فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
طفل فلسطيني يروي كيف استخدمه الاحتلال درعًا بشريًا
الاربعاء 24 نوفمبر 2010
مفكرة الاسلام: يتذكر الطفل الفلسطيني ماجد روحي رباح، البالغ من العمر 11 عامًا، بمرارة كيف قام جنديان "إسرائيليان" بترويعه وقاما بصفعه على وجهه، وهما يجبرانه على فتح حقيبتين اشتبها فيهما داخل بناية سكنية، إبان العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة أواخر 2008 وأوائل 2009.
كان الموقف عصيبًا لهذا الطفل الصغير، فقد قام الجنديان بالمخاطرة بحياته بدلاً من أن يقوما هما بذلك، ولا يزال يتذكر ملابسات الواقعة التي حدثت في منطقة تل الهوى حين قام الجنود "الإسرائيليون" بجذبه من قميصه من أجل تفتيش الحقيبتين، "حين استخدموني بللت ملابسي خوفًا والآن يحاكمونهم حكماً مخففًا"!.
فبعد مضي ما يقرب من عامين على الواقعة أصدرت محكمة "إسرائيلية" هذا الأسبوع حكمًا بمعاقبة الجنديين بالسجن 3 أشهر مع وقف التنفيذ لاتهامهما باستخدامه درعًا بشريًا، لكنه يرى أن الحكم غير مناسب بالمرة لحجم الجريمة، وأضاف: "كان الأوّلى أن تكون محاكمتهم دولية وليست إسرائيلية".
وتساءل ماجد في تعليقه قائلاً:"هل هذا حكم عادل؟ لقد استخدموني لحمايتهم وبللت ملابسي وأنا أفتح حقائب وصفعوني على وجهي وأطلق جندي النار على حقيبة كانت مغلقة كل هذا أخافني ولا زلت أذكره ولن أنساه، أتمنى أن يحاكموا في محكمة دولية وليست عسكرية إسرائيلية"، كما نقلت عنه وكالة "معًا" الفلسطينية.
ويسترجع ماجد بذكرياته ما حدث فجر الخامس عشر من يناير 2009، حينما كانت بعض العائلات في برج الأزهر "رقم 5" المقابل لمقر الهلال الأحمر بمنطقة تل الهوى شرقي مقر جهاز الأمن الوقائي سابقًا ا لا تزال في شققها السكنية دون توقعات بوصول آليات الاحتلال إلى تلك المنطقة الآهلة بالسكان.
ونظرًا لاتساع القصف بالمكان وزيادة حدته، نزلت تلك العائلات إلى الطابق الأرضي "البدروم" وحاولت الاختباء هناك، إلا أن قوات كبيرة اقتحمت البرج السكني وعثرت على المواطنين الفلسطينيين المختبئين من القصف واحتجزت النساء والأطفال في زاوية من البدروم واحتجزت الرجال في مكان آخر.
في تلك الأثناء، يقول ماجد إن جنديين - ظهرا سمينين نوعًا ما ليس نحيفين كما شاهدهما أثناء المحاكمة- قاما بنزعه من قميصه وكان حينها لا يلبس نظارته فقد استيقظ من نومه خوفًا من شدة القصف، وطلبا منه أن يذهب إلى زاوية الحمامات حيث عثرا على حقيبتين سوداوين صغيرتين وأمراه بفتح الحقيبتين.
حينها كان ماجد يرتجف خوفًا معتقدًا أن الجنديين يأمراه بفتح حقيبتين ملغمتين بالمتفجرات، وحاول الرفض إلا أن صفعة على وجهه أجبرته على فتح أحدهما وحين حاول فتح الأخرى كانت قديمة نوعًا ما ولم يتمكن من فتحها فقام أحد الجنديين بجذبه بشدة وأطلق النار على الحقيبة وعاد هو لأمه التي كانت ترتجف خوفًا على طفلها الوحيد.
وتقول والدته، إن الجنود استمروا داخل البرج السكني حتى الثالثة من عصر ذلك اليوم وبعد مرور دقائق أمروا النساء والأطفال بمغادرة الطابق الأرضي والخروج من البرج إلى مقر الهلال الحمر القريب، فخرج الجميع وسط اطلاق نار متفرق وقنابل فسفورية بالأرجاء وكتل من النيران تحفر الطريق أمامهم.
وعندما وصلوا إلى مقر الهلال الأحمر القريب حينها قام مسعفون بتزويدهم ببعض الأغطية للأطفال وساندويشات وجبن وماء، لكن في الثامنة من مساء ذلك اليوم قامت الطائرات "الإسرائيلية" بقصف أحد مباني جمعية الهلال الأحمر، فهرع الأطفال والنساء إلى الخارج خوفًا من استهداف المبنى الذي لجأوا إليه، ونقلتهم سيارات الإسعاف إلى مقر الصليب الأحمر وسط مدينة غزة.
وبعد قرابة عامين، أدانت محكمة عسكرية الجنديين بتعريض حياة الفتى للخطر والتصرف بشكل غير لائق، وعاقبتهما بالسجن ثلاثة أشهر مع إيقاف التنفيذ، بعدما رأته أنه بتصرفهما عرضا جميع الموجودين للخطر، كما جاء في حيثيات الحكم الذي أصدرته المحكمة "الإسرائيلية".
غير أن الحكم أثار رفض الطفل نفسه الذي كان يبلغ من العمر تسع سنوات حين حدوث الواقعة، وتقول والدته إن هذه الأحكام المخففة تعطي دافعًا قويًا لجنود الاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الأطفال الفلسطينيين الذين نصت القوانين الدولية على حمايتهم وحماية المدنيين العزل خاصة في أوقات الحروب.
وكان تقرير أعده القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد جولدستون، بناء على طلب الأمم المتحدة اتهم "إسرائيل" بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان على قطاع غزة الذي أسفر عن استشهاد 1500 فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
وأوصى التقرير الواقع في 575 صفحة بأن تحول نتائجه إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب في لاهاي اذا فشلت "إسرائيل" في اجراء تحقيقات ذات مصداقية في هذه الحرب. لكن "إسرائيل" رفضت منذ البداية لبتقرير ووصفته بالمنحاز كما رفضت التعاون مع لجنة التحقيق الدولية.