فلسطين التاريخ / الانتفاضة والأسرى والمعتقلين
زوجات الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني.. معاناة من نوع الآخر
التاريخ: 19/3/1430 الموافق 16-03-2009
هن نساء قدًر الله لهن أن يعشن ظروفاً أقوى من قدرة تحملهن ويتمنين كلما تحين لحظة الشوق والاحتياج أن يتخلصن من عبء يثقل صدروهن ومن حرمان يعيش داخلهن وفي عيون أطفالهن.. هن زوجات الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي اللاتي مازلن متمسكات وثابتات أمام كل مايتعرضن له من مشاكل تزيد من معانتهن.
فحياة زوجات الأسرى لا تقل معاناة عن أزواجهن الأسرى القابعين خلف السجون، حيث يواجهن ظروفاً صعبة من تأمين حياة لأولادهن وتربيتهم وتنشأتهم إلى مواجهة معتركات الحياة التي تزداد سوءاً بعد سوء لتجعل من حياتهن مشوار صعب ينتهي بالإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين.
أم محمود عطالله يقبع زوجها في سجن نفحة الإسرائيلي منذ سبع سنوات، لم تخف حنينها لزوجها، وقبل أن تتحدث كانت دموعها سباقة لتعبر عن معاناة إمرأة تحمل هم أولادها الخمسة على كتفيها، قائلةً:" تركوا لنا حمل كبير من تأمين مصروف للأولاد وتربيتهم وتعليمهم حتى مواجهة المشاكل الحياتية العادية".
وأعربت عطالله عن أملها بالإفراج عن زوجها ليساندها ويقف بجانبها في وقت تحتاج فيه لزوجها خاصةً أن أولادها بحاجة لوالدهم في هذه المرحلة من عمرهم التي يكون للأب دور مهم في حياة أبنائه.
زوجة الأسير شادي أبو الحصين الذي يقبع في سجن النقب كانت تتمنى أن يكون زوجها بجانبها عندما تعرضت للحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في يناير الماضي، قائلةً:" كل يوم أشعر بحاجتي لزوجي أكثر من أي وقت مضى، فالمرأة بدون رجل لا تعني شيئاً، وعيون طفلاي الاثنين تعجزاني عندما يسألاني عن والدهم فلا أعرف ماذا أجيب؟ لأنني أنا دوماً أسأل عنه بيني وبين نفسي.
زوجة أخرى فضلت عدم الكشف عن اسمها ترى أن زوجة الأسير تعاني أكثر من زوجها خاصةً أنها تواجه مجتمع لايرحم وعاداته وتقاليده أحياناً تقيدها، بالإضافة إلى مشكلات أهالي الزوج التي لاتنته بدءً من تقاسم الراتب حتى تقييد تصرفات الزوجة ومنعها من الخروج أحياناً بحجة أنها إمرأة زوجها بعيد عنها.
تقول :" لقد تحملنا هم الاحتلال الذي حرمنا من أزواجنا ولكن كيف يمكن أن تحمل مشاكل اجتماعية ومجتمع قاس لا يرحم المرأة"، مطالبةً بضرورة مساندة زوجها والوقوف بجانبها ومساعدتها في تحمل مشقات الحياة بعيداً عن زوجها بدلاً من القسوة عليها.
أما زوجة أخرى فكانت تقف بعيداً وتتردد في الحديث عن الموضوع ولكنها أفضت لنا بأن معاناتها لا تنته خاصةً أنها ممنوعة من مراسلة زوجها أو محاولة زيارته بسبب خلافات عائلية هي وزوجها أبعد عنها ولكنها مصرة على التمسك بحقها بزوجها وتحاول الدفاع عنه بكل الطرق، متمنيةً الإفراج العاجل عن زوجها لتنتهي معاناتها.
جدير بالذكر أن نسبة الأسرى المتزوجين قد بلغت ( 29 % )، فيما نسبة عدد الأسرى غير المتزوجين قد بلغت ( 71 % ) حسب تقارير إحصائية.
من ناحيته، أشاد هشام عبد الرازق وزير سابق لوزارة شؤون الأسرى والمحررين، بصمود زوجات الأسرى التي يعانين كأزواجهن الأسرى وأكثر بسبب مايتعرضن له من مشاكل اجتماعية واقتصادية وأعباء عديدة يتحملنها بعيداً عن أزواجهن.
وأضاف عبد الرازق أن من بين المعضلات التي تواجهها زوجة الأسير هي مشكلة الراتب وكيفية تقاسمه مع أهل زوجها الأسير، حيث تختلف المشكلة من كون الزوجة لها أولاد، أو كونها وحدها لم تنجب أولاداً، حيث يرى أهل الزوج عدم أحقية الزوجة براتب زوجها طالما ليس لها أولاد، مشيراً إلى أنه لو تم تقسيم الراتب حسب الشرع فلن يكون هناك معضلة تواجه زوجات الأسرى في وقت تدفع بعض العائلات فيه الزوجة لطلب الطلاق خاصةً إذا لم يكن لها أولاد.
وطالب عبد الرازق بضرورة زيادة الوعي داخل الأسرة وإدارك مدى حاجة زوجة الأسرى للمساندة والدعم من قبل أهل الزوج الأسير وكافة أفراد المجتمع ومؤسساته، حتى يستطعن القيام بدورهن وواجبهن بشكل فعال
والقيام بمسؤولياتهن تجاه أزواجهن وعائلاتهم.
كما دعا عبد الرازق كافة المؤسسات المعنية بالأسرى وبشؤون المرأة بعقد ورشات عمل لزوجات الأسرى وأهاليهم لتعريفهم بحقوقهم وطرق التعامل مابين الزوجة وأهل الأسرى وكافة أفراد المجتمع، وتقديم الدعم والمساندة لكافة أهالي الأسرى وزوجاتهم.
المصدر: فلسطين اليوم