فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
الاحتلال يعتمد مرشدين سياحيين عربا يتبنون روايته حول تاريخ القدس
التاريخ: 2/11/1430 الموافق 21-10-2009
على مداخل بواباتها التاريخية، وفي أزقة أسواقها القديمة، ينتشر العشرات من المرشدين السياحيين العرب محاولين الفوز بالمجموعات السياحية لاصطحابها في جولات بالمدينة العتيقة.
هذه الصورة، التي تبدو طبيعية في ظاهرها، يحذر خبراء ومتابعون للإرشاد السياحي بمدينة القدس المحتلة في أحاديث منفصلة لـ"إسلام أون لاين.نت" من الخطر الزاحف خلفها؛ إذ إن "غالبية المرشدين العرب يعتمدون الرواية الإسرائيلية كأساس في توصيف المواقع التاريخية بالقدس، ما من شأنه تزوير تاريخ المدينة وفقا لرغبة المحتل".
وتقول عبير زياد -الباحثة في شئون القدس والخبيرة في مجال الآثار والمرشدة السياحية المعتمدة- إن "الاستماع إلى غالبية المرشدين العرب وهم يلقنون أطفالنا معلومات خاطئة عن مدينة القدس ويرددون الرواية الإسرائيلية تلو الأخرى، لهو أمر محزن للغاية، خاصة أنهم يعتقدون أنهم أكثر علما بالحقائق".
وتشدد على أنه "وسط هذا الاستهداف المتصاعد للقدس من جانب الاحتلال لدثر تاريخها الإسلامي والعربي، أصبح من الأهمية التنبه إلى خطورة ما يقوم به المرشدون السياحيون من الترويج للروايات الإسرائيلية حول الكثير من القضايا التاريخية المتعلقة بالمدينة" المُحتل شطرها الغربي منذ حرب 1948 والشرقي منذ حرب يونيو 1967.
إعداد إسرائيلي
الباحثة عبير -التي تعمل منذ قرابة 14 عاما في مجال الإرشاد السياحي- ترجع هذا الوضع إلى أن "الاحتلال يسيطر بشكل كامل على الإرشاد السياحي في القدس".
وتبين أن "وزارة السياحة الإسرائيلية هي الجهة الوحيدة المخولة بمنح ترخيص لأي مرشد سياحي، وعلى من يتقدم للحصول على هذا الترخيص أن يحضر دورة تدريبية تعتمد مناهجها الرواية الإسرائيلية لتاريخ المدينة المقدسة".
وتضيف أنه "يتم أيضا تزويد المرشدين بالمراجع والكتب القائمة على الروايات الإسرائيلية للأحداث، ما يجعل الكثير من المرشدين السياحيين العرب يؤمنون بهذه الروايات ويعملون على نشرها".
ولكون الصراع على مدينة القدس قائما على البعد التاريخي ومحاولة تجذير الوجود اليهودي فيها، تبث وزارة السياحة الإسرائيلية روايات تنفي من خلالها الحقائق التاريخية التي تؤكد الهوية الإسلامية والعربية للمدينة المحتلة.
ولتحقيق هذا الهدف، بحسب عبير، فإن "الجهات الإسرائيلية المختصة تراعي في من تمنحهم تصريح مزاولة مهنة الإرشاد السياحي من بين المقدسيين أن يكونوا ممن يسهل إقناعهم بالروايات الإسرائيلية وبالعمل على ترويجها".
أخطر سلاح
استخدام المرشدين السياحيين في تزوير تاريخ القدس يعتبره محمود جده الخبير في الإرشاد السياحي بالمدينة "أخطر سلاح، خاصة أنه يتعلق بالجذور التاريخية والحضارية للقدس، وإسرائيل تدرك هذه الحقيقة، ومن ثم تسعى حثيثا لتحقيق أهدافها من خلاله".
ويبين "جده" أن وزارة السياحة الإسرائيلية "تعمل على مراقبة المرشدين السياحيين من خلال دس بعض العناصر في المجموعات لتتعرف على طبيعة المعلومات التي يتم تقديمها من قبل المرشدين للسياح، وإذا وجدت من يخالف رواياتها تقوم بسحب الترخيص منه أو تعرضه للمساءلة القانونية".
ويتفق الدكتور هاني نور الدين أستاذ الآثار والتاريخ القديم بجامعة القدس، مع ما يطرحه "جده"، مضيفا أن "الاحتلال يحاول تنفيذ مخطط التهويد الذاتي للقدس من خلال بعض المرشدين السياحيين".
ويذهب نور الدين إلى أبعد من ذلك، بتحذيره من "خطورة اعتماد عدد من المرشدين السياحيين على الاجتهادات الذاتية في تفسير بعض الأحداث والقضايا التاريخية دون أن يكون لديهم علم كاف بهذه الأحداث، وهذا ما يسعى الاحتلال إليه من خلال الترخيص أحيانا لمرشدين غير ملمين بالواقع التاريخي للقدس".
أسباب متعددة
عوامل عدة يرى هؤلاء الخبراء أنها تساعد إسرائيل على التحكم في تاريخ القدس، وأبرزها "عدم وجود جهة في القدس يمكن أن تُعد مرشدين سياحيين عربا يتمتعون بكفاءة ووعي حقيقي يساعدهم على فضح الادعاءات الإسرائيلية، وهو ما يبقي الروايات الإسرائيلية الأقوى في عقول من يزورون المدينة"، بحسب نور الدين.
أما "جده"، فيرى أن "عدم إدارك الجهات الرسمية الفلسطينية خطورة هذه المشكلة، ومن ثم عدم العمل على التصدي لها من خلال برامج مدروسة، سيوقف التغذية المعلوماتية الصحيحة للأطفال العرب حول القدس".
ولتغيير هذا الواقع، تقترح عبير "تخصيص منهج دراسي عربي لتوعية الطلاب والمدرسين أيضا بتاريخ القدس، إلى جانب العمل على إيجاد المؤسسات التي من شأنها تأهيل مرشدين سياحيين يتمتعون بالكفاءة بما يمكنهم من محاجة الروايات الإسرائيلية الزائفة".
كما تتطلع إلى "توفير خدمة إرشادية مجانية من قبل المؤسسات الرسمية الفلسطينية للوفود العربية والفلسطينية ولطلبة المدارس من أجل اجتذاب أكبر عدد منهم كي يتم إطلاعهم على تاريخ القدس الحقيقي".
المصدر: إسلام أون لاين