فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

الكيان اليهودي ... وحرب المياه !!

الكيان اليهودي ... وحرب المياه !!

 

ما بعد الجدار العازل ، وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية ، وانتشار الحواجز اليهودية كخلايا سرطانية تذيق من أراد التنقل طعم العذاب والإذلال ؛ أتت قضية نقص المياه لتضيف معاناة حقيقية قد تقضي على مستقبل وجود الفلسطينيين على أرضهم . 

 فمع تدهور الحالة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية ، أضاف اليهود معاناة جديدة ألا وهي معاناة نقص الماء ، فبعد سلب الأرض .. وسلب المياه التي عليها ... ابتكروا الطرق في سلب المياه الجوفية فحفروا ما يقارب 300 بئر مياه من الخزان الجوفي الشمالي - الشرقي في الضفة ، ضمن سياسة استيطانية هادفة إلى بسط السيطرة على أكبر مساحة أرض وعلى كل مصادر المياه .

ولا شك أن اهتمام الكيان اليهودي بالموارد المائية يعود لعقود عديدة ، فمنذ أن أرسلت البعثة البريطانية لمسح أراضي فلسطين في عام 1906م لتمكين اليهود على أرضها ، واستلاب أكبر قدر ممكن من المياه ومواردها  ؛ وهذا ما حصل فعلاً عندما أعلن الكيان اليهودي قيام دولته على مساحة 77 %  على أخصب أراضي فلسطين وأكثرها وفرة بالمياه ، وتعدى الأمر بالمطالبة بجبل الشيخ باعتباره "أبو المياه" في فلسطين ، وهذا ما صرح به بن غوريون - أول رئيس وزراء للاحتلال – بقوله : " يجب السيطرة على المنابع المائية في فلسطين " .

وكان الماء - الذهب الأزرق - دافعاً أساسياً للكيان اليهودي لشن حرب عدوانية 1967م وتحقق له الهدف ، حيث احتلت مصادر المياه لكل من نهر الأردن ومرتفعات الجولان، وبعدها نهر الليطاني ، فسيطر الاحتلال على ما نسبته 75 % من مصادر مياه الأراضي المحتلة.

فكانت النتيجة  53% من مياه الضفة الفلسطينية وروافد نهر الأردن، 22 % من مياه هضبة الجولان، وبعد غزوها لبنان 1982 حولت مياه نهر الليطاني في لبنان إلى الجليل، لتعلن رسمياً عام 1991 أن المياه في الأراضي العربية المحتلة هي جزء من "إسرائيل"!!

فالمياه الفلسطينية باتت ومنذ نشوء الكيان الصهيوني الغاصب، هدفاً مركزياً للأطماع الصهيونية تحت شعار "الأمن المائي في المقدمة" و"مدافع الدبابات الإسرائيلية يجب أن تتجاور مع أنابيب المياه" .   

 

وهذا ما أكده معهد المياه والبيئة في جامعة الأزهر في مدينة غزة ، ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، في تقرير لهما بمناسبة يوم المياه العالمي : " أن إسرائيل لا تزال - ومنذ اللحظة الأولى لتأسيسها - تتحكم في جميع مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية ... وإن الأراضي الفلسطينية ستواجه أسوأ أزمة مائية، منذ 10 سنوات، بسبب حالة القحط وشح الأمطار وارتفاع الاستهلاك المنزلي من المياه بالنسبة للإسرائيليين الذين يعيشون في مستوى معيشي مرتفع " .

وكشف التقرير " أن المغتصب اليهودي يفوق استهلاكه للمياه بـ16 ضعفاً استهلاك المواطن الفلسطيني، ففي حين يقل نصيب الفرد من المياه في قطاع غزة عن 90 لتراً، يصل نصيب الفرد في دولة الاحتلال إلى 350 لتراً. كما أوضح أن المستوطنات الإسرائيلية تلعب دوراً رئيساً في تلويث المياه الجوفية في الأراضي الفلسطينية، حيث أن جزءاً من مياه الصرف الصحي لها يتسرب إلى الأودية والأراضي الزراعية المجاورة، ما يؤدي إلى تلويث المياه الجوفية والتسبب في أضرار خطيرة على البيئة والزراعة وصحة الإنسان، فضلاً عن أن نحو 34% من المياه العادمة غير المعالجة والناتجة عن نشاط المغتصبين في الضفة الغربية يتسرب بعضها مباشرةً إلى الأودية" .

كما جاء في التقرير " أن 90% من المياه المنتجة في قطاع غزة تعاني من نسبة ملوحة عالية جداً، وكمحصلة طبيعية، أسفرت هذه السياسة عن توقف واضطراب تشغيل وصيانة جميع مرافق المياه والصرف الصحي في قطاع غزة والبالغ عددها 180 مرفقاً، منها 140 بئر مياه، و37 مضخة مياه وصرف صحي، و3 محطات معالجة مياه صرف صحي ".

 وبات الكيان اليهودي اليوم يسيطر على أكثر من 80 % من مجموع المياه الجوفية المخزونة ، وعلى أكثر من ثلث مياه الضفة الفلسطينية أي حوالي 500 مليون متر مكعب معتمدة على بدعة استعمارية تقوم على "فصل الأرض عن السكان" حسب ما جاء في "مشروع الحكم الإداري الذاتي".

 

الحرب القادمة حرب المياه :

وما زالت السياسة الصهيونية تستهدف مصر بمحاولة زيادة نفوذ الكيان الصهيوني في الدول المتحكمة في مياه النيل من منابعه ، فمنذ بداية تسعينيات القرن الماضي، والعديد من التقارير تشير إلى أن الكيان الصهيوني يساعد دول المنابع في بناء السدود على روافد النيل من أجل تصميم نظم جديدة للري تقلل من تدفق المياه لمصر.

وبرزت مخاطر التغلغل اليهودي في دول حوض النيل، خصوصًا في أثيوبيا؛ والتي تمتد لتشمل دول حوض النيل الأخرى التي شهدت علاقاتها مع الكيان الصهيوني تنامياً ملحوظاً منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي. ويُقدَّر أن هذه العلاقات أصبحت مساوية في نفس درجة الخطورة لنظيرتها مع أثيوبيا.

فالحرب القادمة ستكون حرب المياه، المرشحة لإشعال الحروب في منطقة المشرق الإسلامي -" الشرق الأوسط " - وفقاً لتحليل دوائر سياسية عالمية ، خاصة أن أغلب الأقطار العربية لا تملك السيطرة الكاملة على منابع مياهها ؛ فأثيوبيا وتركيا وغينيا وإيران والسنغال وكينيا وأوغندا وربما زائير أيضاً هي بلدان تتحكم بحوالي 60% من منابع الموارد المائية للوطن العربي !!

 

عيسى القدومي

.