أنشطة المركز / للمركز كلمة

حينما تسرق الدموع !!

 

 

 

 

 

 

حينما تسرق الدموع !!

 

 

عيسى القدومي

 

نعم يمكن للمحتل أن يسرق الأرض والتاريخ  والآثار والمقدسات والمخطوطات والتراث بل والمأكولات، وهذا شيء حاصل في ظل الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، الذي عمد إلى السرقة والتضليل وقلب الحقائق عبر غارات من الأكاذيب والافتراءات والشبهات التي تتعرض لها عقولنا وأسماعنا وذاكرتنا.

وحينما يخفي الاحتلال إجرامه ومذابحه التي ارتكبتها عصاباته وما زالت ترتكبها في الكثير من القرى والمدن الفلسطينية؛ فهذا أيضاً حاصل لأنه أجاد السرقة والتحريف وتمثيل دور الضحية الذي حول صاحب الحق - وهم العرب والمسلمون وأهل فلسطين – إلى معتدين.

ولكن أن تسرق الدموع والمعاناة، وصورة الألم، فهذا أمر عجيب لم تشهد البشرية له مثيل ... نعم هو احتلال فريد من نوعه!! ولكن أن يصل الكذب والتحريف بأن تسرق صور المعاناة ليقولوا بأنها معاناتهم، وتسلب الدموع ليدعوا أنها دموع أطفالهم!!

وهذا ما حدث فعلا ً عندما قامت مؤسسة يهودية خيرية تدعى "مائير بانيم" التي تعمل في مجال إغاثة الفقراء في الكيان المحتل، باستخدام صورة لطفلة تبكي في إعلان إلكتروني نشرته على عدة مواقع، من بينها موقع المؤسسة ذاته، وموقع صحيفة "هآرتس" العبرية، تحت عنوان "أطعموا أطفال إسرائيل البؤساء الجائعين".

إلا أن مواقع لمدونين فلسطينيين أوضحوا أن الصورة لطفلة فلسطينية تبكي إثر فقدانها لعائلتها في غارة صهيونية على قطاع غزة في مطلع يناير 2009م، والتقطها لها المصور الفلسطيني فادي عدوان؛ حيث كان عدوان يشارك في جنازة خمسة من أقارب الفتاة استشهدوا في الغارة. الذي أوضح بأنه التقط الصورة في الرابع من يناير في العام 2009، في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وأخذت هذه الصورة أثناء توديع الطفلة لأقربائها الذين استشهدوا – نحسبهم كذلك والله حسيبهم – والدها وأخيها وعمها واثنين من أبنائه.

وبعد أن تنبهت مؤسسة "مائير بانيم" – الناشطة في عدد من الدول الأوروبية إضافة للولايات المتحدة والكيان اليهودي وتهدف لمد يد العون للفقراء اليهود عبر المساعدة في توفير الوجبات اليومية والسكن والعمل- قامت بتغيير الصورة.

فلم تكتف دولة العدوان بقتل عائلة تلك الفتاة وأعمامها وشعبها بل استكثرت عليها بكاءهم كأنهم لا يستحقون ذلك، ليسرقوا تلك الدموع وتلك الصورة ليزعموا بأنها تمثل المأساة التي يعيشها أطفال اليهود في أرض فلسطين!!

وكل يوم نزداد قناعة بأن لا طريق أمام اليهود إلا الاستمرار في الكذب والخداع ، وليس أمام المؤسسات اليهودية سواء كانت احتلالية أم كما أسموها مدنية أو خيرية- إلى حين نهوض الأمة الإسلامية من جديد - إلا الكذب والتحريف.

كما فعلت مائير بونيم Meir Panim والتي تعني بالعربية "الوجه المنير" ، والغريب أن توصف تلك المؤسسة الخيرية – زوراً وبهتاناً – بأنها الأكثر (احتراماً وأخلاقاً)! لدى (شعب الله المختار) وأصدقائهم وخاصة الغربيين من ذوي القلوب الرهيفة الرحيمة نظراً لرسالتها (الإنسانية السامية) وأعمالها الخيرية المذهلة.

 تلك المنظمة المنتشرة في أكثر من عشر دول غربية من لوكسمبورغ في استراليا وأمريكا بساحليها وكندا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. حيث وصلت أياديها البيضاء لدعم منكوبي هايتي، وضعت برامجها المميزة لإغاثة مستدامة لـ1631000 فقير يهودي في الأرض المحتلة بينهم أكثر من 780 ألف طفل يعيشون في فقر مدقع – على حسب زعمهم – وقامت صحيفة (نيو ستيتمنت) وبعض المدونات بالتنبه إلى هذه السرقة العلنية، وتابعت ( بي بي سي العربية BBC ) القضية طارحة تساؤلاً هاماً برسم كل الإعلام العربي: ألا تستحق هذه القضية أن تكون على الصفحات الأولى للصحف العربية. فالقضية ليست استخدام صورة بالخطأ وخاصة أن هآريتس (الإسرائيلية) والأندبندنت والتلغراف الأنكليزية نشروا الصورة للفتاة الفلسطينية أثناء حرب غزة.

نعم نحن على يقين أن تزييف الحقائق خُلُقٌ متأصل في نفوس اليهود وأتباعهم حيث قال فيهم البارى عز وجل: " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون" (البقرة/79)،  بل أن التزييف الأكبر الذي اقترفته اليهود هو عبثهم بالتوراة التي حرفتها أيديهم ؛ قال البغوي في تفسيره : وذلك أن أحبار اليهود خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فاحتالوا في تعويق اليهود عن الإيمان به فعمدوا إلى صفته في التوراة، وكانت صفته فيها : حسن الوجه ، حسن الشعر ، أكحل العينين ، ربعة ، فغيروها وكتبوا مكانها طوال أزرق سبط الشعر ، فإذا سألهم سفلتهم عن صفته قرؤوا ما كتبوا فيجدونه مخالفاً لصفته فيكذبونه وينكرونه " (تفسير البغوي 1/115).

حقاً إنكم يا يهود بارعون في الكذب والتخريف؛ وحقاً أن التحريف والتزييف صنعتكم التي تميزتم بها عن الخلق أجمعين ، وحقاً أنكم  زائلون كما زال ظلم الجبابرة على مر العصور .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

.