فتاوى فلسطينية / الجهاد في سبيل الله

حكم جهاد الفلسطينيين الحالي/ الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله

السؤال :ما تَقولُ الشريعةُ الإسلاميَّةُ في جِهادِ الفَلَسطينيينَ الحاليِّ هل هُوَ جِهادٌ في سَبيلِ اللهِ؟ أم جِهادٌ في سبيلِ الأرضِ والحُريَّةِ؟ وهَلْ يُعْتَبَرُ الجِهَادُ مِنْ أجلِ تَخليصِ الأرضِ جِهادًا في سَبيلِ اللهِ؟([1])

             

الإجابةُ: لقدْ ثَبَتَ لَدينا بِشَهادَةِ العُدولِ الثقاتِ، أنَّ الانتفاضَةَ الفَلَسطينيَّةَ والقائمينَ بِهَا مِنْ خَواصِّ المُسلِمينَ هُناكَ، وأنَّ جِهادَهُم إسلاميٌّ؛ لأَنَّهُم مَظلومونَ مِنَ اليهودِ ولأنَّ الواجِبَ عَليهِم الدفاعُ عَن دينِهِم وأنفِسِهِم وأهليهم وأولادِهم، وإخراجُ عَدوِّهِم مِنْ أرضِهم بِكُلِّ ما استطاعوا مِنْ قُوَّةٍ.

وقَدْ أخْبَرَنا الثِقاتُ الذينَ خالَطوهُم في جِهادِهِم وشارَكوهُم في ذَلِكَ، عَنْ حَماسِهِم الإسلاميِّ وحِرصِهم عَلى تَطْبيقِ الشريعَةِ الإسلاميَّةِ فيما بَينَهُم.

فالواجِبُ على الدُولِ الإسلاميَّةِ وعَلى بَقِيَّةِ المُسلِمينَ تَأيِيدُهُم ودَعْمُهُم لِيتَخَلَصوا مِنْ عَدوِّهِم ولِيَرْجِعوا إِلَى بلادِهِم، عَمَلاً بِقَولِ اللهِ عَزَّ وجلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴿١٢٣﴾ (التوبة 123)، وقولِهِ سُبْحَانَهُ وتعالَى: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ﴿٤١﴾ (التوبة 41)

، وقولِهِ عَزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿١٠﴾ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿١١﴾ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿١٢﴾ وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )﴿١٣﴾  (الصف : 10- 13)، والآياتُ في هذا المَعنَى كثيرةٌ.

وصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ (r) أنَّه قّالَ: (جاهدوا المُشركيَن بِأمْوالِكُم وأنفسِكُم وألسِنَتِكُم )([2])، ولأنَّهُم مَظلومونَ، فالواجبُ عَلى إخوانِهمِ المُسلِمينَ نَصْرُهُم عَلى مَنْ ظَلَمَهُم لِقولِ النَّبِيِّ (r): ( انْصُر أخاكَ ظالِمًا أو مَظلومًا، فقال رجل :  يَا رَسُولَ الله ِ: أنصره  إذا كان  مَظلومًا، أفرأيت اذا كان ظالِمًا كيف أنصره؟ قال: تَحْجُزُهُ أو تمنعه من الظُلْمِ فَإن ذَلِكَ نَصْرُه ) ([3])، والأحاديثُ في وُجوبِ الجِهَادِ في سَبيلِ اللهِ ، ونَصْرِ المَظلومِ ، ورَدْعِ الظالِمِ كَثيرةٌ جدًّا.

فَنَسألُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أنْ يَنْصُرَ إخوانَنَا المُجاهدينَ في سَبيلِ اللهِ في فَلَسطين وفي غَيْرِها عَلى عَدوِّهِم، وأنْ يَجْمَعَ كَلِمَتَهُم عَلى الحَقِّ، وأن يوفِقَّ المُسلِمينَ جَميعًا لِمُساعدتِهِم والوقوفِ في صَفِّهِم ضِدَّ عَدوِّهِم، وأنْ يَخْذُلَ أعداءَ الإسلامِ أينما كانوا ويُنْزِلَ بِهم بأسَهُ الذي لا يُرَدُّ عَنِ القَومِ المُجرمينَ، إنَّه سَميعٌ قريبٌ.

       

المصدر : موسوعة الفتاوي الفلسطينيةض85-86                                           


  


([1]) مجموع فتاوى ومقالات، الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رَحِمَهُ اللهُ ،(4/295-296)، ومجلة الدعوة الصادرة في (9 / 8 /1409 هـ ).

([2]) رواه أبو داود رقم (2504)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبو داود رقم (2504).

([3]) رواه البخاري رقم (6952) .

.