دراسات وتوثيقات / ترجمات وقراءات

ترجمة من كتاب "العطاء بحكمة" دليل الجمعيات الخيرية في الكيان اليهودي

جهاد العايش

 

لقد أعلنت القيادة الأمريكية شن الحرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية بوجه خاص في العالم أجمع على حد سواء؛ بِحُجَةٍ واهية وهي أن هذه الجمعيات وراء دعم الإرهاب في العالم؛ وتغافلت الولايات المتحدة الدور الإنساني لهذه الجمعيات: من كفالات للأرامل والأيتام، ومساعدة الدول المنكوبة والمتضررة من جراء زلازل أو فيضانات أو حروب أهلية وغير أهلية .

فضلاً عن الدور التربوي والصحي، لهذه الجمعيات: من بناء لمؤسسات الرعاية الصحية من مستشفيات أو حملات لمكافحة وباء ما، أو حملة ضد العمى وغيرها من أمراض فتاكة تنتشر خاصة في بعض الدول الإسلامية الفقيرة ، أو من مؤسسات تربوية من دور رعاية الأيتام أو المدارس المجانية وغيرها من مشاريع تعليمية وتربوية تأوي أبناء المسلمين من التشرد والضياع وغياهب الجهل؛ فأمريكا وحلفاؤها ضاقوا ذرعاً من هذه الجهود الإسلامية المباركة فاتَهمت هذه الجمعيات الأهلية التي تضاف يومياً على قائمة الإرهاب الأمريكية، وجيشت لها الدول والأساطيل وألبت عليها سلطات ..

أما جمعيات اليهود ودولتهم المغتصبة وممارساتهم  القمعية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل  فإنَّها بِمنأى عن قرارات وعِصِيِّ الولايات المتحدة الأمريكية وشركاءها في حربِهم المزعومة ضد ما يسمونه بالإرهاب .

أما الجمعيات اليهودية والتي تزيد بِمجموعها عن جمعيات الوطن العربي والإسلامي من غير مبالغة ؛ تعمل بِحُريةٍ مطلقة وبدعم منقطع النظير وإعفاءات وتسهيلات.

وإن الكتاب الذي بين أيدينا ( العطاء بحكمة ) لمؤلفه ( إليعازر ديفيد جاف ) قام مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية على ترجمة أجزاء هامة من الكتاب؛ ليسلط الأضواء على العمل التطوعي وجمعيات النفع العام في الكيان اليهودي المحتل؛ لنرى أولاً كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية تزن بِمكيالين لتَصُبَّ في النهاية نتائج الأمر لصالح الدولة اليهودية .

كما أن هذه الجمعيات لها مهامات واضحة في نَهضة الدولة العبرية ؛ كما أنه من الأَحْرَىَ أن تدفع بالمزيد من هذه الجمعيات وتُسَهِّل مَهامها .

هنا يستوقفنا كتاب ( العطاء بحكمة ) لمؤلفه (د. إليعازر ديفيد جاف ) لنلقي الضوء من خلال هذا الكتاب على حقيقة الجمعيات النفعية للكيان اليهودي والتي وصل عددها في عام     ( 1999م ) إلى سبع وعشرون جمعية ومنظمة طوعية ؛ والتي تزيد بِمعدل ( 1000) جمعية سنويًا ، فضلاً عن الحرية الكاملة التي تتمتع بِها هذه الجمعيات .

أما المؤلف فهو يهودي هاجر إلى فلسطين عام ( 1960م ) وهو اسمه (إليعازر ديفيد جاف) وصل فلسطين عام (1960م )، أستاذ في الجامعة العبرية لعلم الإجتماع وعلم النفس وعلم الجريمة، وحاصل على دكتوراه في العمل الإجتماعي، وعمل مستشارًا سابقاً في وزارة العمل والشئون الإجتماعية للكيان اليهودي، وخدم في عدة لجان وزارية منها :

( لجنة الطفل ـ شابا، برئاسة غولدا مائير)، ( لجنة الرفاهية الاجتماعية برئاسة شمعون بيريز وإسحق شامير)، ( اللجنة الرئيسية على عمل المتطوعين البارزين ) ، ( ولجنة التقليل من حد الفقر في إسرائيل ) . وعمل عضواً في اللجنة المركزية لموظفي الخدمات الاجتماعية، ومستشاراً للجنة العمل الاجتماعي للمهاجرين الجدد إلى إسرائيل ومؤسسة روتشلي، ورئيس لجنة صندوق إسرائيل، ورئيس المجلس الأكاديِمي لصندوق سيفاردي الدولي .

له دورات في العمل الإجتماعي والتطوعي اللا ربِحي، كما أن له بُحوث خاصة في هذا الْمَجال؛ وله أربعة عشر كتابًا متداولة في السوق الأمريكية والكيان اليهودي .

أسس حاليًا ( جمعية إسرائيل للعوائل الكبيرة )، وأسس جمعية قرض إسرائيل الْمَجانية.

 

* * *

ترجمة من كتاب "العطاء بحكمة"

لماذا هذا الكتاب ؟

دليل الشبكة الداخلية للمنظمات الخيرية التطوعية الإسرائيلية:

إن المنظمات التطوعية هي زهرات المجتمع الاسرائيلي . ولقد حدث الكثير في مجال القطاع التطوعي منذ عام ( 1982م ) ، عندما نُشِرَت أول طبعة من كتاب "العطاء بحكمة".

وهو الكتاب الأول والوحيد عن المنظمات الاسرائيلية الطوعية ، حيث لم يكن يوجد عن هذه المنظمات أية برامج تعليمية ، أو معلومات قومية ، أو مجال للبحث عنها في ذلك الوقت .

فلم يكن هناك أية دراسة ، بالرغم من كونه قطاع عريض ، يموج بالحركة ، في مجتمع مدني ؛ وبعد أن كان هناك (12.000 ) منظمة طوعية مسجلة فقط ، أصبحت ( 27.000 ) منظمة في عام (1999م )، يؤثرون تأثيراً عظيماً في الاقتصاد الاسرائيلي .

ففي عام ( 1995م ) استطاعت تلك المنظمات الطوعية توظيف ( 11% ) من كل العمال - باستثناء الزراعيين - بتكلفة ( 33 مليون شيكل)([1]) ، أو ( 13% ) من ( G D P ).

ودَخْلُ ذلك القطاع الطوعي يأتي مِنَحاً من الحكومة، بنسبة ( 64% ) مقابل الخدمات، وبنسبة   (26% ) مقابل الرسوم واشتراكات العضوية ، ثم الهبات وتمثل نسبة ( 10% ) .

واليوم فإن القطاع الطوعي ينمو بسرعة ، ليلعب دوراً عظيماً في تأدية الخدمات، خاصة بعد أن تجاوز الاسرائيليون مرحلة الاشتراكية إلي المجتمع الرأسمالي، حيث نفضت الحكومة يدها من الإنفاق الاجتماعي بشكل عنيف ، تاركةً الميدان للمنظمات الطوعية وغير الطوعية ، الأمر الذى جعل القيادات المهنية وهيئات البحث والتقصي أكثر تأثيراً الآن عن ذي قبل .

لا أحد كان يتصور أن الجامعة العبرية سوف تُخصص في يوم من الأيام، مقعداً لدراسة المنظمات الطوعية ، الذي سوف أكون أنا والمتبرعون ومُحِبُو الخير أول من يعتمد علي ذلك المقعد .

لقد نَشَرْتُ مبدئياً كتاب "العطاء بحكمة"، كي أضع القطاع الطوعي علي الخريطة الإسرائيلية ،   و لكي أُكَّرِم آلاف الأبطال الْمَجهولين الذين قَضَواْ معظم حياتهم في خدمة المحتاجين، ولقد شَمل الكتاب تفاصيل نشاط المنظمات الإسرائيلية الطوعية في مجال الصحة والتعليم وسبل توفير السعادة لمختلف طوائف الشعب الإسرائيلي .

وكانت هناك أسباباً كثيرة تدفعني لتأليف الكتاب : فلقد كان المتبرعون الْمَحلِّيون والأجانب لا يعرفون كيف وأين وإلي أى جهة يرسلون تبرعاتِهم ، ويسألونني النصيحة .

وعلي الرغم من وجود كثير من المنظمات الطوعية المسجلة حولنا إلا أنه من الصعوبة بمكان علي المتبرعين أن يُقْدِمُوا، أو يتخذوا القرار ، أو حتي يعرفوا أي المنظمات شرعية لدرجة أنَّهم يَختارون تلك المنظمات الأقرب فيعطونَها تبرعاتِهم .

دليل المتطوع الحائر :

إذا كنتُ قد أخذتُ شيكلاً واحداً من كل محب للخير جاءَ  يَسألُني أين يُقَدِم صدقاته للمحتاجين فِعْلِياً، أو كَتَبَ لِي ، أو اتصل هاتفياً بي ، أو دَخَلَ مكتب العمل الاجتماعي التابع للجامعة العبرية الخاص بي ، خلال السنوات الأربعين الماضية ؛ لأصبحت من الأثرياء .

ولذلك عاهدت نفسي أن أنشر بعض النصائح الخاصة عن التبرع داخل إسرائيل يوماً ما ، حتي يستطيع محبو الخير في الداخل ، وأصدقاء إسرائيل في الخارج أن يجدوا طريقهم عبر المنظمات الإسرائيلية الباحثة عن المتبرعين .

ففي كل مرة أذهب فيها إلي الولايات المتحدة أجد عند أقاربي وأصدقائي كومات ضخمة من الرسائل ، استلموها من منظمات إسرائيلية تسألهم التبرع ، ويتضاعف عدد الرسائل دائماً بمعدل كبير عند أعياد : ( الباسوفر- روش هاشاناه – شانكاه – الشيفوت ) . ومكتوب علي غلاف العودة الرقم المألوف ( B . O .P  ) أيِّ : ( ص . ب )، ( في رجاء حار من أجل المساعدة ).

ولكن مُحِب الخير يَحتاج المساعدة أيضاً ولكن عن كيفية ومكان تلقي هباتهم إذا ما أراد هو أو هي أن يفعل شيئاً شخصياً من أجل مساعدة إسرائيل .

فهم يَحتاجون إلي معلومات كثيرة عن المنظمات الخيرية في إسرائيل ، ويَحتاجون أن يعرفوا ما إذا كانت المنظمة مسجلة ومعترف بِها من السلطات المسئولة الاسرائيلية ، وإذا كانت التبرعات تُسْقَط من حساب الضرائب داخل أو خارج إسرائيل ومن المسئول .

وبدلاً من إلقاء كل طلبات المساعدة في سلة المهملات، أو إرسال مبالغ زهيدة لكل منهم ترضية لهم، هناك فرصة جيدة جداً وهي أنَّ بعض الطلبات ربَما تصادف اهتمام مُحْسِن مُقْتَدِر فَتُحَرِكَ فيه نوعاً من العاطفة تلبيةً لاحتياج شخصى عنده .

فَمَنْ مِنَّا لا يريد أن يُخَلِد ذِكرَ والديه الفقيدين ، أو أَعِّزاء أَحِّبَاء ، بإقامة مشروعٍ ما بإسمهم ، ومن مِنَّا لا يريد أن يترك بعض الأثر يذكرنا بسعادتنا فوق هذه الأرض يوماً ما ، حيث كنا نعيش من أجل الآخرين ؟ ومَنْ مِنَّا لَم يتأثر بمعجزة إعادة ميلاد إسرائيل، ولم يحاول جاهداً أن يعبر عن مشاعره الجياشة ؟

وربَما أحد تلك الخطابات المكومة علي طاولة المطبخ تَجد الفرصة، ومن ثم تُحقق الصداقة مع إسرائيل وشعبها ، أوتترك أثراً ولو صغيراً .

هذا الكتاب أُلِّف خِدمةً لليهود ، وغير اليهود في الخارج ، والكرماء الذين يريدون أن يعرفوا كثبراً عن المنظمات الإسرائيلية التطوعية؛ وإنه لَمُحاولة لتمكين المتبرعين المهتمين من عمل لقاءات مباشرةً مع مُمَثلي هذه المنظمات .

وهناك سبب مهم آخر لتأليف هذا الكتاب هو خلق قاعدة وفرصة متساوية للمنظمات الطوعية الخيرية أن يقدموا أعمالهم وإنجازاتهم واحتياجاتهم أمام الأشخاص بالخارج الذين لديهم الاستعداد للتبرع .

كانت المنظمات الواعية في الماضي قادرة علي الوصول إلي المحافل الرسمية الأجنبية ، أمَّا المنظمات الأصغر في إسرائيل مثل ( جمعيات جذور العشب ) لم تَسْتَغِل المناسبات القومية ولم تعقد أية لقاءات مع المحسنين ، وبعضهم كان لا يعرف أين وكيف يبدأ ؟ ومن هنا؛ كان هناك حاجة إلي التلاقي ، دون وسيط المنظمات الطوعية الخيرية مع المتبرعين المحتملين ( الذين لديهم الاستعداد للتبرع ).

الإسرائيليون يكافحون جاهدين من أجل الهدف الأسْمَى الذي يقع عبئه عليهم وعلي إخواننا وأخواتنا في بقية العالم كشركاء .

وبالرغم من أننا شعب أبيَ ، يأبي أن يطلب المساعدة ، إلا أنَّ اليهود بالخارج يُدَونوا مساهماتهم الخيرية الجديرة بالاعتبار في قائمةٍ أمام المنظمات التطوعية في مجالات الصحة ، والتعليم ، والثقافة ، والرفاهية من أجل تحسين المجتمع الإسرائيلي بواسطة القرض الحسن لليتامى ، ولأطفال جنود المظلات الهلكى ، وللمنظمات التعليمية أو الطبية .

واليوم فإنَّ حجم العمل التطوعي في إسرائيل لا يستهان به ، ونفسية الشعب اليهودي هي إمتداد لنفسية آبائنا السابقين ، أيام التعذيب والاضطهاد واالتشرد في تاريخنا القديم . ولِهذا فنشاط المتطوع في إسرائيل يبدو في الزيادة باستمرار نتيجةً واستجابةً للأوقات الصعبة عبر القرون حتي اليوم .

ويُحاول الإسرائيليون دوماً أن يكونوا علي صلةٍ بِمُحِبي الخير في الخارج ، الذين لديهم المقدرة علي تَمويل الجهود التطوعية ، وعندما يتعاون الرفاق والأصدقاء معاً حينئذٍ تحدث الأشياء الجميلة .

هذا الكتاب يفتح نافذة ، داخل المنظمات التطوعية النشيطة في البلد ، ويشرح احتياجاتها ، ويصلها بالناس ؛ كما يوضح بعض المصادر البشرية الإسرائيلية ، ومدي قوتها أو ضعفها ، ويوضح أيضاً في آنٍ واحدٍ النصف الفارغ والنصف المملوء من الكوب ، وماذا يمكن أن يُفْعَل والشيء الذي ما زلنا في حاجة إليه ؟

وأَمَلَي أن يفتح هذاالدليل المتواضع شَهِيَة اليهود وغير اليهود في الخارج ، علي الالتحاق بالمنظمات التي تناسبهم، فيعملون لقاءات مباشرة مع الإسرائيلين الذين يبحثون بإخلاص عن الصداقة تَماماً كما يبحثون عن المال .

ردود الفعل اليهودية على الكتاب:   

لم تكن طبعة كتاب "العطاء بحكمة" تقصد إلي تسجيل مدى إلحاح إتحاد المجتمعات اليهودية (U J A  ) الآن أو شقيقتها الأوربية ( كيرين هايسود ) ، إذ ليس هناك من شك أن حملاتهم المركزة كانت سبباً هاماً دفع اليهود حول العالم أن يعطوا ويدفعوا من أموالهم ، من أجل الخدمات المحلية ، ومن أجل إثبات الذات مشاركة مع إسرائيل ، والتي تقوم بتحويلها إلي مشروعات هامة ، مثل : تكاليف نقل المهاجرين إلي إسرائيل ، واندماجهم وتعليمهم وإيوائهم ، وبرامج أخري ضرورية

وبالرغم من قلة اللقاءات المباشرة بين معظم المتبرعين المهتمين وهذه المنظمات الطوعية ، فإن الرجاء المثابر والذي يخاطب العاطفة دون العقل يحقق العطاء الإنساني الفوري .

الدمغات والرسوم علي رأس المال المستثمر يعتبر إجراء غير مقبول من العديد من المُودِعِِين المُثَقَّفِين والمحبين للخير كباراً وصغاراً .

هؤلاء المُرْشِدُون يريدون أن يتحركوا خلف موضوعهم المعتاد مع رأس المال اليهودي ، يريدون ضماناً شخصياً في إسرائيل ، يريدون سيطرة أكثر ومسئولية أكبر ، يريدون أن يتعاملوا مباشرةً مع الناس الحقيقيين الذين يمكن أن يثقوا في قدرتهم علي جعل إسرائيل أفضل .

السبب الرئيسي في نشر أول وثاني طبعة من كتاب "العطاء بحكمة" هو تشجيع العطاء المباشر من المحسنين إلي المتطوعين الإسرائيلين . دائماً كنت أشعر أن الوكالة اليهودية الوحيدة ( وايسبورا ) على حجمها الكبير كانت غير فعالة ، بل في حاجة إلى جهد القطاع التطوعي في المجتمع الإسرائيلي. وأعتقد بقوة أن العطاء المباشر لأنشطة جماعات "جذور العشب" التطوعية أقوى أثراً ، وأطول مشاركة ، داخل نسيج المجتمع المدني .

الخدمات المحدودة المقدمة من مؤسسة الوكالة اليهودية المبنية بفطنة ، ووصاية أموال المتبرعين وصدقاتهم كانت سبباً جيداً لتشجيع العطاء المباشر المستقل ؛ فالوكالة إحدى المنظمات الإسرائيلية الكثيرة الفاضلة .

المهم بالنسبة لي أن المتبرعين بالخارج سوف يكون لديهم معلومات موضوعية عن ممثلي المنظمات الطوعية في إسرائيل ، ويكونوا قادرين علي اتخاذ قراراتهم عن مكان وكيفية مساهماتهم في تنمية البلد

ولقد حاولوا إقناعي بعدم نشر الطبعة الأولي في عام (1982م )، بدعوى أن الكتاب سوف يضر إتحاد الطوائف اليهودية وميزانية الوكالة ، وأنه لا أحد بالخارج مهتم حقيقة، أو في حاجة لكتاب من هذا النوع ؛ وقالوا إن المتطوعين بالخارج ليس لديهم وقت لمعرفة التفاصيل عن المنظمات الإسرائيلية  أو الإنفاق الخيري المباشر الخاص ، لأنهم يثقون في قياداتهم المحلية والمهنية ، وأن عطائهم المكثف هو أحسن وسيلة من أجل مساعدة إسرائيل .

تلك المناقشات الاحتكارية الوراثية ، جعلتني أكثر اقتناعاً أن كتاب "العطاء بحكمة" كان هاماً .

ويبدو أنني كنتُ علي صواب ، لأنه في خلال ( 18 شهراً ) تقريباً قد بيعت كل نسخ الكتاب ، وكان معظم المشترين من الأفراد ، وكثير من نسخ الكتاب أُشْتُرِيَتْ بواسطة إتحاد التجمعات اليهودية، التي أسست الوكالة اليهودية شبه الحكومية خلال العقود الخمس الماضية ، والتي أظهرت الحكومة الإسرائيلية كشريك أَوَّلِّي .

علي أية حال ، فالقطاع التطوعي هو أنسب شريك لاتِحاد التجمعات اليهودية وهذا يعني وضع ميثاق اجتماعي جديد مع القطاع ككل بالإضافة للوكالة اليهودية .

استمر اتجاه بَحث المشروعات الخاصة والجهد الخيري الذاتي لعدة عقود حتي أُسِّسَتْ مؤسسة إسرائيل التعليمية وذلك من أجل "المحسنين الكبار" دون الاعتماد علي إعانة (U J A  ) المعتادة .

 

نماذج من المنظمات الطوعية :

ولكن خلال العقد الماضي ، خاصة بعد حرب ( 1973م )، بدأ عدد هائل من الطبقة المتوسطة الأصغر سناً، المستقلين مادياً، من يهود وغير يهود، إقامة مشروعات تحقق ذاتَهم في إسرائيل ، وأخيراً

استوعبت الوكالة اليهودية هذا الاحتياج فأسست برنامج : ( J A F I ) في عام ( 1987م )، التي مولت ( 652 ) منظمة طوعية ، بمبلغ (30 مليون دولار ) .

كانت بداية حسنة أن تكون نصف الهبات للقيادات الدينية الثلاثة مِمَّا قد يُحَوِّل الوكالة اليهودية إلي مؤسسة يهودية عالمية عاملة في إسرائيل ، بالرغم من أن هذا العطاء شبه المباشر لا يمكن أن يحل محل الصدقات الفردية والعمل الإنساني المباشر لأميوتوت (A M U T O T  )([2]) الإسرائيلية .

وأحد الأمثلة علي هذا : نشاط قيادة سيفاردي (SEPHARDI  ) الواسعة الانتشار ، التي تؤدي دورها وتؤكد ذاتيتها أمام نداءات السلام من الأقطار المسلمة في الشرق الأوسط . وجهود نينا وينر ( NINA WEINER ) في نيويورك التي اتخذت مع أسرة سافرا ( SAFRA ) وآخرون مؤسسين ( I S E F ) ، ومؤسسة سيفاردي ( SEPHARDI ) التعليمية مثلٌ طيبٌ للعطاء الخاص المباشر الناجح ، ومؤسسة ساكتا راشي ( SACKTA RASHI ) السويسرية مثال آخر للعطاء المباشر .

وآخرون من الذين تحولوا إلي النشاط الخيري الشخصي مع منظمة الأميوتوت (AMUTOT) الإسرائيلية بسبب نزعتهم الاشتراكية ، واهتمامهم بالصحة ، والدين ، والتعليم ، والتجديد.

أديث وهنري ايفريت ( EDITH AND HENRY EVERETT ) مثلٌ آخر لعمل الخير الأجنبي في إسرائيل خاصة في مدينة الجليل امتداد مدينة هاتزر .

مئات عديدة من المؤسسات المحلية والأجنبية تعمل الآن في إسرائيل بما فيهم إتحاد الجماعات اليهودية. وفي عام (1980 م ) أقاموا مؤسسات فورم ( F O R U M ) لتساهم بالمعلومات والأفكار، كما أن آلاف من المحسنين جددوا صداقاتهم مع مؤسسة أميوتوت ( AMUTOT)بسيل من العطايا .

رابطة القرض الحسن الإسرائيلية المؤسسة عام (1990 م ) قد قامت بتوفير (12000 ) قرض حسن ، بأكثر من ( 16 مليون دولار ) ، وذلك لمساعدة المهاجرين الجدد والمحتاجين الإسرائيليين ، كل هذا الدخل يأتي من عطايا خاصة ومؤسسات عالمية وداخلية ، فهمت وبرهنت بالدليل العملي مفهوم القرض الحسن العبري الذى لم تتحمل فيه الحكومة الإسرائيلية ولا سنتاً واحداً .

استُحْدِثَت شبكة من مؤسسات مُمَيْزَة بالخارج لتوجيه تيار العطاء إلي أميتوت( AMUTOT ) في إسرائيل من أجل مشروعات خاصة ، وذلك يأتي استجابةً لهذا النمو السريع الميال للعطاء المباشر الشخصي في الحياة اليهودية .

وأحدُ أكثر المنظمات الأمريكية ثقةً ونجاحاً هي منظمة: الـ ( P. E . F ) الخيرية، والتي أُسِّسَتْ في عام ( 1922م ) بواسطة ( JUSTICE LOUIS BRANDEIS ) وآخرون من الأمريكان المشهورين. هذه المنظمة توزع ملايين الدولارات كل عام علي المنظمات التطوعية الإسرائيلية ؛ فقد أرسلت ( 27 مليون دولار ) في الفترة من عام ( 1996م ) حتي ( عام 1998م) ، بل إن إجمالي حساب المدفوعات فاق الـ ( 31.5 مليون دولار ) .

ومؤسسة ( P. E . F ) مؤسسة خيرية عامة ، معفاة من الضرائب ، ترحب بالهبات الصغيرة والكبيرة – من (2500 دولار ) فقط قابلة للخصم من الضرائب حسب القانون في الولايات المتحدة – وترسلها مع توصيات أصحابها إلي إسرائيل ، إذ أنه عند موافقة وكلاء ( P. E . F ) علي استلام المبلغ ، يوجه إلي المنظمة المرشحة للاستلام في إسرائيل مع نسخة من الأوراق الخاصة بإسقاط الضرائب والنشاط المرغوب دون خصم أي مصاريف إدارية ، وتستغرق هذه العملية ثلاثة أسابيع .

هناك مؤسسة أخري لتحويل الهبات الخيرية مبدئياً من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلي منظمة (AMUTOT  ) الإسرائيلية ؛ وهي مؤسسة إسرائيل الجديدة ، التي أسست عام          ( 1979م )، وتخصصت في الصرف علي الحقوق المدنية وحقوق المرأة والأقارب من اليهود العرب والنشاط التطوعي المبتكر .

أمثلة أخري للمؤسسات الأجنبية التي تحول الهبات والعطايا إلي المنظمات الطوعية : مؤسسة ابراهام ( ABRAHAM )، ومؤسسة (ZIV TZEDAKAH  )؛ ومنظمات أخرى بعضها يُسقط الضرائب ، والبعض الأخر لا يُسقط الضرائب ، وعلي المتبرعين اختيار ما يناسبهم ، ولقد شجعت كثير من المنظمات الإسرائيلية إقامة منظمات الأصدقاء في الولايات المتحدة ، وفي أي مكان آخر ، حيث يستقبلون العطايا ، ويقدمون إيصالات للخصم من الضرائب . وهذا النوع من النشاط شائعٌ في الجامعات الإسرائيلية وفي منظمات الخدمة الاجتماعية والشيفوت                        (VESHIVOT ) إذ بواسطته تحققت مشروعات كثيرة مثل : إقامة الحدائق العامة ، والمتاحف والمسارح . . . الخ  في أورشليم ( JERUSALEM  )، علي سبيل المثال وذلك من خلال جماعة أصدقاء أورشليم وجماعة تل أبيب وحيفا . ورابطة القرض الحسن لها منظمات صديقة في الولايات المتحدة ، وكندا والمملكة المتحدة . والمنظمات الصديقة كيانات مستقلة حرة تتبع قوانين بلدها فقط .

وتعمل بعض هذه المنظمات في العطايا المؤجلة : كالوصايا ، وبوليصات التأمين علي الحياة . ولدي شركات التأمين والمحامين كل الترتيبات والاستشارات القانونية اللازمة والتي يمكن الحصول عليها مجاناً في حالات كثيرة .

الآن ، ونحن علي مشارف عام (2000م ) ، توجد حاجة ملحة للطبعة الثانية من كتاب "العطاء بِحكمة" داخلياً وخارجياً ، فاليوم هناك (27.000) فرع (AMUTOT  ) مسجلة في وزارة الداخلية، منهم ( 12.000 ) تقريباً مسجلين في وزارة المالية ، كمنظمات تُسقط ما تأخذه من تبرعات من حساب الضرائب . وهناك حوالي ( 1000 ) فرع (AMUTOT  ) جديدة كل عام يتم تسجيلها ، إذ أن ( 56 % ) من (AMUTOT  ) اليوم لَمْ تكن موجودة عام ( 1982م ) وقت ظهور كتاب "العطاء بحكمة" لأول مرة . وما زال كثير من المتبرعين في الخارج يتسائلون عن منظمات طوعية معينة أتى ذكرها في كتاب "العطاء بحكمة" الذي أصبح مَرْجِعاً للمتبرعين .

أحْجَمَ بعض المتبرعين بالخارج عن العطاء لإسرائيل ، بسبب تَحَسُن مستوي المعيشة هنا ، وبروز طبقات إسرائيلية غنية؛ والكفاح من أجل الاعتراف الرسمي من كل التيارات اليهودية أَوَهَمَ المتبرعين بطريقة ما أنَّ كل الناس لم يستفيدوا بالتساوي من أوقات الرخاء الاقتصادي، مع أن هناك حداً لِما يُمْكِن أن يُحققه رأس المال الخاص المحلي ، ولقدرة الحكومة وأن الكفاح من أجل مذهب الكثرة يكون بؤرة ممتازة تجذب الجهد الخيري ، وأن الصداقة القوية بين البذل في سبيل الإنسانية وقطاع المنظمات الطوعية ضرورية تماماً من أجل كل المجتمعات المدنية .

يستطيع المتبرعون استعمال هذه الطبعة من كتاب "العطاء بحكمة" ، ليجدوا طريقهم عبر تلك الغابة المتشابكة للمنظمات ، ولتسهيل الاتصال المباشر مع جماعات "جذور العشب" الإسرائيلية العاملة في نفس المجال .

مؤسسة ( ORTHODOX, CONSERVATIVE AND REFORM ) اليهودية تبحث عن مَرْكَبَات جديدة طوعية تُحقق الأهداف الإسرائيلية الدينية مثل: مذهب الكثرة والخدمات التعليمية والاجتماعية في إسرائيل ، وتوجيه العطاء الخيري الإنساني نحو إشباع تلك الحاجات .

ولقد واجهت الوكالة اليهودية أزمة تَمويل عندما تقلص العمل المنظمي، بل والأكثر سوءاً تحول قسم ( YOUTH ALIYAH ) إلي وزراة التعليم ، واندماج البرامج المتنوعة الموجودة . إلا أنه في عام ( 1998م ) كفلت الوكالة خلق مؤسسة جديدة مركزية تسمى : الروح الإسرائيلية  ( THE ISRAELI SPIRIT ) ، والتي بدأت في إغراء المتبرعين من أجل كبار السن ، وضحايا عنف الأسرة، وجنود الاحتياط، والأطفال المشردين .

بدأت ( UNITED WAY ISRAEL ) عملها أيضاً في عام ( 1999م ) .

وهذه تجاربٌ مثيرة لأنه حتى الآن لم يُفَضِّل الإسرائيليون العطاء بالوكالة وإنَّما يُفَضِّلون العطاء المباشر .

كتاب العطاء بِحكمة الدليل الهادي للمتبرعين الإسرائيلين:   

إنَّ أحَدْ أحسن الطرق للحكم علي الأمور هي مَقدرة الناس العقلاء غزيري المعرفة والخبرة علي النضال بنجاح وكيفية استغلالهم للمصادر الموجودة .

هذه المهارة غالباً ما توجد في القيادات الاجتماعية ، والتي تبدو شيئاً متغيراً باستمرار ، فيقلون بين أعضاء الجماعات الأقل دخلاً . ولذلك تكون المعلومات سنداً قوياً في مجالات : الرفاهية والصحة والتعليم حيث لا يوجد في إسرائيل حتي الآن نظير لهذا الكتاب وهكذا يأمل المؤلف أن كتاب "العطاء بحكمة" سوف يكون عوناً بالرغم من وجود الكتيب اليدوي الجزئي الإسرائيلي التخصصي . لأن هناك عملاء ومواطنون في حاجة إلي معلومات رئيسية .

لسوء الحظ ؛ فإنَّ كثيراً من الإسرائيليين ليس عندهم دراية كافية عن خدمات القطاع الطوعي العريض المتاحة لهم ، ولا يعرفون بِمَنْ يتصلون ليقدموا طلباتهم .

هناك حاجة عملية هائلة للمعلومات ، من المواطنين الإسرائيليين ومن التجمعات المهينة البشرية ، عن الخدمات والمصادر المتاحة والمقدمة من المنظمات الطوعية ؛ ولهذا السبب فإن الطبعة الثانية من كتاب "العطاء بحكمة" ستنشر لأول مرة باللغة العبرية بالإضافة إلي اللغة الإنجليزية .

هذا الكتاب أداة أساسية لكل شخص ، مهتم بإرسال نقود إلى الجمعيات الإسرائيلية المحبة للخير ، لأنه عَرَضَ المنظمات الطوعية المنتشرة في إسرائيل على نفس الرف أمام الجميع ، وفتح باب المنافسة من أجل التمويل أمام المنظمات الأقل شهرة والأقل ثراء ؛ وفي مقدمة الطبعة الأولي لكتابي "العطاء بحكمة" عملتُ علي تشجيع المانِحين المحتملين علي الاتصال مباشرة مع المنظمة الطوعية التي وقع عليها اختيارهم، وهذه الطريقة ما زالت مناسبة جداً ، كما يؤكد ذلك مديرو المنظمات في رسائلهم البريدية إليَّ؛ أنَّ هذا الكتاب قد حقق هباتٍ مباشرة وهامة لكثير من المنظمات الأقل شهرة .    

 

من يُتْرَك خارج نطاق كتاب "العطاء بحكمة" ؟

بعض المنظمات والهيئات التي استثناها الباحث من كتاب ( العطاء بحكمة ):

(1) الوكالات الحكومية والقومية البلدية :

حيث أنَّ حقيقة كتاب "العطاء بحكمة" تُعني بتقديم المنظمات التطوعية والخيرية للأفراد بالخارج ، الذين يستطيعون التبرع ، والتي تُسْقِط التبرعات من حساب الضرائب؛ وعليه فكل الوكالات الحكومية ، والمنظمات القومية ، والبلدية ، تكون خارج نطاق هذا الكتاب، لأن مثل هذه الوكالات لا تُسْقِط الضرائب للمتبرعين سواء المحليين أو الأجانب.

(2) مجمعات اليهود :

لم نذكر آلاف التجمعات اليهودية ( الكنائس اليهودية ) التى تَكْثُر في إسرائيل ، لسبب واحد فقط وهو : أنَّهم جميعاً غير مسجلين كمنظمات طوعية ( AMUTOT ) ، ومن غير الممكن عملياً ضمها إلى القائمة ، وفوق ذلك فإن إختصاصها في إسرائيل لا يؤهلها عملياً كمنظمات خدمية هدفها كهدف المنظمات المذكورة في الكتاب ، وغير المذكورة إلا إذا كان التجمع اليهودي يعمل في مجال القرض الحسن أو المجال التعليمي أو أي نوع آخر من المجالات الخدمية .

(3) إتحادات العمال والطوائف السياسية:

لم نضم الطوائف السياسية لأنَّها منظمات لا تُسْقِط الضرائب للمتبرعين بالخارج ، وسوف يُلاحَظ عند قراءة الكتاب أن بعض منظمات الرفاهية عُضِّدَتْ بعطايا ومنح من الطوائف السياسية ، خدمة لأعضاء الطائفة وأسرهم . لم يشمل الكتاب أيضاً إتحادات العمال لأنهم جماعات سياسية متنوعة متشابكة الأطراف ، كما أنهم أيضاً يستفيدون من الموارد الحكومية البلدية والقومية .

(4) البنك الغربي وسلطة المنظمات االفلسطينية:

ينتسب الكتاب إلى المنظمات الإجتماعية المسجلة في وزارة الداخلية الإسرائيلية ولا يشمل المنظمات المسجلة عند السلطة الفلسطينية .

(5) المنظمات التى أُهْمِلَت:

وهي التى لم تُعِد إلينا استبيانها المرسل من قبلنا فلم يكن لها حظ المشاركة في الطبعة ، ونستطيع فقط التأمل في أسباب إحجامها عن المشاركة . أحد هذه الأسباب هو : إصرار بعض المنظمات على العزلة أو العمل تحت اسم مستعار . والسبب الآخر ربما يكون أنها غير مهتمة بالاختلاط إلا بالمؤسسات الأسرية التى تساهم في التعليم .

تلك هى الحقيقة التى اكتشفناها ، وأن الاستبيان ربما لم يوافق أهدافها تماماً ، وسبب آخر لإهمالها هو عدم رغبتها في كشف بيانات عن ميزانيتها المطلوب استيفائها في الإستبيان ، حتى أن بعض المنظمات تطلب وتستأذن في حذف ذلك ، وإذا ما رفضنا  طلبهم كانوا يَختارون ألا يرسلوا الاستبيان بالمرة . أو يرسلونه منقوصاً منه تلك المعلومات.

وربما ؛ يكون كسل وتراخى إدارة المنظمة سبباًَ آخر في عدم إرسال الاستبيان، بالرغم من محاولتنا تسهيل ذلك ، بإرفاق مظروف العودة مع كل استبيان، ومع ذلك بعض المنظمات ربما يعوقها مهمة استيفاء الاستبيان المكون من ست صفحات ، وعلي النقيض من ذلك فإنه ولا منظمة ترددت في طلب التمويل بالإعلان المجانى عن نفسها في كتاب "العطاء بحكمة" .

تطور القطاع التطوعي الإسرائيلي :

أملي أن تُحَرِك تلك الطبعة الجديدة من كتاب "العطاء بحكمة" بعض المساهمات الممتازة نحو دفع مجال التطوعي في إسرائيل إلى الأمام .

فالجهود العظيمة من أجل البحث والتنمية من قيادات وساسة العمل التطوعي الإسرائيلي ، والتى تشمل البرنامج المقترح ، وكذا مسئولية أعضاء اللجان ، والقيادات الأميرية ، فضلاً عن شفافية هؤلاء ، تكون مدخلاً عامًا للمعلومات عن المنظمات التطوعية ، يضعها علي الخريطة عموماً .

هناك حاجة ماسة لسن القوانين التي تبيح الإسقاط الضرائبي للمنظمات علي الملأ، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية ، إذ أنه من غير المفهوم أن ملفات ( AMUTOT ) في وزارة الداخلية تكون معروفة للعامة ، بينما الملفات الخاصة بالإسقاط الضريبي المسجلة في وزارة المالية تكون سرية ومغلقة أمام الجمهور .

فالمعلومات المدونة في هذا الكتاب ، يجب أن تؤدي إلي سَن القوانين التي تُلْزِم كل منظمة (AMUTOT ) أن تُصدِر تقريراً سنوياً عن نشاطها، فالنظام المسئول الذي يمكن محاسبته ، وقاعدة المعلومات التطوعية ، يعملان معاً علي إستمرار نشاط الوكالات الحكومية وغير الحكومية الضروريين لتحسين القطاع الطوعي الإسرائيلي .

 التبرع من أجل اليهود :

ونصيحتي لأولئك الأفراد الذين يبحثون بجدية عن كيفية المشاركة في البذل من أجل الإنسانية ، في إسرائيل ، ألا يطرقوا المنظمات كلها ، بل يُرَكِّزون علي واحدة أو اثنتين من المنظمات الطوعية أو الخدمية بالمساعدة لعدة سنوات قبل التحرك إلي مشروع آخر .

فاختيارك للمنظمة ، والشخص ، والهدف ، يسبب لك الأمان ، ويمكنك من ترك بصمتك . فكلما اجتهدت كلما كنت قادراً علي فهم طلبات المساعدة بذكاء ، وكلما أصبحت ذكيا في عطائك من أجل الإنسانية ، كلما أصبحت شريكاً سريعاً لآلاف الإسرائيليين الذين يحاولون خلق مجتمع أفضل .

وبعيداً عن علاقة الصدقة ، ودفتر الشيكات ، ربما تكون علاقة الصداقة أفضل صيغة للعطاء من أجل الإنسانية .

علي أيِّ حال ؛ وبالنسبة لنا نَحنُ الإسرائيليين ، فإن الصيغة العُليا للصداقة تكون أكثر أهمية من أي بذل ، فالهجرة بالنسبة لنا سواء الأخصائيين أو العلمانيين لا يُمكن أن يعادلها أكبر العطايا .

لقد قابلت كثيراً من اليهود ، أثرياء وغير أثرياء ، أثناء زيارتهم لإسرائيل ، ولكن قليلاً منهم هم الذين يفهمون ويدركون حقيقة فن العطاء ، بطريقة صحيحة ، فالكثرة لا يدرون ما يفعلون بعطيتهم الكبيرة ، ونستطيع أن نعلن للمهتم الجاد وغير المهتم ، بالتفاصيل باستثناء من يعطون لمجرد المباهاة .

وفي الختام:

لعلنا هنا وقفنا بإلقاء الضوء على هذا الكتاب الذي يعبر عن خلاصة الجهود اليهودية بأنواعها وأشكالها في العمل التطوعي؛ كما أننا في حلقات أخرى نسلط الأضواء على نماذج من هذه المؤسسات والتنظيمات ، ليقف معنا القارئ سواء كان مسؤولاً أو فرداً على المفارقات الواضحة بين العمل التطوعي في دولة الكيان اليهودي المغتصب ، وكيف استغلت هذه المنظمات لتدعيم موقف هذا الكيان وغنها جزء من قوة اليهود ، وفي المقابل كيف أن الدول العربية ضاقت ذرعا ً بآحاد من هذه الجمعيات الخيرية وحرمتها كثير من الامتيازات والحقوق ؛ بل لم تجعل سبيلاً إلى ترخيص المزيد من هذه المؤسسات والتي كانت دائماً وأبدا ً.



([1] ) الشيكل اليهودي أو ( الشيغل ) يعادل ريالاً سعودياً واحداً .

([2] )  : A M U T O T تعني قانون العمل التطوعي في دولة الكيان اليهودي المزعوم .

العدد الأول – مجلة بيت المقدس للدراسات

.