فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

تقرير: وحدة "الدفاع الجوي" القسامية.. آفاق جديدة في سجل المواجهة مع الاحتلال.

تقرير: وحدة "الدفاع الجوي" القسامية.. آفاق جديدة في سجل المواجهة مع الاحتلال

 

المختصر/

نجحت في إصابة أول مروحية صهيونية منذ عام 1967

 

المركز الفلسطيني للإعلام / بنجاحها في إصابة طائرة مروحية صهيونية كانت تحلق في سماء شمال قطاع غزة، مساء الجمعة (14/3)، ترسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" معالم مرحلة جديدة من المواجهة الشاملة مع الاحتلال الصهيوني من أجل التحرير براً وبحراً جواً.

فبعد أن نجحت "كتائب القسام" في مواجهة الاحتلال على الأرض بتكتيكاتها المختلفة ونفذت عدة عمليات بحرية قوية، جاء الدور هذه المرة لتسجل بداية اختراق في مواجهة عنوان التفوق الصهيوني المتمثل في سلاح الجو.

إصابة المروحية

ففي يوم مبارك من أيام الله، الجمعة (14/3)؛ تمكنت وحدة الدفاع الجوي التابعة لكتائب القسام من إصابة مروحية صهيونية حلقت شمال قطاع غزة لتجبرها على الانسحاب والهبوط الاضطراري في موقع عسكري صهيوني محاذي للقطاع، وسط حالة من الصدمة الصهيونية.

ويؤكد "أبو عبيدة"، المتحدث باسم "كتائب القسام" أنه وفور رصد المجاهدين لطائرة مروحية صهيونية تحلق في سماء شمال قطاع غزة وتنفذ عملية قصف ضد هدف في بيت حانون، تحركت وحدة الدفاع الجوي في الكتائب لتتصدى للطائرة بنيران كثيفة ومن عدة جهات، وتمكنت بفضل الله من إصابتها بشكل مباشر ما اضطرها للهبوط الاضطراري في موقع عسكري لقوات الاحتلال قرب بيت حانون.

أسلحة متواضعة وعزم على الاستمرار

ورغم أن المتحدث باسم "القسام" يؤكد أن الكتائب لا تملك منظومة من المضادات الأرضية التي يمكن أن تتصدى لكل الطائرات؛ إلا أنه أكد أن مجاهدي وحدة الدفاع الجوي استخدموا ما لديهم من أسلحة متواضعة عبارة عن رشاشات ثقيلة ومتوسطة في مواجهة الطائرة الصهيونية وأصابوها.

وقال: "هذه رسالة من كتائب القسام بأنها تبذل قصارى جهدها للتصدي للطائرات الصهيونية وأنها ستواصل ضرب تلك الطائرات بما لديها من ذخيرة تتحسن باستمرار".

العدو يعترف

قوات الاحتلال اعترفت بإصابة الطائرة المروحية واعتبرت ذلك تطوّراً ميدانياً خطيراً هو الأول من نوعه داخل فلسطين منذ سنة 1967، وتكتمت على الكثير من التفاصيل.

وأكدت قناتا التلفزة العبرية الأولى والثانية، مساء الجمعة، أنّ مروحية صهيونية هجومية أصيبت للمرة الأولى الجمعة بنيران فلسطينية، بينما كانت تنفذ "مهمة روتينية" فوق قطاع غزة. وقالت القناة العبرية الأولى أنّ طاقم المروحية التي عادت لاحقاً إلى قاعدتها أفاد أنها أصيبت بالفعل.

ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر عسكرية صهيونية أنها تنظر بخطورة بالغة إلى إصابة الطائرة العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، والذي لم يحدث من قبل منذ احتلال قطاع غزة عام 1967، مشيرة إلى أنّ الأجهزة الأمنية الصهيونية تفحص الآن نوعية السلاح الذي أصاب الطائرة.

بدورها؛ أكدت القناة الثانية العبرية، أنّ مروحية صهيونية مقاتلة أصيبت مساء الجمعة برصاص من وصفتهم بمسلحين فلسطينيين أثناء تحليقها في أجواء قطاع غزة.

وأمام صدمة إصابة الطائرة المروحية الصهيونية ألمح صحافيون صهاينة إلى إمكانية أن تكون المروحية قد أصيبت من قبل مروحيات صهيونية أخرى ولم تعلن عن ذلك المصادر العسكري حرصاً على معنويات قواتها.

سجل الأوائل

الإنجاز القسامي الجديد الذي يضيف عنواناً جديداً لسجل الأوائل في مجال المقاومة الذي تتربع على عرشه كتائب القسام، لم يكن وفق مراقبين ومجاهدين من القسام، مجرد صدمة بل هو نتاج إلى جانب التوفيق الإلهي جهد دؤوب وعمل حثيث وضع هدفاً أمامه تقليص آثار التفوق الجوي لقوات الاحتلال وتشويش عمله.

التحدي الكبير .. والقسام على قدر المسؤولية

ويؤكد أبو الفضل أحد القادة الميدانيين في "كتائب القسام" أنه وبعد نجاح الكتائب في مواجهة قوات الاحتلال على الأرض وإلحاق خسائر كبيرة في صفوفها خلال كل محاولة للتوغل في قطاع غزة، كتتويج لعمليات نوعية تحت الأرض وفوق الأرض وفي عرض البحر، كان التحدي الأكبر هو كيف مواجهة التفوق الجوي الصهيوني الذي تستغله لاستهداف المجاهدين واغتيالهم، وعليه كان القرار بالانطلاق لتشكيل وحدة الدفاع الجوي لتكون نواة لمواجهة هذا التفوق وحماية ظهر المجاهدين.

وأشار إلى أن هذه الوحدة وإن بدأت بإمكانات بسيطة من رشاشات متوسطة وثقيلة إلا أنها استطاعت خلال فترة وجيزة من بدء عملها من أن تشكل تهديداً جدياً لطائرات الاحتلال ومعيقاً له في عمله، ونجحت في إسقاط ثلاثة مناطيد تجسس جنوب وشمال قطاع غزة قبل أن تصيب الطائرة الصهيونية باعترافات قوات الاحتلال.

من مخازن للسلطة إلى الخدمة الميدانية

مخاوف الاحتلال من قدرات "كتائب القسام" على مواجهة الطائرات الصهيونية بدأت عقب عملية الحسم العسكري في يونيو (حزيران) 2007، التي وضعت خلالها الكتائب يدها على أنواع مختلفة من الأسلحة جزء منها مخصص لمجابهة الطائرات كان رهينة مخابئ الأجهزة الأمنية التي كانت قائمة آنذاك.

فبعد عملية الحسم مباشرة عبّرت أوساط في المؤسسة العسكرية الصهيونية عن قلقها العميق من أن تقدم كتائب القسام بعد سيطرتها على مخازن السلطة على أخذ كميات كبيرة من الأسلحة من بينها صواريخ مضادة للدروع وأخرى للطائرات إضافة إلى صواريخ كاتيوشا وصواريخ مضادة للطائرات من طراز "ستريلا" وأخرى مضادة للدروع من طراز "ساغر" إضافة إلى صواريخ أرض – أرض من طراز "غراد" روسية الصنع في مواجهة القوات الصهيونية.

وحدة الدفاع الجوي

ما تخوفت منه قوات الاحتلال بدأ يتحقق عملياً وتدريجياً، فما كان من سلاح في مخازن السلطة الموالية لها وكان مقدراً له مواجهة المقاومة بدأ يأخذ طريقه لساحة المواجهة، وبفاعلية كبيرة.

وظهر اسم وحدة الدفاع الجوي في كتائب القسام لأول مرة في السادس والعشرين من أكتوبر (تشرين أول) 2007، عندما بثت كتائب القسام صوراً لمجاهدي الوحدة وهم يتصدون برشاشات ثقيلة عيار 14.5، مثبتة على قوائم ثلاثة وعجلات متحركة لطائرات أباتشي صهيونية في قطاع غزة.

وقال أبو الفضل القائد الميداني في القسام إن الوحدات الهندسية في الكتائب أدخلت تعديلات فنية وهندسية على هذه الرشاشات التي تم العثور عليها في مخازن السلطة بعد الحسم العسكري، موضحاً أن قوات الاحتلال ورغم ولاء الأجهزة المندحرة لها لم تكن تأمن من استخدامها ضدها، فكانت مجهزة ومثبتة وفق زوايا معينة بحيث لا يمكن استخدامها للأعلى ضد الطائرات وإنما للاستخدام الأفقي.

تطوير المضادات

وأضاف: "قام المجاهدون بإدخال تحسينات جوهرية أتاحت حركة هذه الرشاشات في كل الاتجاهات وفي كل الزوايا وبشكل رأسي أيضاً إضافة لتجهيز قواعد خاصة لها تضمن سهولة تحركها واستخدامها في الميدان بتمويه كبير.

وفاجأت "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة حماس في 20/12/2007 قوات الاحتلال باستخدام هذه المضادات في عملية التصدي لطائرات الأباتتشي التي كانت تحلق فوق القطاع لتوفير الحماية لقوات برية كانت تتوغل في مخيمي المغازي والبريج وسط قطاع غزة، وأجبرتها على الانسحاب قبل أن تعود وتحلق على ارتفاعات عالية جداً.

حماية ظهر المجاهدين

وبات بعد ذلك تصدي "كتائب القسام" لطائرات الاحتلال جزءاً من عمليات المقاومة وإسنادها وبالأخص خلال العمليات الخاصة وعمليات التصدي لقوات الاحتلال، وكان يمكن لمس أثر ذلك في كل مرة تنسحب فيها طائرات الاحتلال أو تضطر للتحليق على ارتفاعات عالية جديدة.

ففي السادس من الشهر الجاري؛ توجه "أبو عبير" القيادي في "ألوية الناصر صلاح الدين" الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية بالشكر والتحية لوحدة الدفاع الجوي في القسام التي عملت على تغطية انسحاب اثنين من الاستشهاديين بعد أن بقيا محاصرين لما يقارب من ساعتين قرب موقع كيسوفيم الصهيوني شرق خان يونس (جنوب قطاع غزة)، بعد أن نجحا في تفجير عبوة ناسفة في جيب أدت لمقتل جنديين صهيونيين وإصابة اثنين آخرين بجراح.

التخوف يصل البنتاغون!

وأقر جيش الاحتلال غير مرة أنه يواجه تصدياً للطائرات من مضادات أرضية في قطاع غزة خلال العمليات التي ينفذها في قطاع غزة، بل إن قوات الاحتلال قالت مطلع العام الجاري إنها تحقق في صور نشرتها وكالات الأنباء تظهر وكأن طائرة صهيونية تعرضت لصاروخ خلال مشاركتها في طلعة أثناء توغل جنوب قطاع غزة ووصل هذا التخوف إلى وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" والتي أعلنت : أن الوزارة تدرس تقريراً عن قيام حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" بإطلاق صاروخ مضاد للطائرات على طائرة عمودية صهيونية ومعرفة مصدره.

ولم تقتصر مواجهة القسام لطائرات الاحتلال على التصدي المباشر، بل استخدمت فيها صراع الأدمغة والعقول القسامية اختارت أن تكشف تفاصيل بعضها واختارت أن تبقي أخرى طي الكتمان. فكتائب القسام لم تكشف حتى الآن كيف نجحت في السيطرة على طائرة استطلاع صهيونية في الثالث عشر من يناير (كانون ثاني) 2007، وهي الطائرة التي عرضت صورها على وسائل الإعلام ودشنت حينها بداية المعركة بين القسام وسلاح الجو الصهيوني.

وأكد حينها أبو عبيدة أن القسام استولت على الطائرة في عملية عسكرية معقدة دون أن يقدم تفاصيل، مشدداً على أنها استهدفت طائرات الموت لصهيونية.

رسالة قوية

ويؤكد الكاتب والإعلامي الفلسطيني إياد القرا أن حادثة إصابة الطائرة الصهيونية تشكل تطوراً مهماً في سياق التطور النوعي للمقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الصهيوني.

وشدد على أن استهداف سلاح الطيران الصهيوني هو رسالة قوية وموفقة من المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام للاحتلال الصهيوني بأن سلاح الطيران الذي يمثل سر تفوق الاحتلال في كل حروبه السابقة أصبح في دائرة الخطر وأن مهماته في غزة لم تعد مجرد نزهة، وأن على الطيارين أن يفكروا ألف مرة قبل التحليق في سماء غزة.

سماء غزة كما أرضها حرام على الاحتلال

ورأى أن "كتائب القسام" تسير في الاتجاه الصحيح بخطوات ثابتة ومتزنة ومخططة للوصول إلى قوة ردع عالية في مواجهة القدرات العدوانية العالية للعدو الصهيوني ولتحقيق توازن الرعب مع الكيان الصهيوني، وتقليص وشل فعالية أسلحتها ضد المقاومة الفلسطينية بحيث يأتي اليوم الذي تكون فيها عاجزة عن التحليق في سماء غزة كما هي عاجزة عن التوغل في عمقها.

فهل تصبح سماء غزة كما أرضها حرام على الاحتلال الصهيوني وطائراته .. يبدو أن هذا ما تسير نحوه "كتائب القسام" بخطى واثقة وثابتة.

 

.