فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
خطاب سري لرابين أمام الكنيست: أوسلو لا يشمل القدس في أي اتفاق مرحلي أو شامل
التاريخ: 19/11/1430 الموافق 07-11-2009
ـ المستوطنات باقية وأمن الإسرائيليين داخل الأراضي الفلسطينية باق في ايدينا
ـ "نحن لسنا اسرائيل الكبرى.. أؤمن بحق الشعب اليهودي بكل أرض اسرائيل
ـ لا التزام بصورة أو شكل الحل الدائم و لا ضامن أو شروط عربية للإتفاق
يكشف اسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق الذي تم التوصل في عهده إلى اتفاق اوسلو، ووقع عليه، أنه كان واضحا أن القدس غير مشمولة بهذا الإتفاق، لا في المرحلة الإنتقالية، ولا في اطار التسوية الشاملة.
ويقول في خطاب سري القاه في جلسة سرية للكنيست الإسرائيلي عقدت بتاريخ 31/8/1993، بعد التوصل إلى صيغة الإتفاق في اوسلو، وقبل التوقيع عليه في واشنطن بتاريخ 13/9/1993: "فالقدس لن تكون مشمولة في أي مجال من صلاحيات المجلس أو الهيئة التي ستدير شؤون الفلسطينيين في المناطق, فالقدس باقية تحت السيادة الإسرائيلية وكعاصمة لإسرائيل وأقصد القدس الموحدة".
ويضيف رابين في الخطاب الذي حصل "المستقبل العربي" على نسخة من ترجمة معتمدة له، ظلت في حيازة مسؤولين في السلطة الفلسطينية طوال هذه السنوات، "المستوطنات باقية, لا تفكيك للمستوطنات, لن نعود على هذا مرة ثانية, لا في الضفة الغربية ولا في قطاع غزة".
كما أنه يوضح لأعضاء الكنيست أن "الأمن في كل ما يتعلق بالإسرائيليين".."هو في يد اسرائيل".. أي داخل وخارج المستوطنات في مناطق السلطة الفلسطينية.
الأخطر من كل ما سبق في هذا الخطاب هو قوله أنه لا يتضمن أي التزام بصورة وبشكل الحل الدائم.
ويشرح رابين أن اتفاق اوسلو أخذ من مشروع ايجال ألون، نائب رئيس وزراء اسرائيلي أسبق، أن تكون مدينة هي الممر مع الأردن أيضاً في التسوية الدائمة, وأكد: "لم أخرج هنا عن الإلتزام بمشروع آلون".
وأضاف مؤكدا "نحن لسنا أرض اسرائيل الكبرى, أنا أؤمن بحق الشعب اليهودي على كل أرض اسرائيل, أنا لا أريد وقلت هذا مراراً وتكراراً خلال الحملة الإنتخابية, لا نريد ضم مليون و 800 ألف فلسطيني، وتحويل دولة اسرائيل إلى دولة ثنائية القومية.
ولفت رابين إلى أن "هذا الإتفاق بيننا وبين الفلسطينيين, ليس له من ضامن، ولا هو مرهون لأية شروط أو لأية وصاية عربية أخرى"، واوضح "إنه يعطينا حرية المناورة تجاه هذه الدول"..!
هنا ترجمة حرفية لنص الخطاب، كما حصل "المستقبل العربي" على نسخة منها من مصادر قيادية في السلطة الفلسطينية:
خطاب رئيس الحكومة يتسحاق رابين أمام الكنيست
إنني على قناعة بأن اقامة السلام مفتوحة الآن. لقد حدث تقدم على ساحتي المفاوضات مع الفلسطينيين ومع السوريين, ولكن يجب أن نميز بين الساحتين. فمع سوريا المفاوضات حول سلام كامل, أما مع الفلسطينيين فالمقصود انشاء تسوية مرحلية, ففي الحوار بيننا وبين السوريين, سواء المباشر أو بواسطة الولايات المتحدة, كان واضحاً أن سوريا ليست مستعدة لسلام كامل، وحتى الآن ليس وفقاً لشروطنا, وبدون أن نحصل على الثمن الذي وضعته الحكومة في اسرائيل كشرط مسبق كثمن للسلام, وأنا اقصد السلام مع مصر, أي انسحاب كامل واقتلاع أي تواجد اسرائيلي من المناطق التي اخليت أو المناطق التي سيتم اخلاؤها, مثلما قال الأسد للأميركيين بماذا أنا اختلف عن السادات. لم أقل أننا قبلنا مواقفه في هذه الظروف, وبعد التحاور مع فلسطينيين ليسوا من سكان المناطق, توصلنا إلى اتفاق بالطبع بمثابة اختبار, وأنا واثق أنه سيتحقق, وسيكون خلال التوقيع في واشنطن, بين الوفود المفاوضة, وبالطبع فإن توقيع مثل هذا الإتفاق بين الوفد الفلسطيني في واشنطن، وبين الوفد الإسرائيلي، سوف يتحول إلى حقيقة جوهرية, وهذه الحقيقة سوف تمكن قيام التسوية المرحلية (التسوية الجزئية).
اتفاق ثنائي
ما هو الشيىء الذي أصرينا عليه:
هذا الإتفاق هو اتفاق بيننا وبين الفلسطينيين، وليس مشروطاً بما قد ننجزه مع لبنان أو سوريا أو الأردن. إنه اتفاق ثنائي.
الشيىء الثاني, أصرينا على أن لا يشمل الإتفاق القدس لا في إطار التسوية الجزئية ولا في إطار التسوية الشاملة, فالقدس لن تكون مشمولة في أي مجال من صلاحيات المجلس أو الهيئة التي ستدير شؤون الفلسطينيين في المناطق, فالقدس باقية تحت السيادة الإسرائيلية وكعاصمة لإسرائيل وأقصد القدس الموحدة.
المستوطنات باقية, لا تفكيك للمستوطنات, لن نعود على هذا مرة ثانية, لا في الضفة الغربية ولا في قطاع غزة.
الأمن بيدنا
الشيىء الثالث، الأمن بكل ما يتعلق بالإسرائيليين, ليس فقط للمستوطنات, لكل اسرائيلي حيث يتواجد, بالنسبة لما يصيبه وما قد يصيبه, هذا الأمن هو في يد اسرائيل.
إن خطوط المواجهة أو حدود اسرائيل، أو لأي حد من الحدود المتاخمة. هذا الأمن بيدنا على طول نهر الأردن، وغور الأردن، باستثناء منطقة اريحا.. خاصة إنها جزء من المنطقة المشمولة في التسوية الجزئية, وأيضاً على طول الحدود المصرية كل شيىء في يدنا وتحت مسؤوليتنا.
نحن مستعدون أن نكون شركاء لخلق واقع بأن يكون الأمن الداخلي الفلسطيني بيد الفلسطينيين, وأقول أمن الفلسطينيين, وأنا أشدد كل ما يتعلق بأمن الإسرائيليين والمستوطنات هو بيدنا. ومع كل التفسيرات الواسعة التي تعطي لهذا الإتفاق فلا يوجد أي التزام بصورة وبشكل الحل الدائم. أنا اعتقد أنه هنا وهناك يمكن الإشارة إلى هذه الصياغة أو تلك, يجب أن نفهم الجوهر بصورته الشاملة والكاملة, يجب أن نفهم المغزى لتوقيت هذا الإتفاق.
في الواقع موجة خمينية تجتاح العالم العربي والإسلامي، بما في ذلك بين فئات من الشعب الفلسطيني. نحن مع المفاوضات للحل على أساس الحوار ومن ضمن المفاوضات, هذا هو الخط الفاصل الآن لإنهاء أية علاقة كما كانت في الماضي. لقد حان الوقت أن لا نعيش في الماضي بل في الحاضر مع التطلع بوجوهنا نحو المستقبل.
في أي تحرك أو مسيرة هناك مخاطر, ولكن يجب أن نذكر تلك المخاطر التي يمكن أن تتكرر، والمخاطر التي لا يمكن أن نكررها.
امكانية التراجع عن المخاطر
إن كل مخاطرة في إطار التسوية مع الفلسطينيين أثناء الفترة الإنتقالية, أي التسوية الجزئية لإقامة الحكم الذاتي, مرهونة بالتراجع عنها أو تغييرها إذا ما حدث أي خرق لهذا الإتفاق. فالجيش الإسرائيلي باق في المناطق. لكن هذا لا يمكن أن يقع إذا كان الإتفاق مع دولة عربية ينص على الإنسحاب.
لذا أعتقد أننا اخترنا الطريق السليم بالأفضلية السليمة, وأضيف وأقول, تحادثنا مع فلسطينيين من خارج المناطق, اعتقدت ولفترة طويلة بأن القوى الفلسطينية من بين سكان المناطق فقط ربما ستكون مؤهلة إلى الإرتقاء للوصول إلى قدرة ذاتية. ولكن وبعد أكثر من عام من المفاوضات توصلت إلى نتيجة بأن هذه القوى ليست قادرة على ذلك, فهذه القوى لم تصل إلى مدريد دون قرار من تونس, ولم يعملوا دون فاكسات أو تلفونات مع تونس. هذا ليس جيداً ولكنها الحقيقة.
الذي يريد أن يتجاهل الحقائق هذا من حقه, ولكن الذي يريد أن يدفع السلام إلى الأمام, ويريد بداية الحل لا يمكنه تجاهل الحقائق, لذا كان الحوار مع فلسطينيين ليسوا من سكان المناطق. ولكن توقيع الإتفاق سيكون بين الوفود, الوفود على شاكلة الوفود التي حضرت مؤتمر مدريد.
أنا لا أريد أن ادخل في نقاشات معارضة اليوم, أنا أؤمن بأن الطريق صحيح والتحرك صحيح وهو ليس سهلاً. إن كل تغير وكل حل, يشتمل على مخاطر، ولكن حان الوقت للمجازفة من أجل السلام, من أجل الحل. وأنا أؤمن أن الإتفاق سيوقع ويتحقق, وهذا سيأخذ وقتاً, خاصة أننا نتحدث عن اعلان مبادىء, وعن عدد من الملاحق التي تلزمنا حتى الآن بالتفاوض في إطار اعلان المبادىء, ومن أجل البدء بتحقيق المفاوضات, فما هو جوهر ما نطلق عليه الحكم الذاتي (التسوية الجزئية)؟ ما هو شكل وتركيبة المجلس الذي سيدير الحكم الذاتي؟ ما هي صلاحيات هذا المجلس؟ استطيع أن اقول أن لهذا الإتفاق تقسيم:
الجزء الأول للتنفيذ هو قطاع غزة, حيث المستوطنات ستبقى, والجيش الإسرائيلي يبقى للدفاع عن المستوطنات, إنه سوف ينسحب من أماكن معينة, ولكنه سيبقى لحماية المستوطنات الإسرائيلية والدفاع عن حدودنا.
أريحا جئنا بها من مشرون ألون
أما اريحا فهي بشرط أن تكون المقر للهيئة التي ستدير بداية الحكم موضوع الإدارة الذاتية, هذا هو الشرط لأريحا. والأفضل أن يكون هناك في اريحا، من أن يكون في مكان قريب من القدس, والذي يعرف مشروع آلون يعرف أن اريحا في هذا المشروع هي الممر مع الأردن أيضاً في التسوية الدائمة, لم أخرج هنا عن الإلتزام بمشروع آلون.
أقول لكن أنه من الأفضل انسحاباً جزئياً من قطاع غزة من الإنسحاب الكامل من هضبة الجولان, في هذه المرحلة وفي المستقبل, لذا امامنا الآن فرصة غير عادية, صحيح أن سوريا من الناحية الإستراتيجية مشكلة كبيرة، وأكبر من حل المشكلة الفلسطينية. لكن حل المشكلة مع الفلسطينيين هو الحل الذي يشكل محور النزاع العربي ـ الإسرائيلي. وهو ليس الوحيد الرئيسي, إذا ما تم انجازه بالتفاهيم في اوسلو, وما قد يطرح ويتم التوقيع عليه, وأنا أؤمن وأتمنى أن ما سيوقع في واشنطن هو خطوة كبيرة إلى الأمام، حيث أن اسرائيل تدفع السلام إلى الأمام مع الجيران، وبصورة خاصة مع الفلسطينيين.
ستطرح بعض الملاحظات والإنتقادات, سيتحدثون عن هذا البند أو ذاك, وعن صعوبة هنا وصعوبة هناك. فلا يمكن أن نقوم بخطوات كبيرة وتحركات كبيرة دون مصاعب, وبدون أن نأخذ على أنفسنا مخاطر معقولة. أنا لن أدخل أكثر في التفاصيل, ولا يعنيني ماذا سيقول الليكود أو المعارضة. مشكلتنا أن نقول للشعب وللجمهور, لقد وعدنا بأن ندفع عملية السلام وقلنا أننا سنذهب إلى تسوية جزئية مع الفلسطينيين دون المساس بالإستيطان اليهودي, ودون المسام بالأمن, ودون الإلتزام بصورة أو بشكل الإتفاق النهائي. وقلنا أيضاً قبل الإنتخابات نحن لسنا أرض اسرائيل الكبرى, أنا أؤمن بحق الشعب اليهودي على كل أرض اسرائيل, أنا لا أريد وقلت هذا مراراً وتكراراً خلال الحملة الإنتخابية, لا نريد ضم مليون و 800 ألف فلسطيني، وتحويل دولة اسرائيل إلى دولة ثنائية القومية. ولكن هذا ليس هو موضوعنا الآن, هذه سياستنا للمدى الطويل.
ورثنا الحل المرحلي من كامب ديفيد
الموضوع الآن هو إنشاء تسوية جزئية لفترة خمس سنوات, لقد ورثنا هذا من كامب ديفيد, ومن رسالة الدعوة إلى مؤتمر مدريد. ونحن فعلاً نتقدم من أجل صناعة السلام, ولسنا فقط نتحدث عن السلام بل نفعله ونحققه. لذا أنا اعتقد أن ما أنجز هو إنجاز كبير, وأريد أن أبارك شيمون بيريس على كل الأشياء التي قام بها. لقد فعلنا هذا بصمت, وأنا اعتقد أننا نقف أمام حقبة تشتمل على فرصة كبيرة. أكثر من هذا فأنا أقدر أنه إذا تم توقيع الإتفاق وشرعنا بالتنفيذ، فإنه ستكون له انعكاسات على سائر ساحات المناطق في الاتصالات مع الآخرين, خاصة وأن هذا الإتفاق بيننا وبين الفلسطينيين, ليس له من ضامن، ولا هو مرهون لأية شروط أو لأية وصاية عربية أخرى. فهذا ليس مثل اتفاق السلام مع مصر الذي ألحق به اتفاق الحكم الذاتي, وهذا الإتفاق لا يستند إلى أية اتفاقات مع سوريا أو لبنان أو الأردن. إنه يعطينا حرية المناورة تجاه هذه الدول. هذه هي الأشياء كما هي, وبالطبع اليمين سيتعرض لها, ولكن أي يمين كان عندما خرجنا من اليأس! وأي يمين سيأخذ مساره الآن!!
إنه اليمين الذي خلق الأسبقية بأن نقوم مقابل السلام بالإنسحاب من آخر سنتمتر مربع، وأن نقتلع كل تواجد اسرائيل، ونهدم (مستوطنة) ياميت.
لا تنازل عن أي سنتيمتر مربع إذا كان هناك تلون في هذا العالم فإنه تلون الليكود اليوم. إنه التلون والذبذبة عندما يتحدثون عن اتفاق لا يشتمل اقتلاع أية مستوطنة, وليس له أي مساس بأية مستوطنة. وحتى الآن لا يشمل أي تنازل عن أي سنتمتر مربع, هذا هو الفرق بيننا وبينهم.
هذا كل ما لدي أقوله في هذه المرحلة، وأقترح على الجميع اتباع هذا الطريق والإلتزام به, وعلى الأقل أن نتناول الآن هذا البند أو ذاك قبل عقد جلسة الحكومة.
المصدر: المستقبل العربي