فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

حاخامات من الزي الحاخامي إلى البزة العسكرية

د. عيسى القدومي

لا شك أننا نسمع الكثير من الفتاوى الحاخامية المحرضة على المزيد من القتل والجرف والتدمير، ونقرا كما من البذاءات التي تنطق بها القيادات الدينية اليهودية التي تبارك وترعى قتل الأطفال والنساء قبل الشباب والشيوخ في غزة والضفة!!

ونسمع صوتا آخر من بعض حاخامات الأرثوذكس الذين كشفوا حقيقة هذا الكيان الغاصب الذي أسمى نفسه زورا وبهتانا "إسرائيل"!! وكيف أن قيام مثل هذا الكيان مخالف للعقيدة اليهودية التي ترى أن اليهود منفيون في الأرض بأمر من الله بسبب مخالفتهم لتعاليم اليهودية؟!! وأنه يجب ألا تكون لهم دولة!! لأن قيام الكيان الصهيوني يعارض أوامر التوراة!!

وأصبح كثيرون في حيرة من هؤلاء، فهم جميعا ينتسبون إلى اليهودية الأرثوذكسية، ولكن منهم من يكفر الكيان الصهيوني لأنه نشأ خلاف إرادة الله تعالى، حسب معتقدهم!! وآخرون في فلسطين المحتلة باركوا هذا الاحتلال وشاركوا في الحكومة وأصدروا العديد من البيانات والفتاوى التي تجيز وتبارك قتل الرضع والأجنة في بطون الأمهات!!

ولإلقاء الضوء على اليهودية الأرثوذكسية وفتاواهم لا بد أن نمهد بالتالي:

اليهودية الأرثوذكسية:

تيار اليهود الأرثوذكس هو الأكبر بين التيارات اليهودية في العالم والأوسع انتشارا، ويضم في صفوفه الجماعات المتدينة الوطنية اليهودية والجماعات الأكثر تزمتا وتشددا بما له علاقة بأصول الشريعة اليهودية، وفي مقدمة هؤلاء الحريديم"- أي المتشددون دينيا واجتماعيا وسلوكيا - وينادون بالتمسك الشديد بكافة أصول الديانة اليهودية وشرائعها - التي حر فتها أيديهم- كما هو واردفي التوراة منذ بداية اليهودية وحتى أيامنا المعاصرة، وفي مقدمة ذلك الشرائع والتعليمات والأنظمة التي يجب على اليهودي - المتدين خاصة - السير بموجبها؛ ويعتقدون بكل ما جاء في التوراة والتلمود.

والأرثوذكسية ذاتها مكونة من عدة تيارات، ولكن المشترك فيما بينها هو موافقتها وتوافقها على أن الشريعة اليهودية هي مركز حياة الشعب اليهودي كجماعة وأفراد؛ ومنهم متشددين مثل "نتوري كارتا" الذين لا يعترفون ولا يوافقون على وجود دولة تجمع اليهود وفق أسس غير دينية أو وفق أسس سياسية لا تتناسب مع الرؤية الدينية السياسية للتيارات الدينية الأرثوذكسية المتشددة والمتزمتة، وهناك عدة فتات في اليهودية الأرثوذكسية تؤمن بأن هذا التيار الذي تنتمي إليه يسير وفق كافة الأسس الموضوعة منذ سيس أو ظهور اليهودية كديانة ونهج حياة!! فالأرثوذكسية تتهرب من الاعتراف بواقع حصول تغييرات على مسارها التاريخي!!

وبالرغم من تمسك اليهودية الأرثوذكسية بأسس وأصول الدين اليهودي وشرائعه وعاداته وتقاليده إلا أنها الأكثر تأثيرا على عدد كبير من مناهج حياة المجتمعات اليهودية، سواء المتدينة منها أو نصف المتدينة أو العلمانية، والتي تحتاج إلى بعض الخدمات الدينية على مراحل حياتها الأساسية. فاليهودية الأرثوذكسية تعتمد في عقيدتها وفكرها على التوراة بشكل عام وعلى التلمود بشكل خاص، وتعتمد على أقوال وفتاوى حاخامات الأرثوذكس في سيير الحياة الدينية لليهود.

وتتحكم بشكل مطلق في الحياة الدينية للكيان اليهودي في فلسطين المحتلة ؤ الوقت الحاضر: فهي صاحبة الدور الفاعل والمؤثر فتسيير الحياة الدينية، وعندما يقال "يهودي متدين" فهذا يعني أنه في الغالب أرثوذكسي.

وقد تحولت اليهودية الأرثوذكسية في فلسطين المحتلة إلى حركات وأحزاب:

أولها: الحركات والأحزاب الأرثوذكسية الصهيونية.

وثانيها: حركات وأحزاب أرثوذكسية حريدية (غير الصهيونية).

وثالثها: حركات وأحزاب أرثوذكسية حريدية حسيدية.

وسأبدأ بسرد ونقل آراء ومعتقدات وفتاوى الفئة التي ترى أن الكيان اليهودي قام على خلاف إرادة الله!! وأن تجميع اليهود وإقامة دولة لهم هو تعجيل لنهايتهم، وسأقتصر في ذلك على ثلاث شهادات:

الشهادة الأولى:

أجرى "نيل كافوتو" من محطة التليفزيون الأمريكية "فوكس نيوز" مقابلة تحت عنوان وشهد شاهد من أهلها" مع الحاخام اليهودي يسرول ويس وهو من جماعة اليهود المتحدين ضد الصهيونية، وقد حظيت باهتمام عالمي غير مسبوق حتى وصفت بأنها أهم مقابلة تليفزيونية في التاريخ، كما أثارت جدلا وسجالا غير مسبوق خاصة أنها سفهت بشكل واضح وبعبارات صريحة تلك الكذبة الشيطانية التي خدعت ذوي النيات الحسنة حول العالم، وأقنعتهم بدعم هذا الشيء الشرير والبغيض الذي يسمي الدولة اليهودية.

يقول الحاخام اليهودي يسرول ويس: إن إسرائيل أفسدت كل شيء على الناس جميعا اليهود منهم وغير اليهود، هذه وجهة نظر متفق عليها عبر المائة سنة الماضية، أي منذ أن قامت الحركة الصهيونية بخلق مفهوم أو فكرة تحويل اليهودية من ديانة روحية إلى شيء مادي ذي هدف قومي للحصول على قطعة أرض، وجميع المراجع قالت: إن هذا الأمر يتناقض مع ما تدعو إليه اليهودية وهو أمر محرم قطعا ي التوراة؛ لأننا منفيون بأمر من الله" - حسب قوله -.

وعندما سئل الحاخام: وما المانع في أن يكون لكم بلد تنتمون إليه؟ وما المانع في أن تكون لكم حكومة؟ أجاب قاطعا: "يجب ألا تكون لنا دولة، يجب أن نعيش بين جميع الأمم كما ظل يفعل اليهود منذ أكثر من ألفي عام كمواطنين يعبدون الله.

وتابع الحاخام: على العكس مما يعتقد الناس، هذه الحرب الدائرة مع الفلسطينيين خاصة أو مع العرب عامة ليست دينية؛ فقد كنا نعيش بين المجتمعات المسلمة والعربية دون أن تكون هنالك أي مشكلات ودون حاجة إلى رقابة منظمات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

وردا على سؤال آخر عما إذا كانت حياة اليهود أفضل قبل قيام دولة إسرائيل" اليهودية؟ قال الحاخام: نعم كانت أفضل بنسبة.١٠، ففي فلسطين لدينا شهادة الجالية اليهودية التي كانت تقيم هناك وغيرها من الجاليات ف أماكن أخرى من العالم بأنهم كانوا يعيشون في توافق، وأكدوا ذلك بشهادات موثقة قدموها إلى الأمم المتحدة من بينها وثيقة يقول فيها كبير حاخامات اليهود ف القدس: نحن لا نريد دولة يهودية غير أن الأمم المتحدة تجاهلت مطلبنا عندما اتخذت قرار قيام إسرائيل.

الشهادة الثانية:

نشرتها «فلسطين اليوم» في ٢٠٠٧/١٠/١٧ م، وهي مقابلة أجرتها وكالة اليونايتد برس" الأمريكية مع الحاخام آرون كوهين" من منظمة نتوري كارتا" اليهودية المناهضة للصهيونية والتي تدعو إلى تفكيك الدولة العبرية؛ لأنها تعتبرها كيانا مصطنعا، قال فيها: إن الرسالة التي نوجهها إلى الفلسطينيين هي لا تتخلوا عن حقكم ولا تيأسوا وتستسلموا؛ لأن الدولة الصهيونية كيان مصطنع وزائف ومتصدع لا يمكن أن يستمر، وسيأتي وقت زواله قريبا".

وأردف: انا أقارن دائما بين إسرائيل" وبين ما حدث للاتحاد السوفييتي ونظام الفصل العنصري جنوب أفريقيا، وأتوقع أن يحدث الشيء نفسه للدولة الصهيونية". وأضاف؛ إن رسالتنا إلى «إسرائيل» هي التراجع وعزل نفسها عن السياسات العمياء والخاصة بالعصر الحجري والنظر بعقلانية إلى الأمور والتفكير ف البشر وليس فالدولة؛ لأن دولة إسرائيل برمتها لا تستحق حياة شخصى واحد، ونحن نريد أن نرى وضعا يعم فيه السلام ولا يفقد أي شعب أرضه أكثر من وجود إسرائيل".

وعن إمكانية قيام منظمته "نتوري كارتا" بتوجيه تهم ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني ضد المسؤولين الصهاينة، أجاب: نحن مستعدون لتقديم شهادات أمام أي محكمة إذا ما جرى استدعاؤنا، ولا اعتقد أننا سنتخذ مثل هذه الإجراء؛ لأننا لسنا حركة سياسية، بل دينية تركز نشاطها في مجال التفريق بين اليهودية والصهيونية، ونترك مثل هذا النشاط والعمل من أجل إحداث التغيير للسياسيين.

وعارض الحاخام كوهين تصنيف «إسرائيل» والدول الغربية المتحالفة معها لحركة حماس على أنها منظمة إرهابية، وقال: "نحن نتفهم «حماس» ونعرف أنها تضم أناسا صادقين، وندرك السبب الذي تكافح من أجله، ونصلي كي لا يقع المزيد من أعمال العنف.

وأضاف: "هناك فارق بين النشاطات التي تقوم بها «حماس، وبين نشاطات الحكومتين البريطانية والأمريكية في الحرب العالمية الثانية، حين قصف البريطانيون مدينة درسدن؛ ما آدى إلى مقتل متات الآلاف من الأشخاص من بينهم نساء وأطفال، وألقى الأمريكيون القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي، ولم يقل أحد إنهم إرهابيون.

وقال الحاخام كوهين: "إن دعوتنا لتفكيك «إسرائيل» تمثل الحل لمشكلة الشرق الأوسط، بدلا من حل الدولة الواحدة الذي ظلت القيادات «الإسرائيلية» متمسكة به، على أن يقرر سكانها اليهود البقاء في فلسطين إن أرادوا أو العودة إلى دول الأصل.

ومقابلة سابقة أكد كوهين ف حديث لوكالة "فارس" أن الصهيونية لا تمت لليهودية بأية صلة؛ وذلك لأنها لم تلتزم بأبسط القيم الإنسانية. وأشار إلى أن الله يأمر اليهود في التوراة بأنه لا يحق لهم امتلاك حكومة وبلد مستقل بسبب تعاملهم السيئ، موضحا أن قيام دولة الاحتلال الصهيوني كان على أساس غير مشروع ويعارض الأوامر الصريحة للتوراة.

الشهادة الثالثة:

وثالثة الشهادات ما صرح بها الحاخام دوفيد وايس"، رئيس حركة "نتوري كارتا"، حوار لـ"الشروق اليومي «والتي نشرت في ٠٧/ ٠١/ ٢٠٠٨: حيث أكد أن أكذوبة «إسرائيل» ستزول في أقرب الآجال، وأن هذه "الدولة الكافرة" اسست على أنقاض اليهود ف العالم الذين وعدوا بالجنة ولم يجدوا إلا الرعب والخوف والمذلة ف هذه الدولة، وأن اكذوبة إسرائيل" تعيش ظاهرة جديدة هي الهجرة من «إسرائيل، إلى خارجها، وهذا ما يدل على تفككها.

 

وأضاف الحاخام دوفيد: "يجب علينا أن نعيد فلسطين لأهلها ونعتذر لهم وإسرائيل دولة كافرة وستزول بمشيئة الله"... و" الصهاينة سرقوا الأرض العربية الفلسطينية، وقتلوا ونهبوا... والدولة التي أنشؤوها مبنية على الكفر والنفاق والإجرام، ويكفي قراءة مذكرات أقطاب الصهاينة لمعرفة أنهم جاؤوا ليغتصبوا اليهودية... وليضللوا اليهود في العالم... وحسب التوراة، فإن تجمع اليهود في أرض واحدة يعني نهايتهم... وقد عاقبنا الله بالعيش في الشتات ومحرم علينا أن نكون ف أرض واحدة... وحتى إن تجمعنا ف أرض خالية من السكان وغير تابعة لأي دولة فهذا حرام.. فما بالكم باغتصاب أرض الآخرين وقتلهم وتشريدهم؟!.

وحين سئل: لماذا اختار الصهاينة "فلسطين" بالضبط؟ أجاب: "هناك دعاء نقول فيه يجب أن نعود لإسرائيل"، وتفسيره: ليست إسرائيل الأرض، بل إسرائيل الديانة، وقد فسره الصهاينة حسب أهوائهم.. في كل تاريخنا، عشنا مع العرب في سلام ومحبة وأمن، فلماذا نحن بحاجة إلى دولة؟.. ما يفعله الصهاينة يوميا بالفلسطينيين عار على كل اليهود ونحن معقدون من ذلك؛ لأن هذه الجرائم ترتكب باسمنا!! فالصهاينة ارتكبوا أبشع المجازر ضد الفلسطينيين العزل، ويجب علينا ألا نقدم للفلسطينيين قطع أرض وكأنها هدايا، بل يجب علينا أن نعتذر لهم وأن ننسحب من أرضهم.

وحين سئل: لماذا نجد أحزابا دينية أرثوذوكسية داخل «إسرائيل» مثل حزب شاس أو اليوسيف" التي تدعم الكيان الصهيوني؟ أجاب: هذه الأحزاب الدينية باعت ذمتها بأبخس الأثمان عندما دخلت اللعبة السياسية، وأنا أتذكر جيدا، والوثائق التاريخية تثبت أنهم كانوا ضد الكيان الصهيوني، ودخلوا الحكومة والبرلمان من منطلق المشاركة فسقطوا في فخ السياسة.. !!

وأضاف حين سئل: ما هو تقييمكم لستين سنة من قيام دولة «إسرائيل»؟ أن ستين سنة من "أكذوبة إسرائيل" وليست "دولة إسرائيل"، أظن أن المعجزة لم ولن تتحقق، وحلم "الوطن اليهودي" قد مات، واليهود في هذه الأرض الفلسطينية المغتصبة لم يجدوا سلاما ولا أمنا، فأصبحنا نشهد حاليا ظاهرة الهجرة ليس إلى «إسرائيل»، بل من «إسرائيل»، ويوميا يهرب الآلاف من اليهود من هذه الدولة الكافرة، هدفهم البحث عن عيش أفضل في أمريكا وفي دول أخرى.

وعندما ذكر له القول الدارج أن: حركتكم غير حاضرة ف وسائل الإعلام الأمريكية الثقيلة، لماذا ذلك؟ أجاب: "هناك تعتيم إعلامي كبير على أنشطتنا، رغم أننا كل سنة ننظم مسيرة في شوارع نيويورك تضم عشرات الآلاف من اليهود نندد فيها بالدولة الصهيونية ونحرق علمهم.. والمعروف أن أغلب وسائل الإعلام الأمريكية يسيطر عليها الصهاينة، وكل السياسيين الأمريكيين يخافون المنظمة الصهيونية «AIPAC» ويعرضون خدماتهم عليها، ومن لا ترضى عنه هذه المنظمة الصهيونية فستكون نهايته"!!

من التكفير إلى المباركة!!

اليهود الأرثوذكس الذين يتبنون هذا المعتقد أصبحوا قلة، وقليل منهم من يفصح عن آرائه.. وأفسدتهم الصهيونية!! وأصبح الكثير منهم بوقا للاحتلال!! بل كثيرا من قياداتهم الدينية الأرثوذكسية قبلوا التعاون مع الكيان الغاصب والمؤسسة الصهيونية في داخل فلسطين... وأصبحت فتاواهم تجيز بل تدفع للقتل والدمار على الأرض التي باركها الله للعالمين، فقد جندوا أنفسهم ليخدموا هذا الكيان واستمرار وجوده على أرض المسلمين، وغدا أتباع التيار الديني الأرثوذكسي الأكثر اندفاعا لإقامة المغتصبات في الضفة الغربية، وقد شاركت حركة «شاس» الأرثوذكسية في حكومة أولمرت، وتنقل وسائل الإعلام العبرية أن الحاخام إيلي إتياس وزير الاتصالات، أصغر الوزراء سنا في حكومة أولمرت لا يتورع عن دفع مكتب أولمرت بقدمه وينذره بأن يوافق على كل مخططات البناء في المغتصبات الأرثوذكسية، وإلا فإن حركة «شاس» ستغادر الحكومة!! وبذلك انتقل الكثير من حاخامات "الأرثوذكس من" تكفير "الدولة العبرية " إلى الذوبان فيها، وأصبح رافدا من روافد اليمين المتطرف في الكيان الغاصب.

ولا شك أن لليهودية الأرثوذكسية تمثيلا كبيرا في البرلمان اليهودي، وهذا يعني أن لها دورا مهما فرسم السياسات اليهودية، وفضلا عن ذلك فإنها تشكل لسان الميزان في أي حكومة احتلال، فلها دور كبير في إنجاح وإسقاط الحكومات، وبالتالي يكون لها القدرة على فرض رؤيتها وسياستها على الكيان العبري.

اليهود الأرثوذكس بين التكفير والذوبان:

اليهودية الأرثوذكسية وفتاوى حاخاماتهم تكشف حجم الخلافات والتناقضات في تفسيرهم لنصوص التوراة - التي حرفتها أيديهم - وفهمهم لما خط من شروح في التلمود؛ فالبعض منهم يكفر الدولة لأنها قامت خلاف مشيئة الله تعالى!! وآخرون مباركون ومساهمون في استمرار دولة الاحتلال، وسنذكر فتاواهم وبذاءاتهم ودورهم الديني والسياسي في الكيان اليهودي الغاصب لأرض فلسطين المباركة.

وسأسطر هنا دور هذه الفئة من اليهود الأرثوذكس وفتاوى حاخاماتهم الذين يرون أن أرض فلسطين هي أرض الميعاد التي يجب أن يحارب الجميع من أجل امتلاكها، وإقامة التعاليم اليهودية على أرضها، بل تشريد أهلها، وتغيير معالمها، وقتل أطفالها!!

ترسيخ الاحتلال والاستيلاء على أراضي فلسطين:

ساهمت تصريحات وفتاوى وأقوال حاخامات اليهود في ترسيخ الاحتلال والاستيلاء على أراضي فلسطين؛ حيث يرى حاخامات اليهود الأرثوذكس - في فلسطين المحتلة - وجوب تحرير أرض" إسرائيل" من الغاصبين!!

ويعتبرون الجيش الذي يقوم بذلك مقدسا، كما قال الحاخام تسفي يهودا كوك - الزعيم الروحي لجماعة "غوش أمونيم"-: "إن الجيش الإسرائيلي كله مقدس؛ لأنه يمثل حكم شعب الله على أرضه.

وجعل قادة اليهود من الحاخامات الحرب أساسا من الأسس لاستمرار هذا الكيان المغتصب؛ فقد أعلن الحاخام العسكري للكيان اليهودي - موشيه جورن- أن: الحروب الثلاث التي جرت بين "إسرائيل" والعرب خلال السنوات ١٩٤٨ م، ٦ ١٩٥ م، ١٩٦٧ م هي في منزلة الحرب المقدسة، فأولها لتحرير أرض إسرائيل، والثانية لاستمرار دولة إسرائيل، أما الثالثة فقد كانت لتحقيق نبوءات إسرائيل.

وبعد يومين من سقوط مناطق بعد حرب ١٩٦٧ م كان الطلاب يتجمهرون أمام مبنى البرلمان اليهودي مرددين الشعار التالي: إياكم وإرجاع المناطق المحتلة".

وأفتى الحاخام الأكبر بعد احتلال فلسطين في ١٩٦٧ م: "بتكفير كل من يتخلى عن شبر واحد أو ذرة واحدة من "أرضنا الموعودة!! - على حد زعمه - وصرح وزير الشؤون الدينية في الكيان اليهودي زراخ فارها فتيغ " بقوله: "ها قد عدنا إلى أرضنا، ومن الأن إلى الأبد". وأعلن حاخام إسرائيل الأكبر، إسحاق نسيم غداة الخامس من يونيو ١٩٦٧ م بأن: "ارض إسرائيل هي ميراث مقدس لدى كل يهودي.

مباركة قتل المدنيين الفلسطينيين:

أكد إسرائيل شاحاك" في كتابه «تاريخ اليهود» أنه جاء في كتيب نشرته قيادة المنطقة الوسطى في الجيش اليهودي عام ١٩٧٣، للكاهن الرئيسي لهذه القيادة، وهي المنطقة التي تشمل الضفة الغربية: "عندما تصادف قواتنا مدنيين خلال الحرب أو أثناء مطاردة أو في غارة من الغارات، وما دام هناك عدم يقين حول ما إذا كان هؤلاء المدنيون غير قادرين على إيذاء قواتنا، فيمكن قتلهم بحسب الهالاخاه- وهي النظام القانوني لليهودية الحاخامية - المستمدة من التلمود البابلي والمصنفة حسب الشرائع التلمودية تصنيفا يسهل قراءتها والرجوع إليها - لا بل ينبغي قتلهم إذ ينبغي عدم الثقة بالعربي في أي ظرف من الظروف، حتى وإن أعطى انطباعا بأنه متمدن؛ ففي الحرب يسمح لقواتنا وهي تهاجم العدو بل إنها مأمورة بالهالاخاه بقتل حتى المدنيين الطيبين، أي المدنيين الذين يبدون طيبين في الظاهر".

وحقيقة القانون اليهودي (الجنائي) لا يعاقب اليهود المتسببين في قتل مدنيين فلسطينيين معاقبة حقيقية، بل تكون شكلية فقط، وهذا مبني على تعاليم تلمودية والتي نصها في الموسوعة التلمودية: أن اليهودي الذي يقتل - أحد الأغيار - يكون قد ارتكب معصية غير قابلة لعقوبة صادرة عن محكمة.

ويؤكد هذه الحقيقية الصحافي والكاتب اليهودي إسرائيل شاحاك حيث يقول: "والواقع هو أنه ؤ كل الحالات التي أقدم فيها يهود على قتل عرب غير محاربين، في سياق عسكري أو شبه عسكري - بما فيها حالات القتل الجماعي، كما في كفر قاسم عام ١٩٥٦ م فإن القتلة - إن لم يكن قد أطلق سراحهم جميعا - تلقوا أحكاما خفيفة إلى أقصى الحدود أو نالوا إعفاءات خففت عقوباتهم إلى حد باتت معه في حكم اللاشيء.

ويحث حاخامات اليهود أتباعهم علنا على ارتكاب مجازر وأعمال قتل على غرار ما فعله بروخ غولد شتاين منفذ عملية المسجد الإبراهيمي، وصرح بذلك الحاخام اليتسور سيغال في مقالة له نشرت فف نشرة تصدر باسم "معهد الفكرة اليهودية الذي يدرس فيه، ووزعت على نطاق واسع بين المتدينين اليهود حيث قال: إن الانتحار محرم حسب تعاليم الدين اليهودي ولكن في أوقات الحرب ليس هناك أحيانا شيء اسمه انتحار، ويسمح بتنفيذ عمل يؤدي للموت كما فعل البطل المقدس!! دكتور بروخ غولد شتاين في الخليل!!

بذاءات حاخامات اليهود:

وحاخامات اليهود يواصلون مسلسل بذاءاتهم ضد العرب والمسلمين والدعوة إلى قتلهم وأنهم كالحشرات والحيوانات، حيث وصف الحاخام "عوفاديا يوسف" الزعيم الروحي لحزب شاس اليهودي الشرقي الفلسطينيين بأنهم "اسوا من الثعابين، إنهم أفاع سامة". وقال: «هؤلاء الأشرار العرب تقول النصوص الدينية إن الله ندم على خلقه أبناء إسماعيل هؤلاء، وإن العرب يتكاثرون كالنمل، تبا لهم فليذهبوا إلى الجحيم».

سر على خطى أبيك:

نقلت صحيفة السبيل الأردنية في عددها ١٥٦ بتاريخ ١٩٩٦/١١/١٩ م خطاب الحاخام دوف ليؤر "حاخام مغتصبة كريات أربع في الخليل ابن المجرم غولد شتاين منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي، في حفل ديني أقيم ليعقوب غولد شتاين بمناسبة بلوغه سن ١٣ عاما وهو سن الرشد حسب التقاليد اليهودية: سر على خطى أبيك، لقد كان بطلا عادلا "

الدعوة لمحو بيت حانون عن الأرض:

نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت بتاريخ ٢٠٠٨/٢/٢١، عن الحاخام شموئيل إلياهو، قوله: إن إسرائيل إذا ما أرادت حماية "سديروت وعدم تدميرها، فانها يجب أن تدمر بيت حانون". وأضاف: "يصعب علي فهم إصرار الحكومة الإسرائيلية على التعامل وفق التعاليم المسيحية، وتواصل إدارة الخد الآخر"، مشيرا إلى ما نص عليه الانجيل بهذا الصدد. وطالب حكومة أولمرت الأخذ بما ورد فالتوراة: إذا حاول شخص أن يقتلك، كن أسرع منه واقتله أولا"، حسب تعبيره.

مباركة مجزرة غزة!!

وقد أيد عدد من كبار الحاخامات في الكيان الغاصب الفتوى التي أصدرها الحاخام يسرائيل روزين خلال أحداث غزة المؤلمة، ونشر رفاقه من الحاخامات تأييدا لتلك الفتوى بأنه يجب على اليهود تطبيق حكم التوراة الذي نزل في قوم "عملاق"، على الفلسطينيين. هذا ما تناقلته وسائل الإعلام والمواقع في الشبكة العالمية عن الحاخام يسرائيل روزين رئيس معهد تسوميت" وأحد أهم مرجعيات الافتاء اليهود، أنه يجب تطبيق حكم "عملاق"، على كل من تعتمل كراهية إسرائيل في نفسه"؛ إذ ينص الحكم على قتل الرجال والأطفال وحتى الرضع والنساء والعجائز، وسحق حتى البهائم.

وحسب التراث الديني اليهودي فإن قوم "عملاق كانوا يعيشون في أرض فلسطين، وكانت تحركاتهم تصل حتى حدود مصر الشمالية. وحسب هذا التراث فقد شن العماليق هجمات على مؤخرة قوافل بني إسرائيل بقيادة النبي موسى - عليه السلام - عندما خرجوا من مصر واتجهوا نحو فلسطين. ويضيف التراث أن الرب" كلف بني إسرائيل بعد ذلك بشن حرب لا هوادة فيها ضد العماليق. وتلا روزين الحكم الذي يقول: اقضوا على العماليق من البداية حتى النهاية.. اقتلوهم وجردوهم من ممتلكاتهم، لا تأخذكم بهم رأفة، فليكن القتل متواصلا شخصا يتبعه شخص، لا تتركوا طفلا، لا تتركوا زرعا أو شجرا، اقتلوا بهائمهم من الجمال حتى الحمار. وحسب التراث اليهودي فقد كان يوشع بن نون هو أول من طبق هذا الحكم عندما انتصر على العماليق، فدمر مدينتهم أريحا على من فيها.

الدعوة لنشر الإباحية بين المسلمين:

أكد الحاخام اليهودي مردخاي فرومار" للمستمعين في أحد المعابد اليهودية أنه يمتلك حلا سحريا للصراع العربي الصهيوني، معتبرا أن هذا الحل سيؤدي ف حال تنفيذه إلى إنهاء الصراع الصهيوني مع الإسلام تماما.

ولخص الحل بالاتي: "لا بد أن تبذل الدوائر الصهيونية "إسرائيل والعالم كله قصارى جهدها من أجل علمنة المجتمع الإسلامي كله؛ بحيث يتم القضاء نهائيا على كل أسس وتعاليم وتاريخ الإسلام، على أن يتم ذلك عن طريق نشر فنون الجنس والإباحية ونشر ثقافة الدعارة في أوساط المسلمين".

وأضاف: "علينا استخدام الإنترنت بشكل أكبر من أجل ترويج الأفلام والفنون الجنسية التي تسيطر على حماس شباب المسلمين، حتى يصبحوا أكثر اقترابا من الغرب ويبتعدوا تماما عن ثقافتهم الإسلامية ". و"على إسرائيل أن تنسى تماما أية محاولة للتخلص من المسلمين عسكريا فلن تبلغ ذلك أبدا مادام بداخلهم أدنى علاقة بهويتهم الإسلامية.. ولكن "إسرائيل" تستطيع عقب علمنتهم التخلص منهم بسهولة منقطعة النظير، هذا إذا احتاج الأمر لذلك، علينا فقط من اليوم دفع العاهرات إلى المجتمعات الاسلامية وعلينا أيضا ترويج الأفلام ومواقع الإنترنت الجنسية"!!

وختم حله السحري بقوله: «علينا شحذ حماسة المرأة المسلمة نحو تجميل نفسها وارتداء أقل الملابس؛ حتى تكون أكثر فتنة للرجال.. وعلينا أن نضع ي ذهن كل امرأة مسلمة أن إنجاب أكثر من طفل أو طفلين يذهب بجمالها.. وأن على المرأة المسلمة أن تعمل على الاهتمام بإظهار جمالها وليس ارتداء الحجاب الذي يغطي ذلك الجمال، ولنعمل على أن تسير كل امرأة مسلمة وهي عارية البطن».

الدافع والمرجع لهذه الفتاوى:

وهذه الفتاوى ليست جديدة، بل هي قديمة جدا منذ أن وجد اليهود على أرض فلسطين وحاخاماتهم يصدرون إليهم الفتاوى بذبح الفلسطينيين وقتلهم، وتعود إلى الثقافة العنصرية التوراتية التي أوجدت العدوانية والإرهاب لدى الشخصية اليهودية تجاه الآخر وخاصة الفلسطينيين.

واليهود يتلقون من التلمود والتوراة - التي حرفتها أيديهم - الروح العدوانية التي تدعوهم لارتكاب المجازر البشعة بحق الفلسطينيين وتدعو حاخاماتهم إلى إصدار مثل هذه الفتاوى الإرهابية. كذلك العقلية الصهيونية تقوم على عقيدة شعب الله المختار - افتراء على الله - تلك العقيدة التي تعزز الحقد على الأخرين، واعتبار كل من سواهم نعاجا وعبيدا لليهود؛ بناء على نصوص توراتية على لسان الرب، والرب منها براء !!

فالثقافة التوراتية العنصرية وعقيدة شعب الله المختار مترسخة في العقلية الصهيونية، وتدرس في المدارس الدينية الصهيونية من خلال الحاخامات الصهاينة والأحبار اليهود، ثم تأتي تطبيقاتها من خلال الجنود الصهاينة والمؤسسة العسكرية الصهيونية.

فلا شك أن التوراة المحرفة بين أيدي الحاخامات الصهاينة هي مصدر هذه الفتاوى الشيطانية؛ فقد جاء فيسفر التثنية بالنص: وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة غنيمتها فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست في مدن هؤلاء الأمم هنا، أما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا - مثل فلسطين ومن حولها من دول - فلا تستبقي منهم نسمة بل تحرمها تحريما».

والجدير بالذكر أن عدة إحصاءات واستطلاعات قامت بها (مؤسسات يهودية) كشفت بيانات وأرقاما توضح العداء وطبيعة الشارع اليهودي ومواقفه من المسلمين وتأثير فتاوى الحاخامات، وذلك قبل الحرب الأخيرة على غزة:

٨٠% لمغادرة العرب من (أرض إسرائيل).

٦٦% مع الحركات اليهودية المتطرفة.

٦٥ % برروا استخدام العنف ضد المسلمين.

وبعد الحرب على غزة جاءت نتيجة الاستطلاعات حسب صحيفة يديعوت أحرونوت في ٢٠٠٩/١/٢٩ والتي تهدف إلى فحص الشعور الوطني لليهود في فلسطين المحتلة عقب الحرب على غزة:

 ٨٨% يفخرون بقوة بوطنيتهم بعد الحرب على غزة، في مقابل ٨١% في العام الماضي.

٧٢% يرون في «إسرائيل» أفضل الأوطان في مقابل ٦١% في العام الماضي.

٨٨ % لديهم استعداد لرفع علم «إسرائيل» والوقوف دقيقة صمت في ذكرى البطولة والكارثة، في مقابل ٨١% في العام الماضي.

٨١ % يفضلون تربية أبنائهم في الدولة العبرية.

٩٥ % يرغبون في التضحية بأنفسهم في سبيل الدولة العبرية بعد الهجوم على غزة، وكانت النسبة ٨٤ % في العام الماضي.

٧١ % قالوا: إن العملية على غزة سوف تقوي أواصر المجتمع اليهودي.

٢% فقط قالوا: إن للعملية العسكرية على غزة آثارا سلبية.

أرقام تكشف الواقع وتأثير الحاخامات والدفع للحروب، والتي تمثل العلاج الدائم لاستمرار هذا الكيان الغاص، حيث أضحت آراء الحاخامات وحركاتهم ومشاركتهم السياسية لها أبلغ التأثير على سياسة الاحتلال!!

مجلة بيت المقدس للدراسات – العدد الثامن

.