فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام
تهديدات غزة وقائع....... ونصائح
طه أبو طه
لم يعد خافيا على أحد أن غزة على أعتاب حرب جديدة فقد كشرت الآلة الحربية عن أنيابها، وتم حشد الحشود وبدأ قادة العدو بإعطاء الضوء الأخضر لجنودهم للاستعداد والتهيؤ لشن هجوم على قطاع غزة وأن الأمر باتخاذ الحرب قد انتهى وبقي فقط التوقيت.
غزة اليوم تعيش أسفل برميل من البارود؛ فلقد أصبح أهلها يتعاملون مع الأنباء التي تنذر بوقوع حرب عليهم بشعور اللامبالاة والهزلية أكثر منه إلى الجدية؛ إذ لم يبق لديهم شيء يخسرونه، أو يبكون عليه فالحصار المشدد والمحكم مضروب ومفروض عليهم من الشمال ومن الجنوب، وإعلام الأقارب والأباعد يسلقهم بألسنة حداد، وما من أحدٍ من الغزِّيين إلا أصابه الأذى والضر واللأواء جراء الحروب المتعاقبة على أهل غزة والاجتياح المتكرر وهدم الحجر والشجر ومحو الهوية.
إن الكيان الصهيوني يحاول إيجاد الأعذار لشن حرب على غزة تذبح معنى الحرية التي وهبها الله لعباده، فما أشبه اليوم بالبارحة فالكيان الصهيوني عام 48 هو الكيان الصهيوني اليوم، وعقيدته بالأمس هي عقيدته اليوم عقيدة الذبح وسفك الدماء وحرق المحراب.
إن الكيان الغاصب يعمد دوما إلى زعزعة العقيدة الإسلامية في نفوس أهل غزة ؛ لأنه يعلم يقينا أن هؤلاء المرابطين على أرضهم يستمدون عزيمتهم من عقيدتهم ، وما من شيء في هذه الحياة الدنيا يثنيهم عن عقيدتهم، فهي المنهج السامي الذين تربوا عليه، تُعَلِّمهم كيف تسترد الحقوق وكيف نستمسك بأرض الأنبياء، ومسرى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ بالعقيدة تستمد القوة والجلد وتستلهم المثابرة.
إن آلة الحرب لن تزعزع إيمان المؤمنين الواثقين بنصر الله ولن تضعف إيمانهم ويقينهم بالله وبأن النصر من عند الله وحده، وأن زوال الغاصبين هي مسألة وقت، وسيأتي اليوم الذي سيدفع فيه الكيان الصهيوني ثمن الدم وثمن ذبح الأطفال وقهر الرجال والتنكيل بأهل فلسطين على مدى ستة عقود من الزمن وسيكون الثمن باهظا.
وواجب على أهل غزة عمومًا أن يعلموا ويتيقنوا أن النصر من عند الله، وأن النصر مع الصبر، وأن النصر صبر ساعة، وأن صمودهم في وجه أعتى جيوش العالم – جيش الاحتلال الصهيوني- هو انتصار بمعنى الكلمة .
إن وقوع أي حرب مدمرة ليس بأمر مستبعد على الكيان الصهيوني فهم عشاق مص الدماء وقتل الأبرياء.
ثم منذ متى وفلسطين بلا حرب، هل مرَّ على هذا الشعب الأعزل يوما لم تنكأ به الجراح فأرض فلسطين كل يوم من أيامها ملونة بلون جديد من ألوان العذابات القاتمة إن لم يقتلوا شابا أسروا آخر أو ذبحوا طفلا يحلم بالحياة أو كسروا شجيرة تنمو وتترعرع أو قلعوا شجرة يمحون بها الهوية، فإن لم يفعلوا ذلك فمشروع التهويد والاستيطان مستمر وبكثرة في الأيام الأخيرة، وبذلك اليهود لم يحترموا يوما عهدا ولا ميثاقا، ولم يحترموا أي صديق، ولم يحترموا حتى من يتفاوض معهم، ليس لهم مبدأ في الحياة وقد صدق الله إذ قال فيهم :) وَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ( البقرة: ١٠٠.
لقد شن الكيان الغاصب الكثير من الحروب على فلسطين عامة وعلى غزة خاصة الكثير من الحروب على مدى عقد كامل لاستنزاف قوى الغزيين، وعلى الرغم من ذلك لم تنل من عزيمتهم ولا من شموخهم ولا حتى من صمودهم وتحديهم ولا يملكون سوى صدورهم يحاربون بها ويتحدون بها .
شعب أعزل ليس لديه قوة ولا سلاح سوى الإيمان بالله فهو سبيل الفلاح وكفى به سلاح .
شعب يُقهر ليل نهار، تداس كرامته، ينام على صوت أنباء التهديدات من هنا وهناك، يحلم بالشهادة ، يصحو على صوت آلة الشر في المنطقة .
لقد اعتاد الكيان الصهيوني أن يضرب فلا يجد من يصده، أو يقف في وجهه، فهو يرى أن من المستهجن الوقوف في وجهه! كيف لا وقد اعتاد على الصمت المطبق من كل المسلمين.
إن وقوع الحرب ليس بالأمر المحمود وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني لقاء العدو.
فالحرب أخطارها جسيمة ومتنوعة وفتاكة، وأخطار كثيرة تولدها الحرب؛ فهذا خطر الفقر، وهذا خطر الخوف، وهذا خطر القلق من الحاضر و المستقبل، أما خطر أصحاب الألسنة الثعبانية فهو أشد الأخطار وأسوؤها أثرا على المجتمع المسلم، وإن التمسك بالعقيدة واتخاذها سلاحا هو الحل الأمثل لمواجهة مثل هؤلاء فهم ليس لهم شغل شاغل سوى الإشاعات المغرضة وقد قال الله تعالى في مثل هؤلاء) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ( النساء: ٨٣
وهم يسعون بإثارة الإشاعات إلى إرجاف عامة الناس وخصوصا ضعيفي الإيمان منهم .
إن وقوع الحرب يوجب علينا أن نأخذ بالأسباب وأن نحتاط من أن يصيبنا الضرر امتثالاً لقوله تعالى:
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (النساء: ٧١
ولأننا نعيش في أرض رباط إلى يوم القيامة وجب علينا أن نفهم أن التعامل مع هذه الأخطار يجب أن يكون بالتسلح بالعقيدة فهي السلاح الذي يقهر كل الإخطار إن وقوع الحرب على المجتمع الإسلامي والمجتمع الغزي خاصة لهو بمثابة كشف للثام عن وجوه المرجفين اللئام الذين يسعون لهدم الحصون من الداخل مقابل حفنة من المال ونظرة للمنصب .
يجب أن نواجه الحرب بالتحدي والمواجهة بيقين وإيمان، ونواجه العدو بعدتنا البسيطة، ونحاول أن نرقى بجهادنا امتثالا لقوله )وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ( الأنفال: ٦٠
إن الكيان بعدته وعتاده وجبروته لم يقدر على كسر إرادة الشعب لأنه شعب اتخذ الصبر سلاحا، وصبر وضحى وثابر ورابط على مدار ستين عاما أو يزيد أمضاها في الثبات والصمود في وجه آلة الشر.
إن التعامل مع الحرب يجب أن يكون بالإيمان الصادق؛ لأن الإنسان صاحب العقيدة الصحيحة لا يمكن أن تأثر عليه الحرب ولا أن تترك تبعاتها في نفسه كما أن استمرار اليهود بشن الحروب على أرضنا الحبيبة لا يمكن أن يؤثر على مجتمع مؤمن بربه صاحب عقيدة سليمة لا يشوبها شائبة )إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (آل عمران: ١٢٠.
إن أحوج ما يكون إليه المسلين وقت الشدة هو التعاضد والتكافل والتواد والتراحم، كما أن سلاح الدعاء هو سلاح فعال، ولنا أن نتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان يدعو في خيمته متوسلا إلى ربه أن ينصره على من ظلموه وأخرجوه من أرضه، وقد كان له ما كان فالدعاء للمجاهدين أمر على قدر كبير من الأهمية فالمجاهدين هم أبطال الأمة وحماة الحمى، فيجب علينا أن لا نفقد الثقة بهم ولا نبخل عليهم بالدعاء المتواصل والتوسل إلى الله أن يسدد رميهم ويقهر عدوهم.وأن يثبتهم وقت المحنة ويزيد إيمانهم فإن النصر والهزيمة ليس بالعدة والعتاد بقدر الحاجة لناس أصحاب يقين بالله تعالى .
ختاما إن ما يمر به القطاع الغزي يذكرنا برسول الله صلى الله عليه وسلم حين تكالبت عليه الأمم حتى أقرب الأقربين تخلى عنه وشارك في المؤامرة إلا أن رسولنا صاحب العقيدة النقية واليقين المثالي لم تؤثر فيه جميع المحاولات ولم تزعزع عقيدته برب العزة وكان صبورا حتى تحقق وعد الله بالفتح المبين والنصر على الأعداء فعلينا بتقوى الله والصبر وقد حثنا الله على ذلك بقوله:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (عمران: ٢٠٠
.