فلسطين التاريخ / الانتفاضة والأسرى والمعتقلين
تقرير: الضفة وغزة.. تعذيب حتى القتل وضحايا جدد

المختصر / لم يعد "الرصاص الشقيق" أداة القتل الوحيدة بين الفلسطينيين، ولم يعد الاعتقال السياسي وحده وسيلة لتبادل الرسائل بين سلطتين تحكمان أرضا لا سيادة لهما عليها، بل أصبح التعذيب الشديد حتى الموت أداة شائعة لبث رسائل التخويف لشعب عانى ويلات الاحتلال.
ومع ازدحام القائمة بضحايا الانقسام وردات الفعل بين الضفة وغزة، بات الكل يسأل: هل هناك ما يبرر التعذيب حتى الموت وحرق أجساد مواطنين تجرعوا المرارة على يد الاحتلال؟ ويسألون أيضا: متى تنتهي هذه المأساة؟ ومن يعلق جرس وقف الاعتقالات السياسية والتعذيب؟ والجواب دائما عام: عندما ينتهي الانقسام.
تعذيب ووفاة
الأسبوع الماضي وحده شهد انضمام اثنين من المعتقلين لقائمة ضحايا التعذيب، أحدهما محمد الحاج (30 عاما) الذي توفي الاثنين الماضي في زنزانته بمقر الأمن الوقائي في جنين شمال الضفة الغربية، والآخر جميل شفيق شقورة (51 عاما) من سكان مخيم خان يونس، وتوفي الجمعة بعد تعرضه للتعذيب على أيدي أفراد أجهزة الأمن كما ذكر أقاربه.
"
الأسبوع الماضي وحده شهد انضمام اثنين من المعتقلين لقائمة ضحايا التعذيب، أحدهما محمد الحاج توفي الاثنين في جنين، والآخر جميل شفيق شقورة من مخيم خان يونس، وتوفي الجمعة
"
كل الشواهد وإفادات المقربين من الضحايا التي وثقتها المؤسسات الحقوقية تؤكد تعرضهم للتعذيب الشديد ووفاتهم نتيجة ذلك، بخلاف إفادات الجهات الرسمية في كل من الضفة وغزة.
بعد كل حادثة وفاة، يُعلَن عن تشكيل لجان للتحقيق، بعضها تعلن النتائج التي توصلت إليها وبعضها الآخر لا يعلن. وقبل أقل من عام أُعلن عن تشكيل لجنة لزيارة السجون وإنهاء ملف الاعتقال السياسي، لكنها حلت نفسها لعدم تعاون الأجهزة الأمنية.
المحلل السياسي طلال عوكل في حديثه للجزيرة نت يؤكد انتشار التعذيب حتى الموت، واستمرار سقوط الضحايا في السجون الفلسطينية، وقمع الحقوق على أساس سياسي، محذرا من "ويلات كثيرة قد تجرها هذه السياسة".
ولا يجد عوكل أي مبرر لحالات التعذيب والقتل لأنه "لا يوجد قانون يجيز التعذيب حتى القتل لانتزاع الاعترافات أو غير ذلك" معتبرا أن ما يجري "إساءة صريحة لرسالة الفلسطينيين وخطابهم في ظل الاحتلال".
ثم يجد نفسه مضطرا للتساؤل "ماذا نقول للعالم عن التعذيب الذي تمارسه إسرائيل بحق أكثر من 11 ألف أسير، حقا هذا يؤثر سلبا على رسالتنا الأخلاقية، وحقوق الإنسان الفلسطيني وصموده".
ولا يعتقد المحلل السياسي بوجود نهاية لهذه المأساة معتبرا أن كل ما يجري من محاولات مجرد شعارات وخطابات لأنه "ما لم نذهب للحوار وننهي الأزمة السياسية وأزمة الانقسام ستظل هذه الحالة قائمة، وجميع المساعي لوقفها غير مجدية".
ومع ذلك أشار إلى اقتراحات ومحاولات لتشكيل لجنة توافق عليها جميع الأطراف لمتابعة السجون والتحقيق في مختلف القضايا وإنهاء هذا الملف، لكنه ربط نجاح هذه الجهود باستعداد الأطراف المعنية للتجاوب مع تلك المساعي.
ضحايا القواعد
"الذي يدفع الثمن دائما هم ضحايا من القاعدة الشعبية للفصائل المتصارعة، ليس لهم ظهور في العادة، ولو كان بينهم سياسيون كبار أو شعر أحدهم بتهديد يقترب منه أو من ابنه لتوقف كل شيء" هذا ما يراه حسن خريشة القائم بأعمال أمين سر المجلس التشريعي.
وأعرب النائب المستقل عن أمله في أن تكون وفاة الحاج فاتحة لانتهاء ملف الاعتقال السياسي مرة واحدة وللأبد، مضيفا أنه من غير المعقول أن يحدث هذا بسجون السلطة وأن تتكرر هذه الحالات سواء بالضفة أو غزة.
ويرى خريشة أن المخرج هو إدراك الطرفين (فتح) و(حماس) بضرورة أن ينتهي هذا الأمر، مشيرا إلى استمرار العمل على تشكيل لجنة تحقيق بالتعاون مع الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان.
لكنه أضاف أن الإرادة السياسية غير موجودة "وبالتالي على الأغلبية الصامتة أن ترفع صوتها ولا تخاف من أية إجراءات قد تطالها".
المصدر: الجزيرة نت