دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

فقه العبودية في القضية الفلسطينية

فقه العبودية في القضية الفلسطينية

أيمن الشعبان

@aiman_alshaban

خَلَق اللهُ سبحانهُ الجن والإنس لعبادته وحده لا شريك له، ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)[1]، وبَسطَ الأرض ومَهَّدها وذلَّلها وسَخَّرَ ما فِيها لبني آدم وجَعلهم عُمَّارًا لها لتحقيق هذا الأصل، (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)[2].

ربنا سُبحانه وتَعالى العليم الخبير، الحكيم القدير؛ لحكمةٍ بالغةٍ يَصطفي من خلقه ما يشاء، ويخُصُّ بعض البقاع والأمكنة والأوقات والأزمنة بمزيد فضلٍ دون غيرها، (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)[3].

أَولّ بقعة على وجه الأرض عَرفت التَّوحيد مكة المكرمة، ولتحقيقِ العبودية التَّامة المطلقة للهِ سُبحانَه وُضِعَ المسجد الحرام كأول بيتٍ تُقام فيهِ شَعائر الله، (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)[4]، والمراد بالبيت بيت العبادة لا مُطلق البيوت، قاله الحافظ رحمه الله.[5]

أَفضل الخلق اصطفاءً الأنبياء، وأجلّ وأعظم واجبٍ عليهم الدَّعوة إلى التَّوحيدِ وعِبادة الله، وخير ما يتحقق في البقاع التي شَهدت نزول الوحي، ونشأ وعَاش وتقرب إلى الله فيها الأنبياء والمرسلين، من هنا برزت أهمية وعِظم ومكانة البقعة المباركة والأرض المقدسة والمدينة الطيبة؛ بيت المقدس.

ارتبطت بلاد الشام عمومًا، وبيت المقدس خصوصًا، برسالة السماء ودعوة الأنبياء، ارتباطًا وثيقًا متينًا، منذ أن خلق الله الخليقة، مرورًا بمراحل الزمان وتعاقب الأيام، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، إذ تُعتبر مرتكز الصِّراع ومحور المدافعة، التي يُحسم فيها لأهل الحق في نهاية الزمان.

المسجد الأقصى ثَاني مَسجدٍ وُضع في الأرض

يَبدأ التأصيل الشرعي والبعد العميق والفهم الدقيق، لمبدأ تحقيق العبودية في تلك الأرض الأبية، مع بداية بناء المسجد الأقصى كثاني بيت من بيوت الله عرف التوحيد، يقول أبو ذر الغفاري رضي الله عنه: ( قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ مسجدٍ وُضِع في الأرضِ أولَ؟ قال: المسجدُ الحرامُ. قال: قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: المسجدُ الأقصى. قلتُ: كم كان بينهما؟ قال: أربعونَ سنةً، ثم أينَما أدرَكَتكَ الصلاةُ بعدُ فصلِّهِ، فإنَّ الفضلَ فيه)[6].

والحاصِل: أَنَّ المراد في الحديث بناءهما قبل بناء إبراهيم للمسجد الحرام، وبناء سليمان للمسجد الأقصى، فإبراهيم وسليمان عليهما السلام مجددان للبناء لا مؤسسان.[7]

وقد رَجَّح الحافظ ابن حجر رحمه الله، أن الكعبة والمسجد الأقصى بنيا في عهد آدم عليه السلام، بعد أن ذكر الخلاف والإشكال في ذلك فقال: الإشارة إلى أولَّ البناء ووضع أساس المسجد وليس إبراهيم أولّ من بنى الكعبة ولا سليمان أول من بنى بيت المقدس فقد روينا أن أول من بنى الكعبة آدم ثم انتشر ولده في الأرض فجائز أن يكون بعضهم قد وضع بيت المقدس ثم بنى إبراهيم الكعبة بنص القرآن.[8]

بهذه البداية الربانية لتلك الأرض المباركة، ابتدأ الصراع بين الحق والباطل.. بين التوحيد والشرك.. بين عِباد الرحمن وأولياء الشيطان، حتى أصبحت حلبة للصراع وساحة للجهاد، تلك المدينة العريقة ذات البعد العقائدي والتاريخي المجيد، (ذلك لأنها صمدت لنوائب الزمان بجميع أنواعها، وطوارئ الأحداث بجميع ألوانها، حتى لم يَبقَّ فاتحٌ من الفاتحين، أو غازٍ من الغزاة المتقدمين والمتأخرين الذين صالوا في هذا الجزء من الشرق، إلا ونازلته، فأما أن يكون قد صرعها، أو تكون هي قد صرعته)[9].

تَأصيلٌ لابُدَّ مِنهُ

يَنبغي أن تتحقق العبودية لرب البرية، في جميعِ أنحاءِ المعمورة، وبقدر وجودها بين الناس يكون الاستحقاق بخلافة الأرض، التي يعمها العدل والقسط والإنصاف والإحسان والسرَّاءُ والرخاء في الدنيا، والنصر والتمكين في الدين، ورضا الرحمن والثواب بدخول الجنان، لأن الإسلامَ جاء لينشئ أمة مثالية بقيم ربانية، قال تعالى:(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[10].

يَقولُ شَيخُ الإسلامِ ابن تيميةَ رحمهُ الله: وإنما الدِّين الحق هو تحقيق العبودية لله بكل وجه، وهو تحقيق محبة الله بكل درجة، وبقدر تكميل العبودية تكمل محبة العبد لربه، وتكمل محبة الرَّب لعبده، وبقدر نقص هذا يكون نقص هذا، وكلما كان في القلب حب لغير الله كانت فيه عبودية لغير الله بحسب ذلك، وكلما كان فيه عبودية لغير الله كان فيه حب لغير الله بحسب ذلك.[11]

كلما ازدَّادَ شرف المكان، وعَظُمَت منزلته، كان الأولى والأحق بتحقيق العبودية فيه، وتقديمها على غيره، لما حصل له من فضيلة المكان ابتداء، ثم اقترنت بفضيلة السكان كبلاد الشام عمومًا، والأرض المقدسة على وجه الخصوص!

أكثر مدينة عبر التاريخ تَعرضت للنوائب والمصائب والاحتلال والهدم والحرق؛ مدينة القدس إذ تمَّ احتلالها 24 مرَّة، واستمر الصراع على ثراها، ومن يستقرأ التاريخ يجد أنها في كلِّ حقبة أو زمان، تكون بيد القوة العظمى والإمبراطورية التي تسيطر على زمام الأمور ومقاليد الأشياء في العالم!

وقد وعد الله سبحانه عباده المؤمنين، كلما حققوا العبودية أيدهم بنصره وتمكينه، وإذا تركوا أسباب العزَّة والرفعة والرُّقي، جعلهم في المؤخرة، والتاريخ والوقائع خير شاهد!

نَماذج مِنْ سِير الأنبياءِ في بيتِ المقدسِ والعبودية

لما امتنَّ الله على موسى وقومه بنجاتهم من فرعون وقومه وأسرهم واستعبادهم، ذهبوا قاصدين لأوطانهم ومساكنهم، وهي بيت المقدس وما حواليه، وقاربوا وصول بيت المقدس، وكان الله قد فرض عليهم جهاد عدوهم ليخرجوه من ديارهم. فوعظهم موسى عليه السلام؛ وذكَّرهم ليقدموا على الجهاد فقال لهم: (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) بقلوبكم وألسنتكم.[12]

وذكرهم سبحانه بالنِّعم الدينية والدنيوية، وحضَّهم على الجهاد لتحرير الأرض من الوثنيين، (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ)[13]، فأبوا الدخول والمواجهة والعزَّة، فعاقبهم الله سبحانه وتعالى عقوبة دنيوية بأن حرمهم من تلك الأرض المقدسة وبركتها، يتيهون في الأرض مدة أربعين سنة، وما حصل نتيجة لفسقهم وخروجهم عن أوامر موسى وابتعادهم عن تحقيق العبودية.

ولما خرجوا من التيه، وجاء جيل من بني إسرائيل حقق العبودية المطلوبة، سار بهم نبي الله يوشع بن نون عليه السلام، إلى بيت المقدس وبعد حصار وقتال كبير، فتحها عشية الجمعة، وكانت المعجزة التي حصلت مرة واحدة في التاريخ، بأن حبس الله الشمس عن الغروب حتى تمكنوا من الفتح!

بعد أن فتحوها أمرهم الله شكرًا له على هذه النِّعمة أن يدخلوا الباب سُجَّدًا خاضعين له متذللين إليه منيبين في مشهد توكيد وإفراد العبودية لله وحده، وأرشدهم بأن يطلبوا من الله المغفرة لخطاياهم وما اقترفوه ويحط سيئاتهم.

من هنا استحِب العلماء للفاتحين من المسلمين إذا فتحوا بلدة أن يصلوا فيها ثماني ركعات عند دخولها شكراً لله - تعالى - وقد فعل ذلك سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عندما دخل إيوان كسرى، فقد ثبت أنه صلى بداخله ثماني ركعات.[14]

لكن بعد ذلك بدلوا وحرفوا وخالفوا ما أمرهم الله، فأنزل الله عليهم عذابًا من السماء نتيجة عصيانهم، والعبرة والفائدة من هذه القصة، أن من أمره الله تعالى بقول أو فعل، فتركه وأتى بآخر لم يأذن به الله، من البدع والمخالفات دخل في زمرة الظالمين وعرَّض نفسه للعقوبة وسوء المصير وزوال النعم!

بعدها ترك بنو إسرائيل أوامر الله، وابتعدوا عن تحقيق العبودية، حتى أُخرجوا من ديارهم وأموالهم، فطلبوا من نبيهم أن يبعث لهم ملكًا للجهاد معه واسترداد الأرض المقدسة ورفع الظلم الواقع عليهم.

هنا تَبدأ الغربلة وتنكشف حقائق الأمور وتتجلى أهمية تحقيق العبودية لله وحده، قولاً وعملاً.. دعوةً وسلوكًا.. باطنًا وظاهرًا.. امتثالاً وانقيادًا، مع أنهم بادئ ذي بدئ قالوا:(وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا)[15]، فكان لسان مقالهم" فما المانع من القتال في سبيل الله وقد تعرضنا لهذا الظلم دون وجه حق"!

لكن حقيقة الأمر (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ)[16]، فلسان الحال أنطق من المقال، فالدعاوى والأمنيات شيء، وما يحصل على أرض الواقع شيء آخر، لذلك لابد من اقتران العبودية الحقيقية، بالعلم والقول والعمل، بمختلف نواحي الحياة.

وبعد أن علموا حقيقة المَلك ازدروه وتنقصوه، مخالفين أمر الله، ثم بدأت الغربلة والتصفية في ساعة المحك، حتى بَقيت مع (طالوت) ثُلَّةٌ مؤمنةٌ قليلة تحقق فيهم أصل العبودية، موقنين بنصر الله وتمكينه، متوكلين عليه، (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[17]، ثم قتل داود جالوت وأقام الله له مملكته على التوحيد، ثم من بعده ولده سليمان.

بَيت المقدس مُهاجر الأنبياء وخِيار أَهل الأرض

من أعظم الاختبارات الحقيقية، لمدى تحقيق العبودية ظاهرًا وباطنًا، والخضوع والانقياد لرب البرية؛ الهجرة في سبيل الله، من مكان الشرك والكفر والإلحاد، إلى أرض التوحيد والإيمان والتعبد للملك الدَّيان، ولأهمية الهجرة في ديننا اقترنت في غير ما آية بالإيمان والجهاد، قال تعالى:(الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)[18].

تحقيق العبودية له ارتباطٌ كبيرٌ بالهجرةِ في سبيلِ اللهِ، سيما إذا تعلقت بمراغمة أعداء الله، أضف لذلك اختيار أفضل البقاع، يقول ابن القيم رحمه الله: فعبوديته فيها عبودية خواص العارفين، وهي تسمى عبودية المراغمة، ولا ينتبه لها إلا أولو البصائر التامة، ولا شيء أحب إلى الله من مراغمة وليه لعدوه، وإغاظته له، وقد أشار سبحانه إلى هذه العبودية في مواضع من كتابه: أحدها: قوله تعالى (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً) [النساء: 100] سمَّى المهاجر الذي يهاجر إلى عبادة الله مراغمًا يراغم به عدو الله وعدوه، واللهُ يُحب من وليه مراغمة عدوه، وإغاظته.[19]

قال تعالى عن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام:( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[20]، اختار المهاجرة من بين أظهرهم، ابتغاء إظهار الدِّين والتمكن من ذلك ... قال قتادة رحمه الله: هاجرا جميعًا من "كوثى"، وهي من سواد الكوفة إلى الشام.[21]

هاجر موسى عليه السلام بقومه تخليصًا لهم من فرعون وجنوده، فكانت وجهته الأرض المقدسة، في إشارة واضحة لأهمية تلك الأرض ومكانتها، لدى الأنبياء في تحقيق أعلى درجات العبودية متمثلة بالهجرة الخالصة ابتغاء مرضاة الله، والنجاة بالدِّين والنَّفس.

وقد بين عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمان، عند وقوع الفتن وضعف الدِّين وأهله وغربتهم؛ تتحقق الهجرة التي هي أعلى مراتب العبودية في بلاد الشام، ويجتمع فيها خيار أهل الأرض، يقول عليه الصلاة والسلام:(سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بعدَ هِجْرَةٍ، فَخِيارُ أهلِ الأرضِ أَلْزَمُهُمْ مُهاجَرَ إبراهيمَ، ويَبْقَى في الأرضِ شِرَارُ أهلِهِا تَلْفِظُهُمْ أَرْضُوهُمْ، وتَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللهِ، وتَحْشُرُهُمُ النارُ مع القِرَدَةِ والخَنازِير).[22]

قال التوربشتي رحمه الله: "وذلك حين تكثر الفتن، ويقل القائمون بأمر الله في البلاد، ويستولي الكفرة الطغاة على بلاد الإسلام، ويبقى الشام تسومها العساكر الإسلامية منصورة على من ناوأهم ظاهرين على الحق حتى يقاتلوا الدجال، فالمهاجر إليها حينئذ فاز بدينه ملتجئ إليها لإصلاح آخرته، يكثر سواد عباد الله الصالحين القائمين بأمر الله تعالى".[23]

هنا التفاتة مهمة وفائدة عظيمة؛ فبقدر تحقق العبودية في الأجيال يكون التمكين في بلاد الشام وتحصل الهجرة إليها من خيار أهل الأرض، أما من استحوذت الدُّنيا على قلوبهم ورضوا بها وظهر فسادهم وفجورهم، فلن يتشرفوا بذلك ولن يتحقق أي نصر على أيديهم.

يَقولُ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مُبينًا أهميةَ تِلك الهجرة وفَضل أهلها: فقد أخبر أن خير أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم؛ بخلاف من يأتِ إليه أو يذهب عنه ومهاجر إبراهيم هي الشام.

ويقول أيضًا: وقد جعل مهاجر إبراهيم يعدل لنا مهاجر نبينا صلى الله عليه وسلم فإنَّ الهجرة إلى مهاجره انقطعت بفتح مكة.[24]

العبوديةُ ورِحلةُ الإسراءِ والمعراج

رحلة من أروع الرحلات عبر التاريخ، ومعجزة من أعظم الإعجاز لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام، حدثت في وسط الزمان، وهي امتداد للصلة الوثيقة بين تلك الأرض المقدسة ورسالة السماء، فقد اختار الله فيها أعظم الخلق وأعظم البقاع وأعظم الملائكة، وفرض فيها أعظم ركن بعد التوحيد.

وتحقيق العبودية هو: الكمال ولقد كان للأنبياء عليهم الصلاة والسلام النصيب الأوفر من ذلك وكلما كان الإنسان أكثر تحقيقًا للعبودية لله تعالى كلما كان أكثر رقيًا في سلم الكمال الإنساني، وكلما ابتعد عن تحقيق العبودية كلما هبط وانحدر، والرسل حازوا قصب السبق في هذا الميدان فقد كانت حياتهم انطلاقة جادة في تحقيق هذه العبودية.[25]

حادثة بهذه المعطيات ناسب أن يُذكر فيها نبينا عليه الصلاة والسلام بأعظم الأوصاف والمسميات، وأعلى وأرفع المقامات؛ ألا هي صفة العبودية لرب البرية، والتي اختارها عليه الصلاة والسلام على الملك، ووصفه الخالق العظيم بها في أشرف مقاماته كمقام التنزيل إذ قال سبحانه:(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا )[26]، ومقام الدعوة في قوله سبحانه:(وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا)[27]، وفي مقام التحدي كما في قول ربنا عز وجل:(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[28]، ومقامات أخرى عظيمة اقترنت فيها صفة العبودية بنبينا عليه الصلاة والسلام خير البرية.

ولما كانت العبودية من أسمى المراتب التي يصل إليها الإنسان، وأعلى وسام ينعم به على الفرد والمجتمع، ناسب أن تقترن في تلك المعجزة، والتي وقعت أحداثها العظام في أرض الرباط والجهاد في بيت المقدس، في إشارةٍ عظيمةٍ أن تلك البقاع تكون في حياض المسلمين وتحت سيطرتهم، ينتفعون من بركتها وخيرها وثمرتها الدينية والدنيوية؛ إذا حققوا العبودية التي أمرهم الله بها.

قال ابن عجيبة رحمه الله تعالى: العبودية أشرف الحالات وأرفع المقامات، بها شَرُفَ من شَرُفً، وارتَفَعَ من ارتفع، عند الله، وما خاطب الله أحباءه إلا بالعبودية، فقال تعالى: (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً)، وقال: (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ)، (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ )، (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ)، (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)... إلى غير ذلك.[29]

هنالك اختصاص آخر للنبي عليه الصلاة والسلام وما ارتبط بتلك البقعة المباركة، بإضافة العبودية إلى الذات العلية بهاء الضمير المتصل بدل المنفصل في هذه الرحلة العجيبة، قال سبحانه:(فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)[30]، ولم تأتِّ هذه الإضافة إلا في موضع الإسراء والنجم المتعلقة بهذه المعجزة، وثلاثة مواضع أخرى " الكهف والفرقان والحديد" متعلقة بإنزال القرآن فتأمل!

أرطبون الروم وفقه العبودية!

بعد أن حاصر الجيش الإسلامي بقيادة الصحابي الجليل أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه، الروم داخل أسوار بيت المقدس واستسلموا للأمر الواقع، وافق (أرطبون) الروم على تسليم المدينة لكن لأمير المؤمنين وليس لقائد الجيش، في إشارةٍ منه لفهم عميق لأصل الصراع وحقيقة البعد العقدي فيه، وإدراكه أن خليفة المسلمين آنذاك عمر رضي الله عنه المخول الأول بذلك، هكذا يكون الأعداء إذا حققنا العبودية بجميع جوانبها.

تلقى عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه خطابًا من أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه قائد الجيش رسالة قال فيها :يا أمير المؤمنين إنَّ أهل بيت المقدس قد طلبوا الصلح مشترطين أن يتولى خليفة المسلمين ذلك بنفسه، وإنا يا أمير المؤمنين حاصرناهم بجيشنا فأطل علينا من فوق أسوار المدينة المقدسة البطريرك (صفرو ينوس)، وقال: إنا نريد أن نسلم لكم المدينة لكن بشرط أن يكون التسليم لأميركم، فتقدمت منه وقلت أنا أمير الجيش فقال إنما نريد أمير المؤمنين.

عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ اسْتَقْبَلَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَخَاضَ الْمَاءَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَرَاكَ عُظَمَاءُ أَهْلِ الشَّامِ مِنَ الأَعَاجِمِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، إِنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالإِسْلامِ فَمَنْ يَلْتَمِسِ الْعِزَّ بِغَيْرِهِ يُذِلَّهُ اللَّهُ.[31]

فعندما نُحقق العبودية في أنفسنا ومجتمعاتنا، تَصل رسالتنا إلى الأعداء بطرقٍ عمليةٍ دون جهود أو إعلام، عندها تُفتح المقدسات وينشر في ربوعها الإسلام والسلام، وتحفظ الحقوق للجميع.

ولما اقترب النصارى من عمر رضي الله عنه، ورأوه يقود الراحلة وغلامه يركب زادت مهابة عمر وزاد إجلاله، فخروا لعمر ساجدين فأشاح عليهم الغلام بالعصا وقال: ويحكم ارفعوا رؤوسكم فإنه لا يجوز السجود إلا للهِ، سبحان الله عبوديةٌ خالصةٌ للواحد الأحد، وأقبل البطريرك (صفرو ينوس) على عمر يبكي ويقول: أيقنتُ أن دولتكم على مرِّ الدهر والزمان باقية لا تزول!

قَادة اليَّهودِ وفِقهُ العبودية!

لم يتمكن الأعداء منا ولا قامت دولة اليهود بالمصادفةِ، بل لديهم فهم عميق وتحليلٌ دقيقٌ لأحوالنا، ويعلمون علم اليقين نقاط الضعف والقوَّة لدى المسلمين، منطلقين من دراسات عميقة لتاريخنا وديننا وعقيدتنا، ورصدٌ مستمرٌ لمختلفِ الأحوالِ والتغيراتِ والتقلباتِ، ووضع خطط لمواجهة أي مخاطر عليهم بِعدَّة جوانب.

ولن نبالغ إذا قلنا أن كثيرًا من قادة وزعماء ومفكري اليهود، يعلمون أن تحقيق المسلمين للعبودية هو بداية زوالهم ونهايتهم، أكثر من معرفة كثير من قادة ورموز عرب ومسلمين!

عندما سُئلت (جولدا مائير) رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق! بأن القرآن يَذكر أن المسلمين سينتصرون عليكم؟ قالت: نعم ولكن ليس لهؤلاء المسلمين ولكنهم لمسلمين في زمن آخر حين يَكون عدد المصلين في صلاة الفجر كعددهم في صلاة الجمعة ستحرر القدس.

وعندما سَأل أحد الصحفيين اليهود (مُوشي دَيَّان) وزير الحرب الصهيوني في حرب 1973، أن المسلمين يعتقدون في كتابهم القرآن أنهم سيدخلون المسجد كما دخلوه أول مَرَّة فما رأيكم؟

كان الجواب: لا تقلق يا عزيزي فليس هذا هو الجيل الذي سيقوم بذلك، فسأله الصحفي قلقًا فمتى سيحدث ذلك إذن؟ فأجاب دَيَّان: سيحدث ذلك إذا رأيت عدد المصلين في صلاة الفجر يساوي عدد المصلين في صلاة الجمعة!

وهل هنالك عبودية أعظم وأعلى من المواظبة على أداء صلاة الفجر في الجماعة؟! فهي مقياس كبير – سيما في زماننا- لقوَّة الإيمان وصلة العبد بالعزيز الرحمن.

هنالك مقولاتٌ عديدةٌ وتصريحاتٌ كثيرةٌ لزعماء يهود وقادة ومفكرين وطوائف تشير لهذه الحقيقة، منها ما قالته إحدى طوائف اليهود المتعصبة: نحن نعلم أن نهايتنا على يد المسلمين وسوف يتكلم الحجر والشجر ويُخبر المسلمين عن مكان وجودنا، ولكن ليسوا هؤلاء المسلمين في هذا الزمان، لأنهم منشغلون عن صلاتهم باللهو واللعب!! 

فِقه الحجر للعبودية آخر الزمان!

مَعركتنا مع يهود معركة عقيدة ودين ووجود، وليست معركة تراب وحدود، وربنا سبحانه وتعالى إذا أراد شيئًا هيَّأ أسبابه ومهَّد لوقوعه، وحثنا على مقدمات صحيحة للحصول على نتائج وآثار مثمرة.

يقول عليه الصلاة والسلام فيما يُخبر به عن آخر الزمان:" تُقاتِلونَ اليهودَ، حتى يَختَبِئَ أحدُهم وَراءَ الحجَرِ، فيقولُ: يا عبدَ اللهِ، هذا يهودِيٌّ وَرائي فاقتُلْه" وفي رواية:" حتى يقول الحجر وراءه اليهودي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله".[32]

مَن الذي أنطق الحجر؟! ومن الذي ألهمه تلك المقولة العجيبة، التي تحمل في طياتها قواعد وأصول عقدية عميقة؟! كما تحمل هذه العبارة فقه دقيق وترسم لنا الطريق، لاستعادة مقدساتنا وأرضنا المغتصبة.

فلم يقل الحجر" يا فلسطيني أو يا جزائري أو مصري أو عراقي أو لبناني أو خليجي أو أندونيسي أو غيرها " بل بوحي رباني وفقه إيماني يقول:" يا عبد الله!" هي العبودية إذن لا سواها، بل أفضل الرتب وأجل الكرامات وأعلى المقامات وأرفع السمات التي يصل إليها المؤمن، عندها ( يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ )[33].

لله در هذا الحجر فمن أنطقه إلا الذي أنطق كل شيء؟! ولم يدخل عالم السياسة ولا ردود الأفعال ولا التنظير والتعصب للقومية أو الوطنية أو القبلية أو الحزبية وتقديس الأشخاص، بل وجهتهُ كل مسلم موحِّد حَقق معنى العبودية، ورسالته للأمة الآن التي ابتعدت شيئًا فشيئًا عن هذه الحقيقة؛ عليكم بالاستسلام للقوي العلام، والخضوع لناصر عباده الصالحين وقاهر الجموع.

في هذا الحديث دلالةٌ قويةٌ على أن الأمة لن تُنصر على عدوها وتتمكن في الأرض، حتى تُحقق معاني العبودية التي حققها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم عندما فتحوا قلوب الأنام قبل المدن والبلدان، فقول النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة:" تُقاتلون اليَّهود" مع أنه صلى الله عليه وسلم يُخبر عن زمان آخر يقينًا غير موجودين فيه! أي سيأتي قومٌ في آخر الزمان يقاتلون اليهود، لكن لن ينتصروا عليهم حتى يحققوا العبودية كما حققها الصحابة في جميع شؤون حياتهم فتأمل!

يُستعاد المسجد الأقصى بتحقيق العبودية لا بالرايات العمية!

كلما تعددت الرايات، واختلفت الولاءات، وتنوعت الوجهات، وظهرت التعصبات؛ انعكس ذلك سلبًا على وِحدة الأمة الإسلامية وتماسكها، وبالتالي يضعف تحقيق العبودية الشاملة في المجتمع، ثم نبتعد شيئًا فشيئًا عن استعادة المسجد الأقصى.

حرص الأعداء على نشر ثقافة الفرقة وتجزئة الولاءات، وتعدد الراياتِ في مجتمعاتنا، والتدرج في تحييد وإقصاء العديد من الفئات، إذ كانت في البداية قضية فلسطين قضية إسلامية ومن يتحدث بثقافةٍ مغايرةٍ يُعتبر خَائنٌ وعميلٌ ومُنافقٌ!

شيئًا فشيئًا بدأت تظهر رايةُ القومية بمظهر المنقذ والمخلص للأمة، نتيجة غياب البُّعد الديني لدى الشعوب، وانشغالهم بمعارك داخلية وجانبية أرهقتهم وأنهكتهم، ليستفيق الناس بعد عقود على آثار مدمرة لهذه الثقافة، حتى تفشت ظاهرة العصبية القُّطرية ورفعت راية الوطنية لتظهر تناحراتٍ وخصوماتٍ بين الدويلات العربية، وتحييد أكبر قدر ممكن من شرائح المجتمع عن قضيتهم الأساسية!

ثم تحولت فلسطين إلى قضيةٍ تَهم دول الطوق فقط، ثم تَحولت إلى قضية الفلسطينيين أنفسهم، ثم انتقلت لمرحلة خطيرة جدًا عندما أصبح الانقسام الفلسطيني والتنازع الداخلي، والذي أضعف روح القضية وأرجعها للوراء سنين عديدة!

في العقود المنصرمة للأسف الشديد تمَّ تكريس ثقافة العصبية للحزب والجماعة والحركة والفصيل، وكل فئةٍ تنظر للقضية بمفهومها الثقافي وبُعدها الأيدلوجي، حتى اقتحمتها أفكار كفرية وإلحادية ورفعت شعارات القضية الفلسطينية!

في الخمسينيات من القرن الماضي، عندما تكلم (محمد محمود باشا) في إحدى المناسبات وقال: لن أتكلم عن الفلسطينيين لأني رئيس وزراء مصر وليس رئيس وزراء فلسطين! استهجن ذلك الكثير حينها، لكن مع مرور الوقت أصبحت ثقافة وشعار وممارسة عملية لدى الكثير ولو بلسان الحال.

فلن يُستعاد المسجد الأقصى في ظِلِّ الرايات العمية ذات العصبيات الجاهلية، ولكن بتحقيق العبودية في ربوع المجتمعات الإسلامية، قال تعالى:(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)[34].

وأخيرًا: ينبغي أن ندرك، أن تحقيق العبودية لله في أرضه، هي الغاية التي مِنْ أَجلها خُلِقنا، وأَقصر طَريقٍ لتحرير المقدساتِ واسترجاعِ أَرضنا المسلوبة وأقصانا المغتَصَب.

سلسلة بيت المقدس للدراسات-العدد (16)

--------------------

[1](الذاريات:56).

[2](هود:61).

[3](القصص:68).

[4](آل عمران:96).

[5]أي ابن حجر، وينظر: مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/468).

[6]متفق عليه.

[7]مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/468).

[8]فتح الباري(6/408).

[9]المفصل في تاريخ القدس، عارف العارف ص5.

[10](النور:55).

[11]العبودية ص119-120.

[12]تفسير السعدي.

[13](المائدة:22).

[14]التفسير الوسيط.

[15](البقرة:246).

[16]البقرة:246).

[17](البقرة:249).

[18](التوبة:20).

[19]مدارج السالكين(1/241).

[20](العنكبوت:26).

[21]تفسير ابن كثير.

[22]صحيح الترغيب برقم 3091.

[23]مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/4040).

[24]مجموع الفتاوى (27/509).

[25]مباحث العقيدة في سورة الزمر، ناصر بن علي عايض حسن الشيخ  ص245.

[26](الكهف:1).

[27](الجن:19).

[28](البقرة:23).

[29]البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، لابن عجيبة.

[30](النجم:10).

[31]الأحاديث المائة الشريحية.

[32]متفق عليه واللفظ للبخاري.

[33](الروم:4-5).

[34](الحج:40-41).

.