دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

الفتاوى المجموعة في العمليات القتالية مشروعة أم ممنوعة.

إنَ الحَمْد لِله نحمَدهُ ونسَتعيِنُه وَنستَغفِرُه ، وَنَعُوذُ باِللهِ مِن شروُرِ أَنفُسِنَا وسَيِئَاتِ أعمَالِنَا ، مَن يَهدِه اللهُ فَلا مُضِلَ لَهُ ، وَمَن يُضلِل فَلاَ هَادِيَ لَهُ  وأَشَهدُ أن لا إلّهَ إلا الله ُوحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَأَشَهدُ أنَ مُحَمَدا ً عَبدُهُ ورَسولُـهُ .

 

) يا أَيُهَـا الَذِينَ آمَنُوا اتـَقُوا اللهَ حَقَ ُتقَاتِهِ َولا تَمُوتُنَ إِلاَ وَأنُتُم مُسلمُِون( [1]، ) يا أَيُهَا النَاسُ  اتَقُوا رَبَكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنَها زَوَجَها ، َوَبثَ مِنهُمَا رِجَالاً كَثِيرا ً وَنِسَاء ً، وَاتَقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ ، إِنَ اللهَ كَانَ عَلَيكُم رَقيِبا ً ( [2]، ) يا أَيُهَا الذيِنَ آمَنوا اتَقُوا الله َوقُولُوا قَولا ً سَديِدا ً ، يُصلِح لَكُم أعَمالَكُم ويَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم ، وَمَن يُطِِعِ الله َوَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزا ً عَظِيما ً([3]،  أمَا بَعدُ :

 

 

المقدمة:

 

إن العمليات القتالية في فلسطين ، أثارت تساؤلات كثيرة حول مشروعيتها ومدى فاعليتها وجدواها ،كرد على عدوان اليهود  فكثر الجدل حولها بين محرم لها وآخر مجيز وبشروط ، حتى حارت العقول بهذه المسألة .

 

ومما لا شك فيه أن هذه المسألة من المسائل النازلة الحادثة ، التي لم يكن لها مثال مثيل في عهد الأولين ، وإن كانت لها أشباه متقاربة .

 

فكانت فتاوى علماء السنة حفظهم الله ، سجال بين مؤيد ومعارض ، كل يدلي بدلوه ، وما أحاط به علمه ، وكما قيل: ( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) .

 

وإن كنا نرى لزاما ً أن هذه المسألة بحاجة لأن تكون على قائمة أولويات المجامع الفقهية والبحثية، فتوى مجمع عليها ، تحسم الخلاف حولها ، ولكنها سُنة باقية ) ولا يزالون مختلفين ( [4] .

 

لذا كان حرصنا في مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية على إصدار ما تيسر من فتاوى بعض العلماء والمشايخ حفظهم وتجميع ما صدر حولها ، ليسهل على طالبيها تناولها ، للنظر بها  واستعراض أدلة قائليها ، ثم العمل بما استقام عليه الدليل واطمئن إليه قلب اللبيب ، مع الحذر كل الحذر من الطعن بالنيات في فتوى نُحسن الظن بقائلها، وأنه أفرغ جهده ووسعه للوصول إلى الحق في مسألة تُعد من المسائل الحادثة ، التي تحتاج من العالم بذل الجهد في إعمال الدليل، ومعرفة مقصد ومناط الشارع الكريم .

 

وقد حرصنا أن نجمع في هذا الدراسة الصغيرة ،كلا قولي العلماء والمشايخ المعاصرين ، في هذه المسألة التي نرى أنه يسع الخلاف فيها.

 

ولما كان مركز بيت المقدس متخصص في الشئون الفلسطينية وخاصة من وجهتها الشرعية ، فإننا ندعو المجامع الفقهية والبحثية وعلماء الأمة المعتبرين ، أصحاب الدليل والبحث الأصيل، ليقدموا تصوراتهم الشرعية حول هذه النازلة العصرية .

 

وقبل أن نختم ، لنا كلمة هامة لابد من عرضها بإيجاز ، وهي خلاصة تصورات ودراسات موضوعية وميدانية، قام بها المركز على أرض الواقع ، لنضيفها جنبا ً إلى فتاوى العلماء الأفاضل لتعينهم حال فتياهم ، لمعرفة ما يدور على أرض الواقع وهي:

(1) الأسباب التي ألجأت هؤلاء المجاهدون إلى هذا النوع من العمليات القتالية .

(2) جدوى هذه العمليات القتالية .

 

 

وإليكم بيان كل منها بإيجاز :

 

{الأسباب الدافعة إلى العمليات الاستشهادية}

 

 

(1) قل المعين من جيوش جرارة تقابل المدفع بالمدفع ، والرشاش بالرشاش ، وغير ذلك من سلاح فتاك .

 

(2)  أقل وسائل الجهاد خسارة ، وأعظمها نكاية .

 

 (3)  صعوبة غير هذه العمليات ، وعدم جدواه عسكريا ً في الوقت الراهن على الأقل .

 

(4)  تبين أن العدو اليهودي في فلسطين المحتلة ، لم يرهبه شيء من النشاط العسكري أو غيره ، سوى هذه العمليات ، وقد حققت هذه العمليات الجهادية مراده تعالى ) ترهبون به عدو الله وعدوكم ( .

 

(5)  طمع المجاهدون في نيل الشهادة .

 

(6)  انعدمت السبل والطرق في الدفاع عن النفس والأهل، والوطن ، عدى هذا النوع من العمليات ، في علاج الغطرسة اليهودية .

 

(7)  فتاوى بعض العلماء بجواز هذا النوع من القتال ، والتشجيع عليها.

 

(8)  إجماع أهل فلسطين الداخل على جدواها وفعاليتها .

 

(9)  هي الوسيلة الجهادية الوحيدة التي ترفع معنويات المسلمين  وتشف صدورهم ) ويشف صدور قوم مؤمنين ([6]  .

 

(10)  تمرس المجاهدون في فلسطين على هذا النوع من القتال ، مع توفر إمكانياته ومعطياته من غير كبير عناء .

 

(11)  الوسيلة الجهادية الوحيدة ، التي عجز اليهود بترساناتهم الحربية وجيوشهم الجرارة ، وراداراتهم الدقيقة عن كشفها ، أو دفعها عن أنفسهم .

 

(12)  لا حرمة ولا ذمة لرجل من اليهود ، أو امرأة ومتدين ، أو علماني ، ممن كان منهم في فلسطين ، فكلهم في نظر المجيز حربيون لا مدنيون  .

 

 

{نتائج العمليات الاستشهادية}

 

النتائج الإيجابية:

 

 (1) كانت سببا ً في رحيل آحاد وزرافات من جماعات اليهود عن فلسطين ، حتى وصل عددهم إلى نصف مليون .

 

(2) زرعت الرعب والرهبة في قلوب اليهود ، وأنه لم يرهب اليهود شيء سوى هذه العمليات ، قال تعالى : ) ترهبون به عدو الله وعدوكم ، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم ( [7]

 

 (3)  تحطيم آمال اليهود بالاستقرار والتطور والبناء والإفساد على أرض فلسطين .

 

(4)  ضرب السياحة وتعطيل برنامج التنمية الاقتصادية لليهود .

 

(5)  بث روح الأمل والتفاؤل بالنصر في قلوب المسلمين ، ودفع هاجس ورواسب الهزيمة النفسية التي منيت بها الأمة بأسرها قال تعالى: ) قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ، ويشف صدور قوم مؤمنين ([8].

 

(6)  تكبيد اليهود خسائر بشرية وأخرى مادية .

 

(7)  شهادة يقدمها الشعب الفلسطيني المسلم للتاريخ ويدين الله بها .

 

(8)  تحقيق النكاية الحقيقية الفاعلة بمفهومها الشامل .

 

(9)  العمليات الاستشهادية الأنجح والأقوى والأنكى في اختراق صفوف اليهود ، الذين يخشون مواجهة المجاهدون ، مخبرا ً I عن جبنهم : ) لا يقاتلونكم جميعا ً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر([9]  فما بالهم بمباغتة المجاهدون لهم ،والانفجار في أوساطهم ومعسكراتهم ...!

 

(10)  إصابة اليهود بالهلع والجنون والشيزوفرينيا ، وكل الأمراض العصبية والنفسية ، حتى امتلأت بهم المصحات النفسية ، وذلك لأنهم وكما قال تعالى في حقهم : ) لتجدنهم أحرص الناس على حياة ( [10] .

 

(11)  حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر ، والقيادة التي لا تلين .

 

 

النتائج السلبية:

 

 

(1)  هدم بيوت منفذي العمليات .

 

(2)  حملة اعتقالات للفصيل والجماعة التي ينتمي لها منفذ العملية.

 

(3)  تعجيل تصفية واغتيال قيادات الجماعة داخليا ً وخارجياً التي ينتمي لها منفذ العملية .

 

(4) ردة فعل عشوائية على بعض المناطق الفلسطينية التي ينوي اليهود مسبقا ً إعادة النظر في إستراتيجيتها .

 

(5)  استغلال اليهود هذا الحدث إعلاميا ًلحسابهم حتى تتعاطف الشعوب معهم .

 

(6)  مبرر للتحرك الأمريكي العلني في المنطقة لمحاربة ما يسمونه بالإرهاب .

 

 

 

*******

 

 

 

الشيخ / عبد الرحمن عبد الخالق [11]  حفظه الله

 

 

السؤال:

 

ما هو الحكم الشرعي في العمليات الهجومية بالأحزمة الناسفة وغيرها ، لاقتحام صفوف اليهود ، علما ً أن الغالب أو المحتم هو قتل المهاجم ؟

 

الإجابة:

 

قذف المسلم بنفسه على الكفار من أجل قتلهم ، وإدخال الرعب في قلوبهم ، وكسر شوكتهم   هو من القتال في سبيل الله ، وإن قُطع أنه يُقتل في قذفه نفسه عليهم ، بأي صورة من الصور اختراقاً لصفوفهم ، أو بمفجرةٍ تنفجر فيهم وهو منهم ، أو بالدخول إلى تحصيناتهم ومعسكراتهم بمركبة ما ، سيارة أو دبابة ، أو غيرها   كل ذلك من القتال في سبيل الله ، فإن كان مخلصا ً في نيته مقاتلاً من أجل إعلاء كلمة الله ، فهو شهيد ، بل من أعلى وأعظم الشهداء .

 

 

والأدلة الشرعية على ذلك كثيرة جدا ً:

 

فمن القرآن الكريم قوله تعالى : ] ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ، والله  رؤوف بالعباد [[12] ، ومعنى يشري نفسه  ( أي يبيعها لله ) ، وهذا وقع في الموت على هذا النحو .....   شرى نفسه لله .

 

ومنها ما فعله عُمير بن الحمام t عندما رمى بنفسه على الكفار يوم بدر مُقاتلا ً ، لا يريد العودة ولا النجاة بل الموت ، وذلك عندما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول : (  قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ) قَالَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّه : جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ نَعَمْ قَالَ : بَخٍ بَخٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  : مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ ، قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا ، قَال صلى الله عليه وسلم  َ : فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا ، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ : لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ قَالَ فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ )[13] .

 

وقد أقره رسول الله  صلى الله عليه وسلم  على قوله وفعله ، وشهد له بالجنة ، وقد دخل هذا الصحابي على الكفار مريدا ً الموت ، عازما ً عليه ، ولم يجعل لنفسه حظ رجعة قط ، بل ألقى تمراته مستعجلا ً نيل الشهادة .

 

وقد فعل أنس بن النضر الفعل نفسه في أُحد بعد أن فر المسلمون  وصرخ الشيطان فيهم ( قتل محمد ) فوقف أنس صامدا ً ، ثم عاتب سعد بن معاذ الذي رآه خارجا ً من المعركة قائلا ًله : إلى أين يا سعد ؟!  فقال : قتُل رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، فقال : وما تصنع بالحياة من بعده ؟! ثم قال : قُمْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ فَحَمَلَ حَتَّى قُتِلَ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا اسْتَطَعْتُ مَا اسْتَطَاعَ فَقَالَتْ أُخْتُهُ فَمَا عَرَفْتُ أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ وَلَقَدْ كَانَتْ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ ضَرْبَةً مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ ] رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [[14]إِلَى قَوْلِهِ ]وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [ )[15]

 

وأنس الشهيد الجليل قد أقر النبي e فعله ، فقد دخل إلى المعركة طالبا ًالموت ، مُصرا ًعليه غير عازمٍ قط أن يعود .

 

والداخل إلى الكفار بمتفجرة أو سلاح ، يعلم أنه يفجر نفسه فيهم وفيه ، إنما يصنع نفس صنيع  هؤلاء الصحابة الذين دخلوا في الكفار ، يعلم يقينا ً أنه يقتل لأنه واحد ، ويوقن أنهم يقتلونه وأنه لا رجعة له بعد ذلك .

 

ومن قبل هذا فعل عبد الله بن الثامر الصنيع نفسه ، عندما أعطى سهما ًمن كنانته للملك الذي أراد قتله ، باذلا ً في ذلك ما بذل ليتخلص منه ، فأرشده عبد الله إلى كيفية قتله ، وضحى بنفسه من أجل أن يؤمن الناس بدعوته ، وقد أخبر النبي e بقصته كما ورد في صحيح مسلم[16] .

 

بل إن تقديم النفس للموت فيما دون ذلك من إحقاق حق أو إبطال باطل ، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر ، شهادة ، بل هو أعلى الشهادة كما قال e .

 

ومعلوم أن من خرج بنفسه إلى حاكم ظالم يعلم أنه يقتل من يعترض عليه ، أو يأمره أو ينهاه، قد عرض نفسه للموت، بل قدم نفسه لذلك طائعا ً، وهذا أعلى درجات الشهادة ، وقد سماه الرسول e ( سيد الشهداء ).

 

وجعل هذا النوع من الجهاد بالكلمة ، خير أنواع الجهاد ، كما قال e ( أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ) [17] .

 

فالقائم بكلمة العدل عند السلطان الجائر ، قائم بأعلى وأفضل أنواع الجهاد ، والذي يقدم إلى سلطان جائر ليأمره وينهاه ، وهو يعلم أنه يعرض نفسه للموت المحقق على يديه ، شهيد  بل هو من سادات الشهداء ، فكيف يسمى من يقدم نفسه عل جهاد يعلم أنه يقتل فيه منتحرا ًأو ملقياً بنفسه إلى التهلكة .

 

وقد رد أبو أيوب الأنصاري t على بعض من يضع الآيات في غير مواضعها ، عندما رأوا  مسلما ًيخرج من صف المسلمين وحده ويركض إلى صف الروم مهاجما ً إياهم وحده ، قالوا : سبحان الله ألقى بنفسه إلى التهلكة ..!!

 

وهذه الكلمة أخف من مقالة من يقول عن مثل ذلك أنه منتحر فقال لهم أبو أيوب t :

 

إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَمَّا نَصَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ قُلْنَا هَلُمَّ نُقِيمُ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحُهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ] وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[ [18] فَالْإِلْقَاءُ بِالْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ )[19]

 

فهذا المسلم المقتحم لصف العدو وحده ، مع يقينه أنهم يقتلونه  ليس قاتلا ً لنفسه ، وإنما هو مؤمن جاهد مجاهدة في سبيل الله  ومن أحق الناس بإطلاق لفظ الشهيد عليه ، والقطع عند معرفة نيته ومقصده ، وأنها لله  ، أنه من أهل الجنة حتما ً ، وأن ما فعله إنما هو عين الجهاد ، بل أعلى أنواع الجهاد .

 

وأن فيه من المنافع شيء عظيم ، منها : كسر قلوب العدو  وإرهابهم ، وإدخال الرعب إلى نفوسهم ، وذلك عندما يعلموا أنهم يقاتلون قوما ً يحرصون على الموت أشد من حرص أعدائهم على الحياة .

 

ثم إن فيه تشجيعا ً للمؤمنين ، وتأسيا ً لهم أن يروا من إخوانهم من يبذل نفسه لله ، فيزدادون ثقة وإيمانا ً ، ويجاهدون ويصبرون ........

 

وأما القول بأن هذا المسلم الذي يلقي بنفسه على العدو ليقتلهم ويقتلوه يموت منتحرا ً، فلا شك أنه قول خاطئ للأدلة الآتية:

 

أولاً :  ما قدمناه من أدلة القرآن والسنة ، وعمل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .

 

ثانيا ً:  الفرق البعيد بين المنتحر والمجاهد ، فإن المنتحر قاتل لنفسه ، وإنما مقصده فقط أن يقتل نفسه ، وأما المجاهد فلا يقصد قتل نفسه ، وإنما يقصد قتل العدو ، وإدخال الرعب إلى قلبه    ولكنه يعلم أنه لن يتمكن من قتله على نحو ما إلا وأن يُقتل معه  ولو كان يستطيع أن يخلص نفسه لفعل ، فأين فعل هذا ونيته ، من فعل هذا ونيته .

 

ثالثا ً:  المنتحر يائس قانط من الحياة ، ومن رحمة الله ، والمجاهد الذي يلقي بنفسه على العدو  إنما هو راج رحمة الله ، بل هو من أعظم الناس رجاء لرحمة ربه ، بل يقينا ً في جنته ورضوانه  وهذا الذي جعله يقدم على الموت على هذه الصورة .

 

رابعا ً: الانتحار شر كله وضر ، لأنه نشر لليأس والقنوط  ويأس من روح الله ورحمته لعبده في الدنيا ، وانكشاف الأسباب التي سببت ألمه وكآبته ،ودعته إلى الانتحار ، وأما إلقاء المسلم نفسه على العدو فعزة ورفعة ، ونشر للخير والفضيلة والعزيمة  ولا يستوي هذا وذاك .

 

 

 

*******

 

فتوى الشيخ / عبد الله بن منيع[20]  حفظه الله

 

 

السؤال:

 

هل تُعد العمليات الانتحارية ضد أعداء الإسلام في الجهاد استشهادا ً؟

 

الإجابة:

 

الحمد لله ، لاشك أن العمليات الانتحارية في سبيل الله ضد أعداء الله ورسوله وأعداء المسلمين ، قربة كريمة يتقرب بها المسلم إلى ربه ، ولاشك أنها من أفضل أبواب الجهاد في سبيل الله ، ومن استشهد في مثل هذه العمليات فهو شهيد إن شاء الله ، ولنا من التاريخ الإسلامي في عهد النبوة وفي عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم مجموعة من أبرز صور الجهاد في سبيل الله، ومن صور جهاد البطولة ، والشجاعة النابعة من الإيمان بالله ، وبما أعده سبحانه للشهداء ما في قتال المرتدين ، وفي طليعتهم مُسيلمة الكذاب وقومه ، فقد كان لبعض جيوش الإسلام في هذه المعركة عمليات انتحارية في سبيل افتتاح حديقة مُسيلمة ( حصنه المتين ).

 

ولكن ينبغي للمسلم المجاهد أن يُحسن نيته في جهاده ، وأن يكون جهاده في سبيل الله U فقط ، وألا يُلقي بنفسه إلى التهلكة ، في عملية يغلب على ظنه عدم انتفاعه منها ، وألا يكون له تأول في الخروج على ولاة الإسلام ، فإن دعوة الولاة ليست في الخروج عليهم ، وإنما هي بمناصحتهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، والتزام الأدب في النصيحة ، والله المستعان .

 

 

 

*******

 

فتوى الشيخ / محمد ناصر الدين الألباني [21]  رحمه الله

 

 

السؤال:

 

بالنسبة للعمليات العسكرية الحديثة ، يوجد قوات تسمى بالكوماندوز فيكون هناك قوات للعدو تضايق المسلمين  فيضعون فرقة انتحارية ، تضع القنابل، ويدخلون على دبابات العدو ويكون هناك قتل .. فهل هذا يعد انتحاراً...؟

 

الإجابة:

 

لا يعد هذا انتحاراً ، لأن الانتحار هو أن يقتل المسلم نفسه خَلاصاً من هذه الحياة التعيسة ، أما هذه الصورة التي أنت تسأل عنها فهذا ليس انتحاراً بل هذا جهاد في سبيل الله U.. إلا أن هناك ملاحظة يجب الانتباه لها ، وهي أن هذا العمل لا ينبغي أن يكون فردياً شخصياً ، إنما هذا يكون بأمر قائد الجيش ، فإذا كان قائد الجيش يستغني عن هذا الفدائي ، ويرى أن في خسارته ربحاً كبيراً من جهة أخرى ، وهو إفناء عدد كبير من المشركين والكفار  فالرأي رأيه ، ويجب طاعته حتى ولو لم يرض هذا الإنسان فعليه الطاعة.

 

الانتحار من أكبر المحرمات في الإسلام ، ولا يفعله إلا غضبان على ربه ، ولم يرض بقضاء الله U، أما هذا فليس انتحارا كما كان يفعله الصحابة ، يهجم الرجل على جماعة  ( كردوس ) من الكفار بسيفه ، ويعمل فيهم بالسيف حتى يأتيه الموت وهو صابر ، لأنه يعلم أن مآله إلى الجنة ، فشتان بين من يقتل نفسه بهذه الطريقة الجهادية ، وبين من يتخلص من حياته بالانتحار ،  أو يركب رأسه ويجتهد بنفسه ، فهذا يدخل في باب إلقاء النفس في التهلكة .

 

 

 

*******

 

فتوى الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز[22]  رحمه الله

 

 

 

السؤال:

 

ما حكم عمليات تفجير النفس ضد اليهود ؟

 

الإجابة:

 

لا يجوز ، الواجب الحذر من التفجير ، يقاتل بدون تفجير  ، قال تعالى : )ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ([23]   

 

 

 

*******

 

 

فتوى الشيخ / ناظم سلطان المسباح [24]  حفظه الله

 

 

السؤال:

 

ما مدى مشروعية العمليات القتالية والفدائية التي  يقوم بها الشباب الفلسطيني ضد اليهود في فلسطين؟

 

الإجابة:

 

إن دفاع الفلسطينيين عن أعراضهم ، وبلادهم ، وأموالهم ، ضد أبناء القردة والخنازير مشروع شرعاً ، وهو جهاد في سبيل الله تعالى ، حتى يشعر اليهود بأن أرض الإسلام التي اغتصبوها ما زال أهلها أحياء ، وأنهم سيزلزلون الأرض من تحت أقدامهم ، ولم يتركوهم ليهنأوا فيها ويطمئنوا، وأن الصراع بيننا وبينهم لم ينته ودعوات التطبيع والاستسلام ليس لها موقع في نفوس الشعوب المسلمة .

 

 فعمليات التفجيرات التي يقوم بها هؤلاء الأبطال داخل فلسطين ضد اليهود ،فيما  يظهر لي أنها مشروعة ، لأنها ترعب العدو ، وتزعزع الأمن ، وتحمي روح الجهاد والمقاومة في نفوس الأمة بعد أن طال رقاد البعض  .

 

ولكن يجب أن يراعى ما ذكره العلماء من ضوابط  : نحو أن تحقق النكاية بالعدو....

 

لقراءة الدراسة كاملة يرجى إنزالها من المكتبة الإلكترونية تحت باب الملتيميديا

 

 

.