فلسطين التاريخ / أعلام بيت المقدس

نبذة من سيرة: ضياء الدين بن عبدالواحد المقدسي

هو الحافظ الكبير ضياء الدين أبو عبدالله بن أبي أحمد محدث عصره ووحيد دهره وشهرته تغني عن الإطناب في ذكره والاشتهار في أمره. وهو ابن أخت الشيخ الموفق وأبي عمر. ولد في خامس جمادى الآخرة سنة تسع وستين وخمسمائة، وسمع الحديث من علماء دمشق ورحل إلى مصر وسمع من علمائها ثم رجع إلى الشام وارتحل إلى بغداد وسمع من علمائها الكثير ورحل مرتين إلى أصبهان وسمع بها ما لا يوصف كثرة، وكتب بخطه الكثير من الكتب الكبار وغيرها، ويقال: إنه كتب عن أزيد من خمسمائة شيخ، وحصل أصولاً كثيرة، وأقام بهراة ومرو مدة وله إجازة من السلفي وشهدة.

 

      قال ابن النجار: كتب عنه ببغداد ونيسابور ودمشق، وهو حافظ متقن ثبت ثقة صدوق نبيل حجة، عالم بالحديث وأحوال الرجال، له مجموعات وتخريجات، وهو ورع تقي زاهد عابد محتاط في أكل الحلال، مجاهد في سبيل الله، ولعمري ما رأت عيناي مثله في نزاهته وعفته وحسن طريقته في طلب العلم. وقال عمر بن الحاجب: شيخنا أبو عبدالله شيخ وقته ونسيج وحده، علماً وحفظاً وثقة وديناً، من العلماء الربانيين ، وهو أكبر من أن يدل عليه مثلي، كان شديد التحري في الرواية، مجتهداً في العبادة، كثير الذكر منقطعاً عن الناس، متواضعاً في ذات الله، سهل العارية، رأيت جماعة من المحدثين ذكروه فأطنبوا في حقه، ومدحوه بالحفظ والزهد. قال: سألت ابن الزكي البرزالي عنه: فقال: ثقة جبل، حافظ دين. وقال الشرف ابن النابلسي: ما رأيت مثل شيخنا الضياء وقال أبو اسحق الصريفيني: كان الحافظ الزاهد العابد ضياء الدين المقدسي رفيقي في السفر وصاحبي في الحضر، وشاهدت من كثرة فوائده وكثرة حديثه وتبحره فيه!!

 

      ونقل الذهبي عن الحافظ المزي: أنه كان يقول: الضياء أعلم بالحديث والرجال من الحافظ عبد الغني، ولم يكن في وقته مثله. وقال الذهبي: الإمام العالم الحافظ الحجة محدث الشام، وشيخ السنة، ضياء الدين، صنف وصحح ولين وجرح وعدل، وكان المرجع إليه في هذا الشأن. وقال الشريف أبو العباس الحسيني: حدث بالكثير مدة وخرّج تخاريج كثيرة ومفيدة، وصنف تصانيف حسنة، وكان أحد أئمة هذا الشأن، عارفاً بالرجال وأحوالهم والحديث وصحيحه وسقيمه، ورعاً متديناً طارحاً للتكلف. وقد بنى مدرسة للمحدثين والغرباء الواردين ، مع الفقر والقلة وكان يبني منها جانباً ويصير إلى أن يجتمع معه ما يبني به ويعمل فيها بنفسه، ولم يقبل من أحد فيها شيئاً تورعاً، ووقف عليها كتبه وأجزاءه وكان ملازماً لجبل الصالحية قبل أن يدخل البلد أو يحدث به. ومناقبه أكثر من أن تحصر رحمه الله رحمة واسعة. .