فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول

أهل غزة .. صبر لا ينفد وعطاء لا ينضب

 

 

 

أهل غزة  .. صبر لا ينفد وعطاء لا ينضب

 

 

غزة ـ  محمد الناجي - مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية

 

 

 

الحمد لله رب العالمين ناصر المؤمنين الموحدين , ومذل الكفرة والمجرمين , والصلاة والسلام على قائد المجاهدين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً ....., وبعد

 

قبل عام من الآن وبالتحديد في يوم السابع والعشرين من شهر ديسمبر لعام 2008 م  حلق الطيران الصهيوني بكافة أنواعه وضرب ضربته الأولي على حين غفلة وأهل قطاع غزة منشغلون بتسيير أمورهم الحياتية اليومية ليعلن الكيان الصهيوني  بذلك شارة البدء بأن الحرب  بدأت  فيسقط المئات من الشهداء والجرحى من الشيوخ الركع والأطفال الرضع والنساء العزل والمدنيين والأبرياء , و تسقط البيوت على رؤوس ساكنيها , و تهدم المساجد على روادها وعمارها , ويطرد الناس من منازلهم ويشردوا ويعيشوا في الخيام , ويدمر الأخضر واليابس , وتستهدف المقابر , وترتكب المجزرة تلو الأخرى , وتسقط عائلات بأكملها , ولم يبق معلم إلا وأتت عليه آلة الحقد والكراهة الصهيونية .

أتت تلك الحرب ولم يكن عند أهل غزة ما يكفيهم فيدفن الشهيدين والثلاثة في قبر واحد ويوضع عليهم ألواح أسطح المنازل وغيرها بدلا من الاسمنت لعدم توفره في غزة منذ سنوات.

أتت تلك الحرب والدواء منعدم في المستشفيات ولا يفي بأدنى متطلبات المرضى ،  أتت تلك الحرب وقد تخلى القريب عنا قبل البعيد وبات الكل يتفرج علينا , وأصبح ما يحدث لأهلنا في غزة وكأنه حدث تنشغل به القنوات والصحف لتغطي أوقات فراغها وتتناول ما يحدث بالتحليل والتفسير والتأويل , واستضافة ضيف من هنا وضيف من هناك ـ ونحن هنا لا ننكر الدور الذي قامت به وسائل الإعلام ونشكرها عليه ـ لكننا نقول أنه لم يكن يرقى للمستوى المطلوب , ولم تتحمل وسائل الإعلام المسؤولية تجاه أهلنا في غزة فما أن انتهت تلك الحرب حتى عادت تلك الوسائل لصمتها  .

وتمضي الحرب ويمضي العام الأول وما زال الحصار الخانق يزداد يوما بعد يوم على أولئك المستضعفين الصابرين من أهل غزة .

عام على العدوان وما زال الحصار فمن يصدق هذا ؟ بل من يصدق أن هدية ذوي القربى جدار الفولاذ ؟! فمن يحاصر من ؟

مر عام على حرب غزة وأربعة أعوام أو يزيد على حصار أهل غزة ولا زال الحصار قائماً .

وإزاء هذا الموقف الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة نقول :

لم تكن ولن تكون الدعوات يوماً من الأيام طريقا مفروشاً بالورود والرياحين , وإن ثمن الدعوات باهظ , وثمن نقل المبادئ إلى أرض الواقع كثير من الدماء والأشلاء , ولن يوقد سراج الفجر في هذه الظلماء إلا المجاهدون والشهداء .

حقاً ما أروعها من كلمة " فزت ورب الكعبة " , وما ألطف ما  قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على وعثاء السفر ومشاق الطريق يخاطب إصبعه الجريحة : " هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت " . هذا نبينا الذي جرح وجهه , وكسرت رباعيته انتصارا للرسالة التي أرسله الله بها .

لله دركم  ... لله دركم ... أي رباط فريد هذا الذي ربط قلوبكم في تلك الحرب الشرسة , ولقد حار الأعداء من بني يهود كيف يفتون في عضدكم , فلم يروا أخيراً إلا التخويف بأسلحتهم المتطورة الفتاكة .... وفات عباد المادة أن القوة التي تستمد روحها من الله ما كانت لتفتتها زوابع الزمان , ولا تكنولوجيا الأمريكان..

ماذا تساوي قنابلهم النووية , وأسلحتهم الكيماوية , وغازاتهم السامة أمام مجموعة حروف صغيرة تكون كلمتان من أعجب الكلمات " بسم الله " يذوب أمامها عنفوان كل سلاح , ويضمحل من بهائها دهاء كل تربص وتدبير , وتتكسر على صدورها سهام تلويحات الكافرين .

 

وهنا لا بد من رسالة لأهلنا في غزة  فحواها قوله عليه السلام : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم  إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قالوا وأين هم ؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) أخرجه أحمد في المسند والطبراني في الكبير والألباني في السلسلة الصحيحة .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله : " يعني النبي صلى الله عليه وسلم باللأواء الشدة إما في المعيشة من جدب وحط أو حصار , وإما في الأبدان من الأمراض والعلل، أو الجراح، يقال من ذلك: أصابت القوم لأواء". وقال  شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والنبى ميز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائماً إلى آخر الدهر، وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر، فهو إخبار عن أمر دائم مستمر فيهم مع الكثرة والقوة، وهذا الوصف ليس لغير الشام من أرض الإسلام، فإن الحجاز التي هي أصل الإيمان نقص في آخر الزمان منها: العلم والإيمان والنصر والجهاد، وكذلك اليمن والعراق والمشرق، وأما الشام فلم يزل فيها العلم والإيمان، ومن يقاتل عليها منصوراً مؤيداً في كل وقت".

 

ولقد كتبنا هذه الحروف وسط غزة وفي ظل انقطاع للكهرباء على وقع دوي مولد الكهرباء – ومن حسن حظنا أن لدينا في مكتبنا  بغزة مولد كهرباء-  لكن يوماً بعد يوم نزداد قوة ويقيناً على أن الله لن يضيع أجر من أحسن عملاً.

 

 

.