فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
هآأرتس: جنودنا متعطشون للدماء وتبريرات الجيش نوع من التضليل

الأحد 26 من ربيع الأول1430هـ 22-3-2009م
مفكرة الإسلام: اعتبرت صحيفة هآأرتس العبرية شهادات الضباط والجنود "الإسرائيليين" حول قتل فلسطينيين أبرياء في الحرب في غزة، إثباتًا على ارتكاب الجنود لجرائم حرب، وأن الجيش "الإسرائيلي" فقد أخلاقياته وقيمه في كل ما يتعلق بالفلسطينيين.
وأوضح الصحفي "الإسرائيلي" جدعون ليفي في مقال نشرته الصحيفة اليوم السبت أن كل ردود الأفعال المنكِرة لهذه الأحداث سخيفة وترمي فقط إلى الخداع والتضليل، هذا إن لم نقل الكذب بوقاحة ومن دون أن يندى لها جبين، منوهًا إلى أن الجيش "الإسرائيلي" يعرف جيدًا ما الذي فعله جنوده في غزة، وهو لم يعد منذ زمنٍ الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، بل صار بعيدًا عن ذلك تمامًا، وهو أيضًا لن يقوم بالتحقيق في شيء بجدية.
وقال: 'كالرعد في يوم مشمس، سقطت علينا شهادات خريجي الكلية التحضيرية العسكرية في اورانيم، كيف ذبح الجنود أمًا وطفليها، وكيف أطلقوا النار على عجوز فلسطينية فأردوها قتيلة، وكيف شعروا عندما يقتلون بدم بارد، وكيف حطموا ممتلكات الفلسطينيين، وكيف لم يكن هناك بالمرة قتال في حرب لم تكن حربًا".
وأضاف ليفي: "كل شيء كان معروفًا منذ زمن لمن أراد أن يعرف، كل شيء بدأ منذ زمن أيضًا قبل ذلك الهجوم على غزة بكثير، فأفعال الجنود نتيجة لا مفر منها لأوامر الحرب القاسية هذه، وهي الامتداد الطبيعي للسنوات التسع الأخيرة، التي قام الجنود خلالها بقتل خمسة آلاف فلسطيني تقريبًا، على الأقل نصفهم مواطنون أبرياء، وألف منهم من الأطفال والفتيان'.
وأكد أن كل ما وصفه الجنود من غزة، قد جرى خلال هذه السنوات الدموية وكأنه أمر اعتيادي، ولكن السياق هو الذي كان مختلفًا وليس القيم، فجيش لم يصطدم سلاح مدرعاته منذ ستة وثلاثين عامًا مضت بدبابة معادية ولم يلتقِ طياروه بطائرة حربية للطرف الآخر، تدرب على الاعتقاد أن مهمة الدبابة الوحيدة هي سحق السيارات الخاصة ومهمة الطيار قصف الأحياء السكنية، وقد أتاحت المجال لذلك من دون حيرة وتردد أخلاقي لا داع له، وهذا دفع الجنود على الاعتقاد بأن حياة الفلسطينيين وممتلكاتهم ليست مسألة ذات قيمة ما.
وقال: إن الجندي الإسرائيلي يعتبر أن 'ترى إنسانًا يمر عبر طريق... وبإمكانك أن تطلق عليه النار بكل بساطة شيء جميل'، وهذا 'الجميل' يحدث منذ أربعين عامًا، 'وما شعرت به أن هناك الكثير من التعطش للدم وهذا التعطش يتواصل منذ سنوات'.
الفلسطيني غير الآدمي:
وقال متهكمًا: 'أغلبية الجنود الذين شاركوا في الهجوم على غزة هم شبان ذوو قيم، ولكن في غزة في مواجهة الفلسطيني، غير الآدمي، الذي يعتبر شيئًا مشبوهًا دائمًا، يؤدي غسل الدماغ إلى طمس العقول وتغيير منظومة القيم، بهذه الطريقة فقط يمكنهم أن يقتلوا ويدمروا بصورة جماعية من دون حيرة أو عذاب أو تأنيب ضمير، وحتى ليس إشراك الأصحاب والصديقة بما فعلوه'.
وأكد ليفي في تقريره أن الأوامر بالقتل كانت آتية من الأعلى "ورئيس هيئة الأركان جابي اشكنازي، الذي لم تشبه شائبة بعد، لا يستطيع أن يتفاخر بنقاء يديه. فهي ملطخة. وما وصفه جنود الكلية التحضيرية الحربية هو جرائم حرب ومن الواجب أن تجري محاكمتها، وهذا لن يحدث باستثناء الخردة المسماة 'تحقيقات قيمية'، في الجيش الذي قتل 1300 شخص خلال 25 يومًا وترك من وراءه 100 ألف من المشردين بعد أن هدم منازلهم وتحقيقات شرطته العسكرية التي لم تفض إلى شيء.
ممارسات ممنهجة:
واختتم بالقول: إن الجيش "الإسرائيلي" ليس قادرًا على التحقيق في جرائم جنوده وقادته، ومن السخافة بمكان أن نتوقع منه أن يفعل ذلك، نحن لا نتحدث عن إطلاق نار عن 'طريق الخطأ' وإنما عن إطلاق موجه من خلال أوامر مسبقة، لا نتحدث عن 'استثناءات' وإنما بروح القائد، وهذه الروح شريرة مستطيرة وفاسدة منذ زمن، التغير لن يأتي إلا إن تم استبدال القرص، فطالما لم نعترف بالفلسطينيين كآدميين مثلنا لن يتغير شيء، ولكن في هذه الحالة سيزول الاحتلال لا قدر الله! في هذه الأثناء يتوجب عليكم أن تستعدوا للحرب القادمة وللشهادات الصعبة التي تليها حول الجيش الأكثر أخلاقية في العالم.
وثيقة عسكرية تسمح باستهداف سيارات الإسعاف:
وقد نشرت صحيفة "هآأرتس" نفسها في عددها الصادر اليوم السبت وثيقة عسكرية تفضح ممارسات الجنود الذي شاركوا في العدوان الأخير على غزة, تضمنت معلومات حول تقييم للوضع في الميدان وأوامر من الضباط للجنود أثناء المعركة.
وتضمن الجزء العلوي من الوثيقة معلومات بخصوص تقييم الوضع في أرض المعركة وموقف الطرف الآخر (حماس) من وقف إطلاق النار, أما الجزء السفلي فيوضح أوامر تسمح بإطلاق النار على سيارات الإسعاف وكذلك على أي شخص يقطع الطريق الرئيس "شارع صلاح الدين" متوجهاً إلى الشرق لأن الجنود كانوا موجودين في تلك المنطقة.
وجاء في شهادات الجنود أن الأوامر كانت تُفضي إلى إطلاق النار من أجل القتل وليست التحذير.
ويذكر أن هذه الوثيقة تؤكد الأخبار التي وردت من قطاع غزة وكذلك شهادات الأخيرة التي كشفتها صحيفة هآأرتس في وقت سابق لجنود ارتكبوا مجازر في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة من جهة.
ومن جهة ثانية، تثبت اعترافات الجنود التي أكدوا فيها أنهم أطلقوا النار على أطقم الإسعاف وعلى سيارات الصليب الأحمر ولم يسمحوا للأطقم بتقديم الإسعاف الأول أو نقل الجرحى أو حتى نقل الجثث إلى المستشفيات, فكانت الجثث ملقاة في الشوارع لعدة أيام وكذلك كانت حالات الجرحى تبقى لعدة أيام موجودة داخل البيوت دون أن يقدم لهم أي إسعاف أولي أو السماح بنقلهم إلى المستشفيات من جهة ثانية.