فلسطين التاريخ / تاريخ

المسلمون واليهود من النشأة إلى النهاية - الحلقة الأولى

 

 

 

المسلمون واليهود من النشأة إلى النهاية

 

الحلقة الأولى

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

وبعد:

     هذه حلقات نتكتبها في بيان تاريخ الصلة بين المسلمين وبين اليهود من بداية هذه الصلة إلى منتهاها . وسنمهد -بإذن الله تعالى- لهذه الحلقات بتمهيد لابد منه ،فقد وسمناه بـ :(إن الدين عند الله الإسلام).

      فنقول وبالله التوفيق..

    الدين لفظة في اللغة العربية - بكسر الدال المشددة - ، من كلمة الدين - بفتح الدال المشددة – والدين بالفتح علاقة بين دائن ومدين ، أستعير هذا المعنى من اللغويين على الدين بالكسر عند الشرعيين لبيان أن الدين:

     هو الصلاة والعلاقة بين المسلم وربه ، تفرض هذه العلاقة أمور يطبقها المسلم ويؤديها ، فيكون له عند ربه بتأديتها حقوق . وتسمى تلك الأمور بـ:(الواجبات).

      وأخذ العلماء هذا التعريف من حديث معاذ عند مسلم حينما قال : كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم – فسألني : أتدري يامعاذ ما حق الله على العباد ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال - صلى الله عليه وسلم - : أن يعبدوه ولايشركوا به شيئا ، ثم سألني : اتدري ما حق العباد على الله يامعاذ ؟ قلت الله ورسوله أعلم قال - صلى الله عليه وسلم - : أن يدخلهم الجنة .

    فهذه هي الواجبات وتلك هي الحقوق التي وعد الله - تعالى – في النور حيث قال : (وعد الله الذين آمنوا ليستخلفنهم في الأرض........إلى أن قال : يعبدونني لايشركون بي شيئا)

    هذا الدين أنزله الله - تعالى – من السماء إلى الأرض ، فما أرسل رسولا إلا به ، فقد قال - تعالى – لنبيه -صلى الله عليه وسلم :(وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون).

    ولهذا فما جاء رسول أو ما أرسل رسول إلا بالإسلام ، فقال - تعالى – عن إبراهيم عليه السلام :

(وما كان إبراهيم يهوديا ولانصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما ولم يكن من المشركين)

 وعن يعقوب عليه السلام:( وإذا حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ماذا تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك ابراهيم وإسحاق ونحن له مسلمون).

 وعن يوسف عليه السلام في دعائه : (رب توفني مسلما وألحقني بالصاحين).

 وعن سليمان عليه السلام حينما قالت ملكة بلقيس:(إني أسلمت مع سليمان لرب العالمين).

 وعن موسى عليه السلام :(إنا أرسلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا).

وعن عيسى عليه السلام:(فلما أحس عيسى منهم الكفر........إلى أن قال الحواريون:آمنا به واشهد بأنا مسلمون).

ولهذا حكم الحق تبارك وتعالى:(إن الدين عند الله الإسلام).

    ولكن أهل الأرض اختلفوا فمنهم من اتبع الرسل وآمن بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، ومنهم من كفر وحاد عن الرسول وعن الإسلام . فصرفوا عبادتهم إلى غير الله - تعالى- وحولوا تلك الصفة لغيره - سبحانه - ، واعتقدوا أنهم على صواب ،فحكم عليهم الحق - تبارك وتعالى - : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ).

   صرفوا الصلة والعلاقة التي كان يجب عليهم ألا تصرف إلا له - جل في علاه – لغيره سبحانه، واعتقدوا أن هذا دين حق ، فحكم عليه الحق تبارك وتعالى بانه دين باطل.

إذا يجب أن نعلم أن الله - تعالى – فرض على اهل الارض اتباع الرسل ، لأن هذا تحقيق لغاية الخلق :

(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).ويروى عن ابن عباس في تفسيره هذه الآية:(أي: يوحدون).

فمن توحيد الله - تعالى – إفراده في الوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ، والأخيرة هذه منها صفة فعلية ثابتة لله - تعالى – هي صفة : (إرسال الرسل).قال الله - تعالى – في الشورى: (وما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء).

   فمن واجب المسلم أن يتبع رسل الله - تعالى – لأن ذلك توحيدا لأسمائه وصفاته ،وعلى ماتقدم يجب على كل من تبقى  أهل الرسالة التي جاءت مع رسولهم إلى حين مجئ رسول آخر برسالته أن يتبعوه ، وفي هذا يقول نبينا –صلى الله عليه وسلم- لعمر رضي الله عنه :(لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي).

   فلا يحق لأحد أن يؤمن برسول مضى وقد حان وقت رسول جديد ، فكلهم من عند الله –تعالى- ، فما الذي حملك أن تؤمن برسولك ولم تؤمن بالرسول الجديد؟

  ولهذا لما كذبت قبيلة عاد رسولهم حكم الحق -تبارك وتعالى – بأنهم كذبوا كل الرسل،قال تعالى :

(كذبت عاد المرسلين) ، ومن حميم الدين أن تؤمن  بكل الرسل ، قال – تعالى- :(آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله). وفي سؤال جبريل عند مسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- حينما سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الإيمان ،أجابه – صلى الله عليه وسلم- بقوله:"أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر"

  فهذا هو الدين ،إذ يجمل النبي – صلى الله عليه وسلم- هذا كله في قوله :"مثلي ومثل الأنبياء من قبيلي كمثل رجل بنى بيتا ، إلا موضع لبنة ، فانا اللبنة". صلى الله عليك وسلم يارسول الله.

    إذن...

            طالما ا ن الأمر كما ذكر فمن أين اتت هذه المسميات:

            مسلمون-يهود – نصارى-.......الخ؟

نقول : من عبد الله بحق على ما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم –فهو المسلم الحق ، الذي تلقى هذه الديانة من ربه تعالى كما امر بها. فهو المسلم الحق.

أما من ادعى أنه يؤمن برسوله الذي زعم أنه أنزل عليه زورا أو بهتانا ، وما آمن بالرسول الذي جاء من بعده ، فهنا ليس بالمسلم بل مطالب بأنه كما آمن برسوله أن يؤمن بالذي بعده – صلوات الله وسلامه على جميع رسله -.

  وقد يخرج سؤال من متفلسف يقول:فلو جاء رسول بعد محمد – صلى الله عليه وسلم – هل يجب علينا أن نؤمن به؟!

   نقول:إن من حميم ما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم –أنه قال:"أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي"،وقال:"كل رسول أرسل إلى قومه خاص وأرسلت إلى الناس عامة"،وأكد الحق –تبارك وتعالى- على هذه حينما قال :(وما أرسلناك إلاللناس كافة).

فيوجب اتباع النبي – صلى الله عليه وسلم – جملة وتفصيلا ، مع الإيمان بكل الرسل السابقين  جملة فقط ؛لأنه أجملت رسالات السابقين في رسالة محمد – صلى الله عليه وسلم-، فقد روى أبو ذر الغفاري – رضي الله عنه- : كم كتاب ارسل علينا ربك ؟ فقال – صلى الله عليه وسلم-:"مائة وأربعة كتب، وأجملهم في ثلاثة :في التوراة والانجيل والقرآن ،وأجمل الثلاثة في القرآن وأجمل القرآن في الفاتحة".وكانت هذه الرواية من أسباب تسمية الفاتحة بـ:السبع المثاني ،لأن آياتها ثنيت في القرآن وفي كتب السابقين.

   ولقد ذكر الله تعالى من هذه الكتب في القرآن خمسة أو أربعة على الخلاف ، وهم:صحف إبراهيم ، وصحف موسى وقيل أنها التوراة ، وهذا موضع الخلاف ، وذبور داوود ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى ،وقرآن محمد صلى الله وسلم على الجميع.

  فيوجب عليك أيها الإنسان إن اتبعت رسول أن تؤمن بالباقي ، وبالأخير خصوصا ، كيف لا؟ وقد هيمن برسالته على كل من سبق ، ألم تسمع قوله – تعالى – في صدر آل عمران : (الم ،الله لاإله إلا هو الحي القيوم ، نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدي للناس وأنزل الفرقان........الآيات).

هنا صدق لما بين يديه ثم أنزل الفرقان ، وآيات أخرى هيمن على ماأنزل من قبله من كتب. فالفرقان هو الكتاب الخاتم ، الذي ختم به الله – تعالى- كل الكتب وكل الرسالات .

   لهذا وجب اتباع الرسول الخاتم  محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم- ، الذي جاء مهيمنا على من سبقه من إخوانه الرسل وبرسالته الخاتمة التي جاء فصدقت بما قبلها وهيمنت عليه ، فكل مايريده الإنسان من دين أو دينا قديما وحديثا سيجده في هذه الرسالة الخالدة.

     والسؤال هنا!!

        متى بدأت وكيف بدأت ، أو ماهو تاريخ بني يهود على الأرض؟

        وهل هم على ما بدأوا به؟ وهل هم على إيمانهم برسولهم وكتابهم؟

أسئلة كثيرة جدا نجيب عليها في حلقات قادمة – إن شاء الله وقدر-،سائلين الحق تبارك وتعالى التوفيق والسداد والعون، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وسلم.

 

 

كتبه

الشيخ د.أحمد منصور سبالك

عميد معهد القرآن والحديث للدراسات الإسلامية والعربية

وعضو في لجنة الفتوي بمراكز إسلامية عديدة

وعضو جبهة علماء الأزهر الشريف

 

.