دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

تابوت السكينة... قبلة حرم منها اليهود

أ.جهاد العايش

للتابوت مكانة عقدية في شريعة بني إسرائيل؛ فهو أقدس قطعة موجودة في الهيكل كما يزعم يهود اليوم، وكان يحوي سابقا لوح الشهادة - التوراة - التي أنزلت على موسى عليه السلام ووجوده بين ظهرانيهم كان يكفل لهم النصر.

ويسمى تابوت الشهادة وتابوت العهد، قيل أنهم كانوا يصلون نحوه، نقله ابن القيم الجوزية فكتابه بدائع الفوائد: (٤: ٦٧٨) قال: (كانوا ينصبون التابوت ويصلون إليه من حيث مرجوا؛ فإذا قدموا نصبوه على الصخرة وصلوا إليه، فلما رفع صلوا إلى موضعه، وهو الصخرة).

التابوت في عقيدة اليهود:

جاء في السفر الخامس من أسفار التوراة: (أن الله تعالى قال لموسى: اصنع لوحين على حال الأولين، واصعد إلى الجبل، واعمل تابوتا من خشب لأكتب في اللوحين العشر، الكلمات التي أسمعكم السيد في الجبل من وسط اللهيب، عند اجتماعكم إليه وترى بهما إلي، فانصرفت من الجبل، وجعلتهما في التابوت وهما فيه إلى اليوم).

وجاء في السفر المذكور أيضا: (ومن بعد أن كتب موسى هذه العهود في صحف واستوعبها، أمر بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب، وقال لهم: خذوا هذا المصحف، واجعلوه في المذبح، واجعلوا عليه تابوت عهد الرب إلهكم ليكون عليكم شاهدا).

وصف تابوت العهد (كما جاء في العهد القديم):

1 - طوله ذراعان ونصف، وعرضه ذراع ونصف، وارتفاعه ذراع ونصف.

2 - خزانة من خشب السنط مكسوة بالذهب الخالص من الداخل والخارج.

3- حوله أكليل من الذهب.

4- له أربع حلقات من الذهب الخالص.

5- له غطاء من الذهب الخالص.

التابوت والهيكل الثاني:

لم يكن التابوت موجودا في الهيكل الثاني، بل كان يتوجب على الكاهن الأكبر أن يقف عند حجر الشرب الذي كان يوضع عليه تابوت العهد ي عهد الهيكل الأول، وعلى الكاهن حال وقوفه أن يتصور ف مخيلته شكل التابوت.

(المصدر: نشرة عن الهيكل بالعبري صادرة عن: شبيبة حاد)

الطقوس اليهودية الخاصة بالتابوت في الهيكل:

الكاهن الأكبر هو الوحيد الذي يدخل قدس الأقداس في عيد الغفران مرة فيكل عام ومن كان من اليهود يريد مسألة من الرب، على الكاهن الأكبر أن يتقدم إلى مكان تابوت العهد، وكأنه قائم يصلي ويطلب الكاهن من الرب أن يسامح بني إسرائيل على تفريطهم في الهيكل حتى دمر.

كما يطلب الكاهن الغفران لأفراد من اليهود وبحضرتهم وهم يقفون خلفه، حينها يحل روح الوحي الإلهي - كما يزعمون - بعدما يتأمل السائل ذلك ف الصدرية التي يرتديها الكاهن على صدره ليأتيه الجواب الإلهي شيئا فشيئا!!

أين التابوت؟!

·       في عهد (عزرا) وبعد رجوعهم من السبي البابلي وكتابة عزرا التوراة لهم بعد أربعين عاما من رجوعهم بعد السبعين التي كانوا فيها خالين بالسبي، لم يكن للتابوت ذكر ولا وجود بينهم بل حتى التوراة التي حاول جمعها لهم "عزرا "بعد رجوعهم إلى بيت المقدس كانوا قد فقدوها؛ لأن حقيقة مصيرها هو نفس مصير التابوت، لأنها كانت بداخله في الهيكل ولم تكن نسخها عند أحد من اليهود إلا فيه، وفي التابوت فقط

عند الكاهن الأكبر، لأنه بإجماعهم لم يكن يصل إلى ذلك الموضع أحد سواه.

والمدون في كتب اليهود المقدسة أنه لما أحرق البابليون - الهيكل - فقدت التوراة والتابوت معا لأنهما كانا في الهيكل.

في عهد داود: جاء في سفر صموئيل الأول: (١/٧): (وبعد موت شاول استقر لأمر لداود عليه السلام فحارب الفلسطينيين وفتح القدس ونقل التابوت من قرية "يعاريم" في احتفال بهيج حيث أقام له خيمة هناك وعين اللاويين لخدمته).

وفي عهد سليمان عليه السلام: جاء في سفر صموئيل الثاني: (٢٩/ ٢٣- ٢٥): (وورث سليمان داود، فبنى الهيكل، وبنى بداخله المحراب - قدس الأقداس - وهيا مكانا في وسط البيت ليضع فيه التابوت).

وجاء في سفر الملوك الأول: ١/٨-١١ (جمع سليمان شيوخ إسرائيل في العيد لوضع التابوت في المحراب، وفتح التابوت بعد وضعه ف مكانه، وكانت المفاجأة، ليس في التابوت إلا لوحا الحجر).

·       نقلت صحيفة معاريف اليهودية بتاريخ: 7/2/1997م: أن منليك "ابن سيدنا سليمان من بلقيس ملكة سبا سرق تابوت العهد من ابنه أثناء بناء الهيكل، وهرب به إلى أثيوبيا أو إلى الحبشة، وأن تابوت العهد في مكان سري في مدينة" أقسوم" شمال أفريقيا واقسوم هي العاصمة القديمة للحبشة إبان حكم بلقيس، وأن هذه القصة موجودة في كتاب (ترنيمة الملوك) وهو كتاب أثيوبيي كتبه الحاخام الأثيوبي (نيبوز جيز اسحق) في القرن الرابع عشر الذي توارث كتمان السر.

ويقول الكاتب: (إنهم إلى اليوم تجدهم في شوارع أثيوبيا بجانب الكثير من الكنائس يبيعون للسياح والزوار نماذج مصغرة لتابوت العهد اليهودي لكن لا أحد يعرف مكان هذا التابوت سوى الحاكم الأثيوبي وجماعة من الحاخامات اليهود كبار السن، كانوا يخدمون موقع التابوت).

ويوم صدور هذه الجريدة بهذا المقال، تجمع عدد من اليهود المتشددين على بعد ١٥٠ متر من المسجد الأقصى وقد أحرقوا آلاف النسخ من جريدة "معاريف" وهددوا بالقتل صاحب الجريدة (يعقوب نمرودي وابنه عرفان) (الخبر من ترجمة: توحيد مجدي، نقلا عن كتاب: البقرة الحمراء، محمد بيومي).

·       أن التوراة ذكرت تابوت العهد قرابة (٢٠٠) مرة ومع ذلك لم يذكر التابوت في الكتب التالية للتوراة.

·       ونقل في التوراة تفاصيل ما نقل (نبوخذنصر) معه إلى بابل لكن لم يرد ذكر التابوت في قائمة مسروقاته.

·       جاء في سفر الملوك الثاني: الباب ٢٤،٢٥ وسفر ارميا (٣٩،٤٠: ٥٢) (اجتاح بختئصر ملك بابل مملكة يهوذا عدة مرات بسبب ما يلقاه من غدر ونقض للعهود و إلى أن هاجم أخيرا عام (٥٥٨ ق. م) تقريبا فدك أسوار القدس وأحرق المدينة والهيكل بعد أن أخذ التابوت).

·       قال ابن العبري في تاريخه، مختصر الدول والمتوفى عام ٦٨٥ هـ - وهو يهودي قد تنصر يقول عن التابوت: ( لما أرسل"بختنصر" قائده نبوزردن إلى أورشليم فدعثر سورها وأحرق الهيكل ، وكان "لشمعون" رئيس كهنة اليهود عند هذا القائد منزلة فسأله في أمر كتب الوحي، أن لا يحرقها فجمعها "شمعون" باتفاق من النبي "ارميا" ووضعها مع لوحي الناموس وعصا موسى ومجمرة البخور وباقي آلات القدس في تابوت العهد وألقى بالتابوت وما حوى في بعض الآبار ولم يعرف مكانه إلى الآن).

·       في عهد (يوشيا بن آمون) الذي نقل عنه أنه كان على الإيمان والذي قتل على يد ملك مصر آنذاك، أخذ ارميا" التابوت وأخفاها حيث لا يدرى إلى أين.

مفارقة ومقارنة بين التابوت القديم والجديد:

بعد جهد من البحث لم أجد مبررا لليهود من صنع هذا التابوت الجديد الذي سيضعونه في هيكلهم الجديد - لا قدر الله -، ومع يقينهم كذلك أن أسلافهم كما ينقلون عنهم لم يحرصوا كذلك على إعداده للهيكل الثاني.

ولا أدري فهل المواصفات الربانية التي خصت بذاك التابوت ستحل في هذا التابوت وهل سينطبق عليه نفس الأحكام العقدية والفقهية التي خص بها التابوت الأول؟!

وإن كانت الاجابة بنعم؛ على أي مبرر وأين الشواهد والأدلة على ذلك؟!

وهل يعتبرون أسلافهم الذين لم يعتنوا بإعادة صناعة التابوت بعد فقدانه قرابة ألفي عام مقصرين آثمين....؟!

أم أنهم على يقين أنه منحة ربانية حرموها، ولا قيمة لغيره وإن حاولوا أن يقلدوا مواصفاته الفنية الشكلية.

أما ما كان يحويه التابوت الأول من نسخ الألواح - التوراة- الوحيدة والفريدة التي لم تكن بيد أحد من اليهود إلا في التابوت، ولم يكن محفوظا منها فصدورهم سوى آيات قلائل، وما عدا ذلك فقد كان الكاهن الهاروني يخرج الألواح ويقرؤها عليهم ثم يعيدها في التابوت.

أما تابوت يهود اليوم فلا أدري ماذا سيضعون فيه؟!

هل سيضعون هذه التوراة التي بأيديهم والتي أصبحت بيد كل يهودي منهم وأمست ألعوبة بيد أحبارهم، ينزعون منها مالا يرغبون ويضعون فيها ما يشتهون!! وهل سيتقدمهم هذا التابوت في حربهم مع أعدائهم ويطير بين السماء والأرض؟!

لا أستبعد من يهود اليوم يهود التكنولوجيا!!

ففي معهد الهيكل ف القدس؛ المعهد الذي أخذ على عاتقه تأسيس ورعاية التابوت وأظنه سيكون بطريقة عصرية فهل سيكون غريبا أن يعدوا دراسة تكنولوجية وأبحاثا علمية ليضيفوا بعدها للتابوت أجنحة ومراوح وأجهزة اتصال ليحلق ف السماء عبر الرادارات والأوامر الأرضية ليكون بمثابة تابوت من غير طيار عبر برج المراقبة المخصص له للإقلاع والهبوط ف مدرج معهد الهيكل في القدس...!!

ولا أقول ذلك من باب السخرية والاستهزاء فقط! بل لا أستبعد ذلك من يهود اليوم ولا يظن ظان أن هذا من المستحيلات، فيهود الأمس وبقيادة السامري وبعد غياب نبيهم موسى عليه السلام وخلال أربعين ليلة وهم في صحراء التيه لا يهتدون سبيلا وفي سنوات قبل الميلاد صنعوا عجلا من حلي نسائهم له خوار - صوت البقرة - من خلال فتحة في دبر العجل الذهبي يدخل منها الهواء ويخرج من فتحة موصولة إلى الفم ليحدث صوت يشبه خوار العجل.

أقول: أن هذا قمة التكنولوجيا لهندسة الصوت فسني ما قبل الميلاد وهل لنا أن نستبعد من يهود اليوم أن نرى تابوت يطير فوق رؤوسهم محلقا من غير طيار ويدعون أنه منحة ربانية ليدخلوا بذلك بدعة جديدة في دينهم وفتنة أخرى للمخدوعين بهم؟!.

لعلي أقولها الآن متهكما، لكني لا أستبعد ذلك..

قصة التابوت كما أخبر عنه القران الكريم:

ما أغرق الله سبحانه وتعالى فرعون وجنوده، ونجى الله نبيه موسى عليه السلام ومن معه من بني إسرائيل وأمرهم بالتوجه إلى الأرض المقدسة - فلسطين - وف طريقهم وعند جبل سيناء، نزل وحي السماء يأمر موسى عليه السلام، صعود الجبل حيث يكلمه الله، وينزل عليه الألواح، ويبدو أن ذلك كان فيرمضان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (٠٠ أنزلت التوراة لسمت من رمضان...) (رواه أحمد (٤/ ١٠٧) بن أبي حاتم وتفسيره (22/241) والبيهقي في شعب الايمان (٢/ ٤١٤) (٢٢٤٨) وحسنه العلامة الألباني صحيح الجامع (١٤٩٧/١) والصحيحة (1575)؛ تاركا خلفه أخاه هارون عليه السلام من بعده على بني إسرائيل، حينها تمرد بنو إسرائيل على هارون وصنعوا عجلا من حلي نسائهم عبدوه .

ولما عاد موسى إليهم بعد ملاقاة ربه: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (الأعراف:150)، وجدهم عاكفون على عبادة هذا العجل فصعق موسى مما رأى وغضب غضبا شديدا وألقى ما كان معه من ألواح.

ولما سكن موسى عليه السلام من غضبه أمر بالألواح أن توضع في تابوت من خشب وكانت تلك الأحداث قبل (١٤٠٠) عام تقريبا من ميلاد عيسى عليه السلام والله أعلم.

قال ابن عباس رضي الله عنه: (جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض، حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون، قال السدي: أصبح التابوت في دار طالوت، فآمنوا بنبوة شمعون، وأطاعوا طالوت (تفسير ابن كثير للآية ج١/ص372).

الفلسطينيون يسلبون تابوت العهد:

وجاء فتاريخ دمشق (٤٤٠/٢٤): (كان التابوت علامة رضا الرب لما كانت الحرب بين الفلسطينيين - وكان الفلسطينيون أمة كافرة تعبد الأصنام وبني إسرائيل علمى عهد عالي الكاهن، انتصر الفلسطينيون وسلبوا التابوت من بني إسرائيل، وكان صموئيل - شموئيل - قاضيا لبني إسرائيل وهو النبي - كما قيل - الذي طلبوا منه أن يبعث لهم ملكا، وجعل رجوع التابوت تحمله الملائكة من أيدي الفلسطينيين آية لملك طالوت عليهم، بعد أن رده الفلسطينيون تشاؤما منه أي - التابوت-، وقيل عهده سليمان عليه السلام في المسجد ثم لم يعرف مصيره بعد ذلك.

وكان التابوت هبة الله لبني إسرائيل في حلهم وترحالهم، وانهم كانوا ينصرون به وهو حجة وعلامة تدل على عناية الله بهم.

أي أن علامة بركة ملك طالوت عليكم، أن يرد الله عليكم التابوت الذي كان أخذ منكم.

{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَينَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:247).

وما تملك طالوت عليهم باصطفاء الله له استنكروا، فقال لهم نبيهم: {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا ترَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (البقرة: 248)، قال ابن عباس رضي الله عنه: (وضعوه - أي الفلسطينيون- على عجل حلي ثم سيبوه، فساقته الملائكة حتى أدخلوه محلة بني إسرائيل) انتهي من تاريخ دمشق.

محتويات التابوت:

{وَقَالَ لَهُمْ نِبِيهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا ترَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (البقرة: 248)

·       المحتويات:

1- السكينة: روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في معناها: أنها الرحمة، وقيل معناها وقار وجلالة، وقال ابن جريج: سالت عطاء عن قوله: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا ترَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}؟ قال: ما تعرفون من آيات الله فتسكنون إليه، وقاله كذلك الحسن البصري وروى سفيان الثوري عن علي قال: السكينة لها وجه كوجه الإنسان، ثم هي روح هفافة، وقال مجاهد: لها جناحان وذنب.

2- البقية: عصا موسى ورضاض الألواح رواه ابن جرير عن ابن عباس.

وقال أبو صالح: هي عصا موسى، وعصا هارون، ولوحين من التوراة، والمن وزاد عطية بن سعد: ثياب موسى وثياب هارون ورضاض الألواح.

وقال عبد الرزاق: سألت الثوري عن قوله تعالى: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} (البقرة: 248)، فقال: منهم من يقول: قفيز من منّ، ورضاض الألواح ومنهم من يقول: العصا والنعلان. (انتهى من تفسير ابن كثير للآية).

التابوت شريعة من قبلنا:

إن التابوت منحة وشريعة صحيحة ثابتة كانت مخصوصة لبني إسرائيل، لما كانوا على العهد مع الله تعالى، ولما نقضوا عهدهم مع الله حرمهم الله تبارك وتعالى إياه لما قصروا وانحرفوا عن شرعه، فاختفى التابوت من بين أيديهم بطريقة أو بأخرى اختلفوا هم بإثبات طريقة اختفائه...، ولا يهمنا نحن كيف؟ ومتى؟ وأين؟ لأننا نؤمن به لما كان، ونؤمن به لما رفع من بين أيديهم، شأنه شأن كثير من المعجزات التي أنزلها الله على بني إسرائيل، كبقرة موسى عليه السلام والمن والسلوى وغيرها من معجزات، فلم يكلفنا الله تبارك وتعالى ف البحث عنها أو عن عصا موسى عليه السلام أو حتى ثياب وشعرات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم... لا يهمنا أن نبحث فقضية كفانا الله مؤونة البحث عنها، ولم نطالب شرعا في البحث عن شريعة نسخت بجملتها.

فالتوراة التي بين أيديهم لعلها تكون أولى بالبحث فيها من غيرها، لكن كفانا الله لك بنسخها بالقرآن الذي تكفل الله بحفظه إلى قيام الساعة مهما حاول العابثون العبث به حيث قال المولى جل في علاه:

{إِنَّا نَحْنُ نزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9).

أما هم، فمهما بحثوا ونقبوا، فإنهم يبحثون عن سراب؛ لأنه لما كان لهم مجد استحقوه ما اتبعوا وأطاعوا أنبياء الله استحقوا أن ينسبوا إلى أمة بني إسرائيل، ولما فرطوا، فرطوا عقد الايمان الذي بينهم وبين أنبيائهم، حرموا هذا الفضل وهذه المنة.

وما جاء في تفصيلات التابوت وماهيته وما إلى ذلك من أخبار سكت عنها في شرعنا فلنا أن نلتزم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في أخبار بني إسرائيل، حيث قال كما جاء في البخاري: (لا تصدقوا أهل العتاب ولا تعذبوهم وقولوا قال تعالى: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَينَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: 136).

والحمد لله رب العالمين ،،،

مجلة بيت المقدس للدراسات – العدد التاسع

.