فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
شهادات جنود الاحتلال عن جرائمهم بحق الفلسطينيين
التاريخ: 3/5/1432 الموافق 07-04-2011
يكشف كتاب عبري جديد أن جيش الاحتلال مارس مختلف صنوف الانتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين التي تنم عن عقلية سادية مريضة معبأة بالكراهية والاستعلائية وبلادة الإحساس حوّل الاحتلال أصحابها وحوشاً آدمية كما يعترف الجنود أنفسهم .
ويشتمل الكتاب ( “احتلال المناطق، شهادات جنود 2000- 2010” بمناسبة مرور 10 أعوام على اندلاع الانتفاضة الفلسطينية”)، شهادات لمئات الجنود والجنديات من جيش الاحتلال لمندوبي منظمة “فلنكسر الصمت” التي تولت إعداده ونشره .
وتكشف هذه الشهادات “أساليب العمل” التي تتبعها قوات الجيش “الإسرائيلي” في الضفة الغربية وقطاع غزة وتأثيرها في السكان الفلسطينيين أساسًا، وكذلك في الجنود أنفسهم وعلى المستوطنين اليهود .
وفي واحدة من هذه الشهادات التي ترد في 384 صفحة، يقول أحد الجنود في شهادته:
“في الثالثة فجراً اقتحمنا طوباس (محافظة نابلس)، وبدأنا برمي القنابل الصوتية بالعشرات في شوارع المدينة . ما من هدف محدّد سوى تخويف الناس، وتأكيد أن الجيش “الإسرائيلي” موجود هنا . كنا نشاهد السكان يفيقون مذعورين على أصوات القنابل . قال لنا الضبّاط إن تلك القنابل تسهم في فرار المخربين المحتملين . . . وهذا كلام فارغ! لكننا كنا نفعل ذلك كل ليلة، وكانوا يهنئوننا ويقولون لنا إنها كانت عمليات جيّدة، ولم نكن نفهم لماذا” .
أما الشهادة التي تحمل رقم 2 فيقول صاحبها: “لم نكن نعرف أن هناك تقليداً معيناً لدى المسلمين خلال شهر رمضان يقضي بتجوال أحدهم في الشوارع وهو يقرع على الطبل عند الرابعة فجرًا لتنبيه الناس إلى وقت السحور . وهكذا فإنه في إحدى ليالي رمضان في نابلس شاهدنا مسحراتي فصرخنا به كي يقف، وعندما بدأ بالهرب شرعنا بإطلاق النار عليه حتى أرديناه، مع أن القواعد العسكرية تقول إنه في مثل هذه الحالات، كان يجب علينا أن ننذره أولاً وندعوه إلى التوقف، وإذا لم يمتثل نطلق رصاصة في الجوّ ثم بين الرجلين . لكن لم يتبع أحد تلك القاعدة وكنا نقتل فورًا . وهكذا اغتلناه بسبب جهلنا بتقاليد الفلسطينيين المحليّة”
وعلى غرار جرائم الجيش يرتكب المستوطنون فظاعات مماثلة كما يتجلى في شهادة رقم 3: “قرر المستوطنون (اليهود) مهاجمة بلدة مجاورة لنابلس . إنهم مسلحون ويهجمون على منازل الفلسطينيين بالحجارة والعصي والسلاح . وقد تم إرسالنا إلى هناك . كانت مهمّتنا حماية المستوطنين . ولذا كنا نُزجّ بين السكان العرب المرعوبين والمصابين بالدهشة من جراء الهجوم وبين مستوطنين من واجبنا حمايتهم . يحاول أحدنا ردع أحد المستوطنين فيتلقّى ضربات وتسمع طلقات نار، ويسود جوّ من الذعر والفوضى وتخرج الأمور عن سيطرتنا، وتنتهي الحادثة بجرح عدد من السكان الفلسطينيين” .
يشار أن منظمة “فلنكسر الصمت” بدأت نشاطها في هذا الحقل قبل أكثر من ستة أعوام من خلال معرض صور لعدد من الجنود “الإسرائيليين” الذين أدوا خدمتهم العسكرية في مدينة الخليل إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية .
وكان المبادر إلى تنظيم المعرض يهودا شاؤول الذي أدى خدمته العسكرية في الفرقة 51 التابعة للواء ناحال في الخليل، بداية كجندي ومن ثم كقائد للفرقة . وقد قام بجمع صور التقطها بنفسه في أثناء خدمته مع صور التقطها جنود آخرون وتم عرضها في معرض “ فلنكسر الصمت” عُرض في تل أبيب وقتها .
ووفقًا لما يؤكده شاؤول وزملاؤه فإن الهدف الرئيس من المعرض في حينه تمثل أكثر شيء في “استجلاب الخليل الخاصة بهم إلى قلب مدينة تل أبيب”، التي وصفوها بأنها أشبه بالفقاعة التي يعيش فيها أشخاص لا يعرفون أو لا يأبهون بما يجري على بُعد عشرات الكيلومترات منهم في قلب مدن الضفة الغربية وبلداتها وقراها ومخيماتها .
وفي شهادات أخرى يفضح الجنود ما يجري على الأرض: قنابل صوتية في الثالثة فجرًا، إرغام قرية (فلسطينية) على الأرق، نائب قائد الفرقة (العسكرية) يعتدي بالضرب على أسير مكبّل، قائد الفرقة يستعمل الشاب (الفلسطيني) درعاً بشرية .
وفي شهادة مروعة أخرى يقول شاؤول: “كنا نرسل الجيران لتفكيك عبوات ناسفة، لم أصدّق أن أوامر قتل البشر تُنفّذ في ظرف دقيقة واحدة، حكم بالإعدام على شخص غير مسلح، القائد يأمر بإطلاق النار على الأشخاص الذين حاولوا انتشال الجثث، أردى ولدًا في ال 11 من عمره، هذا ما شرحه القائد لنا: “عندما تتعثرون بجثة ضعوا فوهة البندقية بين فكي الأسنان وأطلقوا النار”، “الهدف هو أقصى حدّ من القتلى”، قالوا للقوة العسكرية أن تطلق النار على جميع الموجودين في الشارع، “كل ولد تشاهدونه مع حجر، أطلقوا النار عليه بهدف القتل”، يمكنك أن تفعل ما تشاء فلن يسألك أحد عما فعلت، أطلقنا النار من مدفع رشاش على سيارة إسعاف، القائد قال لنا: “أريد جثثاً مثقوبة بالرصاص”، القائد يؤكد: “مكانتكم مرهونة بكمية الأشخاص الذين تقتلونهم”، عقوبة قتل ولد: مئة شيكل، قتلنا أربعة أطفال “فقط”، كنا نسرق ما تطوله أيدينا من المنازل، قتلنا أفراد شرطة غير مسلحين، كانوا يغلقون الدكاكين كعقاب جماعي، لم أكن أعرف أن هناك طرقاً خاصة لليهود، حاجز لبتر الحياة، ما هذا إن لم يكن غيتو، العبور غير مسموح للفلسطينيين، منطقة عسكرية مغلقة كل يوم جمعة، “أنا مجرّد برغي في آلة”، لا تسمح لسيارات الإسعاف بعبور الحاجز، أغلقنا أمامه الطريق إلى العمل، نخترق أوردة السكان، المهمة: تشويش حياة السكان، كان الطابور غير منتظم فأطلق الجندي عيارات نارية في الهواء، قالوا لنا: “جففوهم”، تسببت بأن يقضي حاجته في بنطاله، أحد العمال لقي حتفه “معساً” في الحاجز، نتدرب في مركز القرية في منتصف الليل، صادرنا المفاتيح والسيارات، كانت المهمة: حماية فلتان المستوطنين، المستوطنون يتجولون في القصبة ونحن نزيح الفلسطينيين من طريقهم، ممارسات لا تصل إلى وسائل الإعلام مطلقاً، على الرغم من كونها مسنة إلا أن أبناء الشبيبة (شبيبة المستوطنين) أوسعوها ضربًا، الجيش لا يستطيع كبح المستوطنين، إغلاق أماكن للفلسطينيين من دون أوامر” .
وفي رأي القيمين على الكتاب فإن أهمية الشهادات كامنة في أنها تسرد بتفصيل غير مسبوق “مبادئ” السياسة “الإسرائيلية” في المناطق الفلسطينية المحتلة، وما تسفر عنه من نتائج حقيقية في الميدان . وهم يتطلعون إلى أن يكون في وسعها أن “تطلق جدلاً جادًا في “إسرائيل” حول أداء الجيش “الإسرائيلي”، مؤكدين أن “في رأس الجنود “الإسرائيليين” كليشيهات عديدة عن الفلسطينيين، وهذا يؤدي إلى ارتكابهم ممارسات عمياء”، في وقت “لا الجيش ولا المجتمع المدني ولا السياسيون في “إسرائيل” يريدون رؤية الحقيقة ومواجهة الواقع”، على الرغم من تسببهم كلهم ب “إيجاد وحش اسمه الاحتلال” .
كما أشير إلى أن منظمة “فلنكسر الصمت” قامت بالتحقق من الوقائع الواردة في جميع الشهادات، ومن ثم قامت بغربلتها، وفي نهاية الأمر تم نشر 183 شهادة من بين ما يقارب 700 شهادة جرى جمعها في مجرى التحضير لهذا الكتاب . بالمجمل تؤكد الشهادات وفق إجمال المحررين، أن ممارسات الجيش “الإسرائيلي” في المناطق المحتلة التي يجري إشهارها على أنها ممارسات دفاعية لا تمت بأي صلة إلى عنصر الدفاع، بل إنها تهدف بصورة منهجية إلى تدمير المجتمع الفلسطيني، وإلى إحباط أي إمكان لتحقيق الاستقلال الفلسطيني . ولا يقل خطورة عن ذلك أن التفكير السائد لدى أوسع قطاعات الشعب “الإسرائيلي” هو أن السيطرة على المناطق المحتلة تهدف إلى الدفاع عن أمن مواطني “إسرائيل” لا أكثر، غير أن الشهادات التي أدلى بها مئات الجنود والجنديات في الجيش “الإسرائيلي” بناء على تجربتهم العملية في أثناء الخدمة العسكرية، تفنّد هذا الهدف جملة وتفصيلاً، وتسلط مزيدًا من الضوء على ممارسات الاحتلال الوحشية التي تحوّل الذين يقومون بها إلى وحوش آدمية .
المصدر: دار الخليج