فلسطين التاريخ / تاريخ
ثورة البراق
بعد تزايد الهجرة اليهودية إلى فلسطين حتى فاق عددهم مائة ألف منذ الانتداب البريطاني وحتى بداية 1929م ، عدا الآلاف الأخرى من المتسللين غير الشرعيين ، بتسهيلات وافرة من حكومة الانتداب ، وفي تلك الفترة علت صيحات اليهود المطالبة بالحائط الغربي للمسجد الأقصى " حائط البراق " ، والذي يطلق عليه اليهود " حائط المبكى " ، وازداد عدد اليهود عند ذلك الحائط ، وأصبحت ممارساتهم أكثر جرأة لإقامة طقوسهم الخرافية ونفخوا في الصور وأحضروا المقاعد والكراسي والموائد والمصابيح، وهكذا حولوا المكان بحيث يحسبه الناظر كنيساً يهودياً ، وخشي المسلمون أن يظل اليهود على هذه الحال فيكون ما فعلوه مكتسباً لهم مع مرور الزمن ، فغضب المسلمون ، وعقدوا المؤتمرات ، وشكلوا اللجان " لجنة الدفاع عن البراق الشريف "، وأعطيت قضية البراق بعداً إسلامياً ، بعد أن انتشر خبر نوايا اليهود الحقيقية تجاه هذا الحائط .
وفي تلك الفترة أخذ اليهود يعلنون بصراحة عن ما يسمى بحقوق لهم في المسجد الأقصى وحائط البراق ، وشهد الموقف تصعيداً خطيراً من جانب اليهود خصوصاً أثناء المؤتمر الصهيوني العالمي في زيورخ بسويسرا ( 28 يوليو – 11 أغسطس
وفي يوم 14 أغسطس
وفي اليوم التالي ( 12 ربيع الأول 1348 هـ ) الموافق ( 16 أغسطس
وفي يوم الجمعة 23 / 8 /
وفي صفد شاع الخبر بأن اليهود اعتدوا على المسجد الأقصى وهدموه وأحرقوه ، فثار المسلمون ، وهاجموا الحارة اليهودية في صفد ، ووصل عدد القتلى اليهود إلى 20 وجرح حوالي 25 ، وأحرق ودمر حوالي مائة بيت ، وتفاعلت أحداث البراق خارج فلسطين فقامت المظاهرات الاحتجاجية والتضامنية في الدول العربية المجاورة ، وأخذوا يتهيأون للزحف نحو فلسطين والاشتراك في واجب الجهاد .
وأوقفت سلطات الانتداب المئات من الشباب العربي المسلم واعتقلتهم إثر ثورة البراق وأصدرت بحقهم أحكاماً قاسية فصدر 25 حكماً بالإعدام نفذ في ثلاثة منهم ( فؤاد حجازي ، عطا الزير ، محمد جمجوم ) وبلغ عدد من حكم عليهم من العرب ما مجموعه 792 رجلاً ، وحكم على قرى عربية كثيرة بدفع الغرامات ، ووضع أكثر الوجهاء تحت الإقامة الجبرية ، أما الأحكام على اليهود فقد تميزت باللين ، فقد حكم على عدد قليل منهم أحكاماً مخففة ، وحكم على يهودي واحد فقط بالإعدام ، وهو الشرطي "جانكيز" قاتل إمام المسجد وعائلته ، ثم خفف الحكم إلى المؤبد ، ثم خفف إلى 15 عاماً ّ! ثم عفي عنه !
وشكلت الحكومة البريطانية لجنة تحقيق في أحداث البراق تقدمت بعدها بتوصية إلى عصبة الأمم المتحدة لتأليف لجنة لهذا الغرض ، فوافقت ، ووصلت اللجنة المشكلة إلى القدس في 19 يونيو 1930 وأقامت شهراً ، وعقدت خلال إقامتها 23 جلسة أبرز المسلمون خلال الجلسات 26 ، وثيقة وأبرز اليهود 35 ، وثيقة وقد انتهت اللجنة في تقريرها في ديسمبر 1930 ، ووافقت بريطانيا وعصبة الأمم على استنتاجها فأصبحت بالتالي وثيقة دولية مهمة وتلخصت استنتاجاتها في أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ، وهو جزء لا يتجزأ من ساحة المسجد الأقصى الشريف التي هي من أملاك الوقف ، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة لأنه وقف أيضاً.