فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
البطريركية الأرثوذكسية اليونانية تبيـع إسرائيل أراضي في القدس تبلغ آلاف الدونمات
بقيمة 20 مليون دولار وتحذير من تحييد العرب
التاريخ: 14/4/1432 الموافق 20-03-2011
كشف موقع إخباري إسرائيلي، أمس، النقاب عن إبرام البطريركية الأرثوذكسية اليونانية في القدس المحتلة صفقة بيع وتأجير أراض كبرى في القدس ومناطق أخرى لحساب إسرائيل، برغم تحذيرات السلطة الفلسطينية من مخاطر مثل هذه الخطوة على مستقبل المدينة.
وقال هذا الموقع إن الصفقة تشمل أراضي واسعة تبلغ آلاف الدونمات في القدس الغربية، أقيمت عليها آلاف الشقق السكنية والمؤسسات العامة. وأشار إلى أن قيمة الصفقة تبلغ 80 مليون شيكل (أكثر من 20 مليون دولار). وأشار موقع اNewsب الإخباري إلى أنه بعد مفاوضات سرية استمرت شهوراً تم الاتفاق أمس الأول على صفقة تبيع فيها البطريركية اليونانية حقوقاً في أراض في القدس ومناطق أخرى، الى مجموعة ترأسها عائلة بن دافيد اليهودية.
ووقع على الصفقة البطريرك اليوناني ثيوفيلوس الثالث ونائبه للشؤون المالية. تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الجديد ما كان ليبرم من دون التحسن الذي طرأ في السنوات الأخيرة على العلاقة الإسرائيلية اليونانية، فالكنيسة اليونانية التي تعتبر الكنيسة من بين أكبر ملاك الأراضي في فلسطين لا تقدّم على خطوات جوهرية كهذه من دون أن تنال رضا الحكومة اليونانية أو تشجيعها.
وتتعلق الصفقة بأراضٍ بنيت عليها آلاف الشقق التي أقيمت على أراض مستأجرة من الكنيسة. وتشمل الحقوق المباعة أيضاً حق التأجير لمناطق واسعة في حي رحافيا، الذي أقيم فيه البيت الرسميّ لرئيس الوزراء الإسرائيليّ، وأيضا الأراضي التي تضم الكنيست الإسرائيلية ومقر رؤساء إسرائيل. كما تشمل أيضاً أراضي شاسعة تستخدم حالياً كحدائق عامة في القدس. والحديث الدائر عن الأرض في وسط القدس الغربية يتعلق بـ 520 دونماً تقع في رحافيا والطالبية.
وركز الموقع على أن الصفقة أبرمت بشكل سري بسبب الضغوط التي مورست من جانب السلطة الفلسطينية على البطريركية اليونانية لمنع إبرام الصفقة. وبالمقابل أشارت إلى ضغوط إسرائيلية على البطريركية من أجل إبرام الصفقة، وإعادة تأكيد سيطرة الدولة العبرية الكاملة عليها. تجدر الإشارة إلى أن فضيحة كبرى كهذه تفجرت قبل 10 سنوات تقريباً عندما بادرت شركة إسرائيلية إلى شراء هذه الحقوق بطرق الاحتيال.
وقد واجهت إسرائيل مشكلة جوهرية في قوانين الكنيسة التي تمنع بيع الأراضي التي تعتبر وقفاً دينياً، ولذلك سعت من أجل حلول خلاقة. وقادت تلك الصفقة في حينه إلى تفجر خلاف جدي بين الرعية العربية الأرثوذكسية، التي هي صاحب الحق الطبيعي في هذه الأرض، وبين البطريركية اليونانية الخاضعة للضغوط الإسرائيلية. وأدت الخلافات في حينه إلى إسقاط البطريرك اليوناني السابق. وقد تنفس اليهود الذين يستوطنون حي رحافيا الصعداء بإبرام الاتفاق. فالحي مقام في الغالب على أراض ضغطت السلطات الإسرائيلية على الكنيسة لتأجيرها إلى الصندوق القومي اليهودي على أساس عقود طويلة الأجل لمدة 99 عاماً.
وكان المستوطنون في هذا الحي يخشون من عواقب انتهاء المدة القانونية للتأجير الأول الذي كان على وشك الانتهاء في العام 2034، والذي تم تمديده في هذه الصفقة. وهناك تأجيرات كثيرة أبرمت بعد العام 1948 وبعضها لفترات زمنية أقصر وكانت على وشك الانتهاء.
من جهة أخرى، ما زالت قضية مطران الكنيسة الإنجيلية الأسقفية في القدس والشرق الأوسط سهيل دواني عالقة بين وزارة الداخلية الإسرائيلية وأروقة المحاكم، وسط تضييق الخناق عليه ومحاولة عرقلة أدائه لمهامه كأسقف منتخب لهذه الكنيسة، ومقرّها في القدس الشرقية، بذريعة قيامه بنقل ملكية أراض من اليهود إلى العرب، وتواصله مع السلطة الفلسطينية. يذكر أن دواني، الذي انتخب لهذا المنصب منذ العام 2005 وتسلم رئاسة الكنيسة عام 2007 واعترفت بسيامته دول الشرق الأوسط، بما فيها إسرائيل، هو فلسطيني من رام الله، وبالتالي فإن الهوية التي بحوزته تمكّنه من التواجد داخل مناطق الضفة الغربية وليس في مدينة القدس المحتلة، ما يستوجب إصدار تأشيرة إقامة في القدس من قبل وزارة الداخلية لمزاولة أعماله ومسؤولياته الدينية.
على صلة، برز على السطح توتر علني بالعلاقة بين أقطاب معادلة الأراضي والأملاك، في مدينة القدس، مع الإعلان عن صفقة جديدة، تتعلّق بالخلاف على تأجير طويل الأمد لقطعة أرض تابعة للبطريركيّة الأرثوذكسيّة بالقدس، على الطريق الواصل بين مدينتي القدس وبيت لحم، بمساحة واحدٍ وسبعين دونما، سيتمّ تحويلها من أراضٍ خضراء، لمناطق تقام عليها مشاريع سكنيّة، تكون للبطريركية منها حصّة، تبلغ مائة شقّة سكنية، فقط، من مجمل المشروع. مروان الطوباسي، رئيس مجلس المؤسسات العربية الأرثوذكسية في فلسطين أكد على أنه تم الإعلان عن هذه الصفقة، التي تمّ بموجبها تأجير نحو واحدٍ وسبعين دونما، على طريق القدس - بيت لحم، وهي منطقة تربط تلبيوت، أو بيت صفافا، بمار الياس، لافتا إلى أنّه جرى نفس الموضوع في جبل أبو غنيم، وفي فترات ماضية، كان قد تمّ التأجير لقطع أراض لمدّة تسعة وتسعين عاما.
البطريركية بدورها، نفت حدوث صفقة تسريب أو تأجير للأراضي في عهد البطريرك الحالي، ثيوفيلوس الثالث.. وأوضحت من جانبها، أن الصفقة الأخيرة التي أعلن عنها، كانت قد تمّت في عهد البطريرك السابق المخلوع، إيرينيوس، وأحد أبرز أعوانه اليونان، وهو ما اكتشفته البطريركية مؤخرا، وبناء عليه، قامت بعقد صفقة جديدة مع شركة (تلبيوت الجديدة) اليهودية، وبرفع دعوى قضائية، ضدّ شركة (بارا) اليهودية، التي حصلت على الصفقة الأولى، من البطريرك السابق.
يشار إلى أنّ تاريخ صفقات البيع أو التأجير، لأراضٍ تابعة للبطريركية الأرثوذكسية في القدس، كان حافلا في الماضي، بعمليات التأجير طويل الأمد، أو التسريب أو البيع، إلا أن الواقع العام، في سيطرة البطاركة اليونان، على سدّة الحكم في البطريركية، منذ العام ألف وخمسمائة وأربعة وثلاثين، يشير إلى تقليص الدور العربي في الكنيسة، وهو ما فتح المجال واسعا، أمام بعض الجهات، التي قد لا تكترث بعروبة المدينة المقدّسة، ما دفع البعض لاعتباره جزءا من الاستعمار الديني. ومن المعروف أنّ أملاك البطريركيّة في القدس، كانت وما زالت محطّ اهتمام المؤسسات اليهوديّة على اختلافها، لحجم تلك الأملاك، من أراض وعقارات، تنتشر في محيط المدينة المقدّسة، وهو ما حدا بالمسؤولين، تأكيد ضرورة الرجوع لذوي الخبرة والاختصاص، من قبل كل القائمين على الأملاك الوقفيّة، المسيحية منها والإسلامية، حتى لا تصبح تلك الأراضي والأملاك، ملكا للدولة العبريّة، والمستوطنين، على حساب العرب في المدينة.
وفي ظلّ تضارب المواقف، بين البطريركيّة الأرثوذكسية من ناحية، وبين الرعيّة الأرثوذكسية في داخل إسرائيل، وفي مناطق السلطة الفلسطينية من ناحية أخرى، تبقى القضيّة معلّقة بين شرعيّة التأجير، وخصوصية أملاك الجهات الدينية، وبين حساسيّة العلاقة بين الطوائف على اختلافها لتوضع قضيّة السيطرة اليونانيّة على البطريركية الأرثوذكسية، وهي أعلى مؤسسة روحية أرثوذكسية في فلسطين، على محكّ النقاش العلني فوق الطاولة، للمرّة الأولى، كما صرح مصدر رفيع في الطائفة لـ'القدس العربي'، طالبا عدم الكشف عن اسمه.
المصدر: القدس العربي'