فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

الفكر اليهودي في العصر الحديث

 اليهود يشكلهم عنصران الدين والقومية، واليهود يدّعون أن عقيدتهم هي عقيدة القلة المثالية المختارة، وتنحصر هذه العقيدة اليهودية في بني إسرائيل، فهناك تطابق بين العقيدة والقومية، وحسب الاختيار العام لليهودية والمتبني في الكيان اليهودي فإن اليهودي هو المولود لأم يهودية بغض النظر عن إيمانه وتدينه، واليهودية في العصر الحديث يمكن تقسيمها إلى قسمين:

 

 

أ‌-  اليهود القوميون الذين ينتمون على أساس العرق وهم يرون أن يهوديتهم تكمن في قوميتهم وأسلوب حياتهم وميراثهم الثقافي والاجتماعي وهؤلاء يوصفون بأنهم ملحدون أو علمانيون ويقدرون بنصف يهود أمريكا ونسبتهم أكثر في يهود الاتحاد السوفيتي سابقاً.

 

 

ب‌- يهود يؤمنون بصيغة ما من صيغ العقيدة اليهودية وهم ينقسمون بدورهم إلى ثلاثة أقسام:

 

 

1- اليهودية الأرثوذكسية: وهي وارثة اليهودية الحاخامية أو التلمودية وهي امتداد للصيغة اليهودية التي سادت بين الجماعات اليهودية في القرون الوسطى وحتى أواخر القرن التاسع عشر وهي الصيغة الرسمية المعتمدة في الكيان اليهودي الصهيوني في فلسطين وأتباعها يؤمنون بالتوراة أنها مرسلة من الإله وأن كل ما جاء فيها ملزم.

 

 

2- اليهودية الإصلاحية: وهي التي تحدّت اليهودية الحاخامية, وأصحابها يمثلون مدرسة الاستنارة التي تحكم العقل في كل شيء وتحاول أن تفصل بين ما هو ديني فتحترمه وتلتزم به، وبين ما هو قوي فترفضه، ولذلك كانت ترفض فكرة العودة إلى فلسطين وفكرة المسيح المنتظر كما ترفض فكرة الشعب اليهودي وتدعو إلى اندماج اليهود في البلاد التي يعيشون فيها.

 

 وقد ظهرت في القرن الثامن عشر، وفي منتصف القرن التاسع عشر كانت هذه الحركة قد فشلت في اجتذاب اليهود إليها في أوروبا وبعد ذلك وجدت متسعاً لها في أمريكا ومن الملفت للنظر أن هناك يهوداً إصلاحيين في أمريكا ينتمون الآن إلى الحركة الصهيونية ولهم نسبة تمثيل عالية فيها أي أن هؤلاء حافظوا على الدور المحوري للعقل لكنهم عادوا لإعطاء ولائهم ودعمهم للكيان الصهيوني في فلسطين.

 

 

3- اليهودية المحافظة: وهي تحاول أن تجمع بين اليهودية الأرثوذكسية وبين اليهودية الإصلاحية وهي تؤمن بالوحي السماوي لبني إسرائيل وتتخذ موقفاً إيجابياً من فكرة العودة وإقامة الدولة اليهودية كما تؤمن بالبنية العامة للتقاليد المتوارثة عن الحاخامات لكنها تحتفظ بحق تأويلها تبعاً للمصلحة ومقتضيات العصر، وهي على سبيل المثال تقبل الجمع بين الجنسين في الصلوات وأداء جزء من الصلوات بالإنجليزية وإدخال آلة الآرغن إلى المعبد والذهاب للكنيس بالسيارة أو أي وسيلة آلية وهو ما لا تجيزه الأرثوذكسية.

 

ويرفض المحافظون عقيدة البعث ويوم القيامة وهناك مدرسة كبيرة داخل اليهودية المحافظة دشنها (مردخاي كابلان) ترى أن العقيدة تعبر عن الروح الثابتة للشعب اليهودي وأنها جزء من الإرث الحضاري العام التي تعد العقيدة أحد عناصره شأنها في ذلك شأن اللغة والأدب وسائر الفنون، بذلك يكون الشعب اليهودي هو مصدر الدين ويكون الدين عبارة عن فلكلور قابل للتطور شرط أن يصدر عن صميم الشعب اليهودي، وهذا تصور يلغي مفهوم الألوهية وقيمة التشريع الإلهي.

 

وبشكل عام تؤمن اليهودية الإصلاحية والمحافظة بحق المخلوق في التصرف وفق ما عليه العقل أو مقتضيات العصر فيغير ويبدل الشرائع بل ويسقطها أحياناً ولذلك فهم لا يلتزمون الوصايا والنواهي ولا شعائر السبت, وقد أباحت اليهودية المحافظة والإصلاحية ترسيم النساء حاخامات وأباحتا الشذوذ الجنسي بين الذكور والإناث بل ويرأس الشواذ والسحاقيات حاخامات، وأغلبية اليهود في العالم إما إثنية أو إصلاحية أو محافظة, فما الذي جمع هؤلاء جميعاً!!  إنه باختصار شديد شعورهم بأنهم يهود.

 

 

 

راجع: الأيدلوجية الصهيونية - عبد الوهاب المسيري.

 

 

 

 

 

عبد الرقيب العزاني

 

 

 

.