمن ؟ " متفق عليه، وسنن الله لا تحابي أحداً " سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً " .
وقد جاء الإسلام بالتميز في الأسماء والمسميات، روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها العشاء ولكنهم يعتمون بالإبل" رواه أبو داود وصححه الألباني ، وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنها في كتاب الله العشاء فإنها تعتم بحلاب الإبل "صحيح الجامع الصغير. فقد كره موافقة الأعراب في اسم المغرب بالعشاء، والعشاء بالعتمة فـتأمل هنا كيف حارب صلى الله عليه وسلم هذه المصطلحات وحذر منها.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في التعليق على اقتضاء الصراط المستقيم " وهذه أيضاً مسألة يجب التنبه لها أن بعض الناس إذا ذكر التشبه بالكفار يقول: "أنا لم أقصد التشبه والتشبه حاصل سواء قصدت أم لم تقصد ما دامت المشابهة حصلت فلا فرق أن ينوي المشابهة أو لم ينوها".
فنحن مأمورون من رب العالمين في الصدق والعدل في القول قال سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (التوبة /119). وقال تعالى : " وإذا قلتم فاعدلوا" ( الأنعام / 152) . وقال سبحانه : " وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " (ق / 18) . فالملكان يكتبان كل ما ينطق به الإنسان، فكيف إن كان ينطق بالباطل ويردد شبهات وأكاذيب اليهود !!
ومع هذا التحذير المتكرر والمبكر في صدر الإسلام الأول فقد وقع المسلمون في التشبه كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى كما أخبر الله تبارك وتعالى، وأصبحت ألسنتنا تنقل - وللأسف - آخر ما تسمع بكل دقة وأمانة!! من غير إعمال عقل أو اجتهاد، وفقدنا بذلك تسمية المسميات بمعانيها ومقاصدها، وعدمنا الاجتهاد والسعي لصك المصطلح المراد، وأدمن الكثيرون منا نقل المصطلحات اليهودية المتحيزة، بل والدفاع عنها، واتهام المصطلحات الأصيلة أن لا جدوى من هذا كله؟!! من باب لا مشاحة في الاصطلاح، على الرغم من أنها حرب العصر ومادة غزو المسلمين، فالله المستعان.
وحذر بعض أهل العلم وطلبته في لقاءاتهم وتوجيهاتهم وبعض كتبهم من استخدام مصطلحات وألفاظ يهود وخاصة من لها جذور توراتية محرفة أرادوا بها غزو عقول المسلمين، لأن من أهم سمات الخطاب اليهودي والصهيوني المراوغة والتظليل، وقد يتم ذلك في بعض الأحيان من خلال الكذب الظاهر، وفي أغلب الأحيان من خلال الاختزال والاختصار والاعتماد على الإبهام والغموض.
ولذلك لا بد من إدراك ما تنطوي عليه تلك المصطلحات من معاني ومفاهيم ومقاصد وادعاءات كاذبة، وما وراءها من مقاصد تخدم الرؤى اليهودية ومخططاتهم ومشاريعهم الآجلة والعاجلة وكذلك أمانيهم التي يعملون لتحقيقها، والتصدي لها من خلال عملية تفسير تلك المصطلحات والتحذير منها.
ومن ثَم العمل على إيجاد وتوليد مصطلحات أخرى مضادة ، أليس هذا من حقنا ونحن الضحية أن نسمي الأشياء بأسمائها؟ ألسنا مأمورين بمخالفة اليهود والنصارى؟! ، وكيف إن كانت تلك المصطلحات مادة غزو المسلمين، وسلاح من أسلحة الدمار في عصرنا هذا، بما تضمنته من معاني ومضامين توراتية خادعة، وتلمودية خرافية منهي عن التلفظ بها، لذاتها، أو لمتعلقاتها، أو لمعنى من ورائها، تمس الدين والعقيدة والمقدسات وأرض المسلمين وثوابتنا... والتي أرادوا من إشاعتها أن نكون مرددين للضلال والضلالات.
المصطلح في اللغة:
فكلمة مصطلح هي على وزن " مفتعل " من الفعل اصطلح، مثل القول "اصطلح القوم" أي زال ما بينهم من خلاف"، و " اصطلحوا على الأمر " أي " تعارفوا عليه واتفقوا ".
و" المصطلح " هو " الاصطلاح "، و" الاصطلاح " اسم منقول من مصدر الفعل "اصطلح"، ومعناه اتفاق طائفة مخصوصة على شيء مخصوص، ولذا سميَّ علم الاصطلاح "علم التواطؤ" ، ولكل علم اصطلاحاته.
والاصطلاح في العلم: هو اتفاق جماعة من الناس المتخصصين في مجال واحد على مدلول كلمة أو رقم أو إشارة أو مفهوم .
ولهذا فما العمل إن كان من يصك المصطلحات يعمل على سلب مقدساتنا وأرضنا ويبرر ذبح أطفالنا ونسائنا، بل يسعى لتغيبنا نتيجة لخصومته معنا، ولأن وجودنا يعني غيابه؟!!
ولا شك أن نقل المصطلحات اليهودية والصهيونية هو تكلم بالباطل، و" المتكلم بالباطل شيطان ناطق والساكت عن الحق شيطان أخرس " كما قال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه الجواب الكافي.
ومشابهتهم بألفاظهم تفضي إلى ما هو أكبر من تبني مصطلحاتهم، لأنها تورث نوع من المودة والمحبة وموالاتهم في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وتوجب السرور في قلوب اليهود بما هم عليه من باطل وتحريف للحق. والموافقة في القليل تدعو إلى الموافقة في الكثير، وفي هذا تلبيس على العامة، حتى لا يميزوا بين المعروف والمنكر. قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " ( المائدة /51 ) .
فهم من أهل الكذب على الله قال تعالى" ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأُميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون" (أل عمران/75) . وتحريف الكلام " من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه " (النساء/46). والطعن في الدين: "ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين " (النساء/46) .
وقد وصفهم الله تعالى بالمكر والخداع " يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون "( البقرة/9). " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "(الأنفال/30).
ومن أهل الغيض والحقد قال تعالى "قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر "(أل عمران/118) .
وبعد هذا فكيف نقبل من هؤلاء ألفاظهم ومصطلحاتهم المسمومة؟ والتي شاعت بين الناس، واعتادتها الألسن ورضيت عنها الأسماع، ورسخت في الأذهان، لدرجة أصبحت معها نشرات أخبارنا وخُطبنا عبرية النطق والمعنى من حجم تلك المصلحات اليهودية التي دست جبراً في ألفاظنا ومسامعنا!!
وعند الحديث عن استخدام اللغة العبرية يجب أن نفرق بين تعلم اللغة العبرية وبين إحلال مفردات اللغة العبرية محل مفردات عربية، أو سك مفردات تخدم الرؤى العبرية والصهيونية لمشاريعهم العاجلة والآجلة، فتعلم لغة يهود أمر به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الصحابي زيد بن ثابت رضي الله عنه ليقرأ ويكتب له الكتب الموجهة لليهود، ففي الحديث الذي رواه الترمذي بالسند إلى زيد بن ثابت قال: " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كلمات من كتاب يهود قال إني والله ما آمن يهود على كتابي قال فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم ".
يهود أم إسرائيليون:
وسأذكر على سبيل المثال لا الحصر مصطلحاً طالما حُذر من استخدامه والنطق به لما فيه من التسمية المنكرة التي شاعت على ألسن الناس في بلاد المسلمين ألا وهو تسمية الكيان اليهودي والصهيوني "بإسرائيل" واليهودي "بالإسرائيلي"، وشاع مصطلح "إسرائيليون" على اليهود الذين أتوا إلى فلسطين كغزاة، فأصبح كل من يعيش على أرض فلسطين من اليهود يأخذ مسمى " إسرائيلي "، وجنسية " إسرائيلية "، ومجموع شتاتهم على أرض فلسطين المغتصبة " إسرائيليين " !!.
وإسرائيل اسم لنبي الله "يعقوب" عليه السلام، والتصقوا بهذا الاسم، ليلبسوا على العامة بأنهم من نسل " إسرائيل " يعقوب عليه السلام، ولإثبات عدم اختلاطهم بالشعوب الأخرى ليتحقق لهم الزعم بنقاء الجنس اليهودي، وأن يهود اليوم هم النسل المباشر ليهود التوراة، وذلك لتبرير العودة إلى أرض الميعاد المزعومة.
فهذه التسمية منكرة، وقد شاع على الألسن القول في سياق الذم فعلت إسرائيل كذا، وستفعل كذا، وإسرائيل ": هو رسول كريم من رسل الله تعالى، وهو "يعقوب" عليه السلام، وهو بريء من الكيان اليهودي الخبيث الماكر، إذ لا توارث بين الأنبياء والرسل وبين أعدائهم من الكافرين.
وقد نبه الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود في رسالة له باسم " الإصلاح والتعديل فيما طرأ على اسم اليهود والنصارى من التبديل " وفيها تحقيق بالغ أن "يهود" انفصلوا بكفرهم عن بني إسرائيل زمن بني إسرائيل، كانفصال إبراهيم عن أبيه آزر، والكفر يقطع الموالاة بين المسلمين والكافرين كما في قصة نوح مع ابنه. ولهذا فإن الفضائل التي كانت لبني إسرائيل ليس ليهود فيها شيء، ولهذا فإن إطلاق اسم بني إسرائيل على يهود يكسبهم فضائل ويحجب عنهم رذائل، فيزول التمييز بين "إسرائيل" وبين يهود المغضوب عليهم، الذين ضربت عليهم الذلة والمسكنة.
غير أنا نستطيع أن نستنتج من الاستعمال القرآني لكلمة ( يهود) أن هذه التسمية إنما أطلقت عليهم بعد انحرافهم عن عبادة الله وعن الدين الصحيح وذلك لأنه لم يرد في القرآن الكريم إطلاق اليهود على سبيل المدح، بل لم تذكر عنهم إلا في معرض الذم والتحقير، وإظهار صفاتهم وأخلاقهم الذميمة، والتنديد بكفرهم فاليهود اسم لمن لم يؤمن بموسى عليه السلام، فأما من آمن به فهم " بنو إسرائيل ".
لماذا نسميهم بغير اسمهم ؟!
- فاليهود أصبحوا "إسرائيليين" !
- والمعتدين صاروا أصحاب الأرض !
- والمغتصبين صاروا "مستوطنين" !
- وأهل الحرب صاروا مدنيين ودعاة السلام !
- ومقاومتهم أصبحت عنف وإرهاب !
- و"حائط البراق" والذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى سمي "بحائـط المبكى".
- و"جبل بيت المقدس" والذي عليه المسجد الأقصى غدا "جبل الهيكل " !
- والنجمة السداسية والتي لا تمت لنبي الله داود عليه السلام بأية صلة أصبحت شعاراً لليهود على أنها نجمة داود !! .
- والأحياء الإسلامية كحارة الشرف وحارة المغاربةتقصفنا نشرات الأخبار والتحاليل السياسية يوميا على أنها حارة اليهود !!
- وفلسطين المحتلة أشاعوا أنها يهودا والسامرة والجليل !
- وإذا بالمجلس النيابي للكيان الصهيوني يصبح "الكنيست" لربطه بالمجلس الأكبر – الهيئة التشريعية لليهود في بداية عصر الهيكل الثاني!
- وحرب عام 1967م أطلقوا عليها حرب الأيام الستة ليربطوا معاركهم بأسماء دينية حيث يشبهونها بفعل نبي الله يوشع بن نون عليه السلام عندما شن حرب الستة أيام على أعدائه لفتح فلسطين!
- وكذلك أصبح يوم احتلال الجزء الأكبر من فلسطين في سنة 1948ميوم إعلان استقلال "إسرائيل"!! على اعتبار أنها أرضاً يهودية أعلن استقلالها وتحررها و من الغرباء !!.
- والقدس أسموها مدينة داود، وأصبح تاريخها منذ أن أقام بها أنبياء الله داود وسليمان عليهما السلام، وأسقطوا بذلك 3000 سنة من تاريخها القديم !
- وأسطورة المحرقة النازية ليهود أوروبا غدت "الهولوكوست" كمصطلح يهودي يشير إلى القربان الذي يضحى به للرب، ويعد هذا القربان عند اليهود من أكثر الطقوس قداسة، لتشبيه الشعب اليهودي بالقربان المحروق أو المشوي، ويزعمون أنه حرق لأنه أكثر الشعوب قداسة !!
- وأطلقوا على أرض فلسطين مصطلح الأراضي الفلسطينية وكأن هناك أراضٍ غير فلسطينية في فلسطين، تعود ملكيتها لليهود !!
- وحقوقنا أصبحت مطالب! وصراعنا مع اليهود سمي نزاع لاختزال القضية!
- وأسرانا لدى اليهود أطلق عليهم مخربين ومعتقلين وخارجين عن القانون !
وتمتد عبرنة المصطلحات والألفاظ والأسماء إلى المدن والقرى في فلسطين:
- فأم الرشراش أصبحت "إيلات" !
- وتل الربيع أسموه " تل أبيب " !
- وشرم الشيخ أصبحت " أفير " !
- ومعبر بيت حانون أبدلوه بمسمى حاجز " إيريز" !
- وعسقلان أبدلوها بـ "اشكيلون" !
- وفلسطين بأكملها تذوب وتختفي في ألفاظنا ونشرات أخبارنا لتصبح وللأسف "إسرائيل"!!
وأسماء الشوارع والساحات والمنشآت الإسلامية والتاريخية لم تسلم كذلك من مؤامرة التهويد حيث أبدلت بأسماء عبرية لتكون في إطار سياسة التهويد:
- فتل المشارف أطلقوا عليه اسم "موشي حاييم شابير" .
- وباب الخليل حولوه إلى "عودة صهيون" .
- وطريق البراق إلى "يهودا هاليفي" .
- وتل الشرفة إلى "جبعات همفتار" .
- والمتحف الفلسطيني إلى "متحف روكفلر" .
- ومطار القدس إلى مطار "عطاروت" .
- وهضبة الشيخ جراح إلى "حي أشكول" .
- وعقبة درويش إلى "حبر حاييم" .
- وحارة الشرف إلى "بسفات لمدخ" .
- وباب المغاربة إلى "رحوب بيت محسي" .
- وهناك مصطلح حديث جداً أشاعه اليهود على الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي الفلسطينية ومصر والذي يعرف بمحور صلاح الدين، فأطلقوا عليه "محور فيلادلفي" بدلاً من محور صلاح الدين، ورددت ذلك المسمى جميع وسائل الإعلام !!
وهناك العديد من الأسماء العربية الأخرى والتي لا يسع المجال لذكرها قد تم استبدالها بأسماء عبرية!!، وهنا ننوه أن لا بد من ذكر الأسماء العربية لهذه الأماكن ولو كانت مدمره.
ووصل الحد في عبرنة ألسنتنا إلى كلمات ومصطلحات يرددها الغالب ولا يعرف معناها:
- فكلمة "اليوبيل"، وهي لفظة يهودية، جاءت في سفر اللاديين، وهي تعني عندهم الاحتفال بعد مضي خمسة وعشرين عاماً على كذا، وتطور الأمر إلى يوبيل ذهبي ويوبيل ماسي على حسب عدد السنين، وعلى الرغم من أن تلك الكلمة يهوديةٌ لفظا ومعنى إلا أنها تسربت إلى المسلمين للاحتفال لأعمار الأشخاص والمؤسسات، فهو احتفال بدعي في الإسلام، وتشبه باليهود.
- وانتشرت كذلك مصطلحات "كمعاداة السامية" و"معاداة اليهود" لتعطي كيان الغصب والظلم الحصانة من النقد والاستنكار في أكثر الممارسات ثبوتاً وإسناداً ، وتوفر أفضل حجة ممكنة لأشد الممارسات فظاعة!!
وإذا بالمواطن العربي البسيط فضلاً عن المتعلم والمثقف يقرأ ويسمع ويشاهد إعلاماً عربياً يكاد يتحدث بالعبرية، ويمدح ديمقراطية الكيان اليهودي، ويعرض وجهات نظرها ويحاور ويستضيف رموزها التي تدافع عن مصالحها وتبرر عدوانها وتكسب توسعها بعداً دينياً مقدساً !!.
فلسطين واللغة العبرية:
والمشكلة الأكبر هي فرض المفردات العربية التي يختارها اليهود بدقة في خطابهم السياسي الموجه إلى العرب والمسلمين، وجعل هذه المفردات شائعة في لغة الإعلام الصهيوني مما يعني استسلامنا – ليس فقط إلى المفردات العبرية وإنما إلى المفردات العربية التي يختارها لنا الصهاينة واليهود - وما ذاك إلا دلالة على نجاح الإعلام اليهودي في نشر المصطلحات التي يريدها.
فقد لجأت الصهيونية إلى دس مصطلحات وأسماء عبرية عديدة في لغة الإعلام العالمي، تزييناً للواقع وتزويراً للتاريخ، واهتم قادة الكيان اليهودي منذ أن أقام كيانه بإحياء العبرية والتي تعني لهم الوجود وأساس يجمع به هذا الشتات الذي ينتمي إلى بلاد كثيرة .
وفي فلسطين المحتلة أخذت الكثير من المفردات في اللغة العبرية تحل محل مفردات عربية أصيلة، وفي بعض الأحيان يلجأ الكثير من المتخصصين إلى استخدام اللفظ العبري لأنهم لا يعرفون المصطلح المهني المرادف بالعربية. ولا شك أن هيمنة الاحتلال على مجريات الحياة العامة للفلسطينيين وضعت واقعاً أجبر الكثيرين على التعامل بلغة الاحتلال.
والغريب في الأمر أنه رغم وفرة مفردات اللغة العربية وغزارة مادتها اعتاد المتحدثون " استيراد " كلمات من العبرية واستعمالها في مجمل حديثهم اليومي، والتي تصبح مع مرور الوقت جزءاً من لغة الناس اليومية، وتأخذ وضعها الطبيعي عندهم، وربما استخدمتها الأجيال اللاحقة على أنها جزء من لغتهم الأم .
وما زالت محاولة العمل على " عبرنة " بعض كلمات اللغة العربية ، وتهويد بعض مصطلحاتها ونحت ألفاظها، بما يحقق لها الرواج والتداول والاستمرار والانتشار، ليس بهدف التكلم بالعبرية في نهاية المطاف، ولكن لنستخدم بعض الكلمات العبرية التي تخدم مخططاتهم وتعود عليهم بالنفع.
ولا شك إذا لم نتنبه إلى عبرنة ألفاظنا سنصحو وإذا بنا وبإعلامنا يتكلم العبرية في بعض مفردات الخطاب من حجم المصطلحات المستخدمة، فهم المبادرون لنحت تلك المصطلحات وهم الساعين لنشرها وإشاعتها، ومن الضروري ألا ندع اليهود يحتكرون لأنفسهم توليد المصطلحات وتسمية الأشياء ومن ثم التحكم في المقولات الكامنة وراء الخطاب والتي يحرص الصهاينة على إخفائها، لعزل الظواهر والمسميات عن أصولها التاريخية وكأنها أحداث وممارسات مجردة، ليحلو لهم تسميتها كما أرادوا ...
وبما أن آلة سك وتوليد المصطلحات اليهودية والصهيونية لا تكف عن الدوران ، فسوف تظل الحاجة لدراستها وإظهار مقاصدها، وإيجاد المصطلح الصواب للتعبير في كلماتنا وخطاباتنا. ومع الإصرار على العودة إلى المصطلحات الصحيحة والتحذير من المقاصد اليهودية فأننا يقيناً "وبمشيئة الله تعالى" سنعتاد المسميات والمصطلحات الصحيحة التي تلتزم بالثوابت الإسلامية والعربية الأصيلة .
والحمد لله رب العالمين ،،،
العدد الثاني – مجلة بيت المقدس للدراسات
.