فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

العيد في غزة.. فقر وجوع وألم ووأد لفرحة الأطفال .. تقرير

 

التاريخ: 27/9/1430 الموافق 17-09-2009

 

بعد أن سمحت وزارة الداخلية في الحكومة الفلسطينية بغزة لأصحاب البسطات بالتخييم في شارع عمر المختار؛ بدأت عجلة الحياة تدبُّ في المواطنين البسطاء من جديد؛ أملاً منهم في استعادة ذاكرة الشراء مرةً أخرى؛ لعلهم يكسون أطفالهم الصغار ملابسَ وأحذيةً ويجلبون لهم الألعاب التي تُنسيهم همَّ الفقر والجوع والحصار الخانق.

وانطلق المواطنون من كل حدب وصوب قاصدين أصحاب البسطات، ولكنهم لم يستطيعوا تحقيق ما يريدون، نظرًا لارتفاع الأسعار، وقلة ما يملكون من أموال، فالناظر إلى حال الأسواق يكتنفه الاستغراب والعجب مما يراه، يجدها ملأى بالمواطنين، ولكنه لا يعرف أن القلة فقط من تشتري وتدخل السرور على أولادها.

أمنية لم تتحقق

"فش عمل.. فش فلوس.. فش بيدنا شي نسوِّيه.. الوضع متأزم, ولم أستطع شراء ملابس لأطفالي العشرة لأفرحهم على العيد، لا أعرف معنًى للتسول".. بهذه الكلمات تحدث المواطن عوني الغندور (52 عامًا) من سكان منطقة الزيتون لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" اليوم الأربعاء.

وتابع: "أنا واحدٌ من الملايين من سكان غزة، الذين لا يستطيعون توفير لقمة العيشة لأولادهم، فقلة المال والرزق كانت السبب الرئيسي في عدم مقدرتي على شراء أي مستلزمات للعيد، مع أني كنت أتمنَّى أن أُدخل الفرح عليهم بهذا العيد.. كنت في الماضي تاجرًا مشهورًا، والآن كما ترى أنا مجرد بائع متجول، أصابه المرض، بالعافية أكسب قوت يومي لأطعم به أطفالي الجوعى".

"شو بدنا نعمل"

وتشبه قصة المواطن أبو علي المملوك (29 عامًا) من سكان منطقة أجديدة قصة الحاج أبو علي، ولكنها تختلف قليلاً في أن لديه راتبًا شهيرًا؛ حيث يقول: "مع أنني موظف حكومي قبضت الآن، ولكنني والله لن أستطيع شراء أي ملابس لأولادي الأربعة لهذا العيد، وسيضطرون إلى لبس ملابسهم القديمة، شو بدنا نعمل، فعلى قد حفاك مد رجليك.. والقبضة كلها تذهب بسرعة البرق، وأنا عم أسدد في ديوني".

أسماء فتاة فلسطينية تبلغ من العمر (23 عامًا) من منطقة تل الإسلام تقول بنبرة مختلفة: "أنا واحدة ممن استطعن شراء ما يلزمها من احتياجاتها تحضيرًا لاستقبال العيد، رغم ارتفاع الفاحش في الأسعار وقدم البضائع في الأسواق".

"أين الرقيب؟"

وتشير إلى أنها تدخل السوق للشراء ومحفظتها تكون شبه ممتلئة، ولكن العجب عندما تخرج منه تكون خاوية، السبب في ذلك -بحسب أسماء- هو أن "التجار لا يراعون المواطنين؛ لأنهم يعلمون أن الشيء الذي يوجد عندهم لا يوجد عند غيرهم، فليتقوا الله في شعبهم"، ودعت الحكومة إلى مراقبة الأسعار ومحاسبة التجار عن احتكار البضائع.

التجار يشتكون

وبدوره، قال منير السرحي قائم بأعمال محلات "السرحي" للأحذية في شارع عمر المختار وهو يضحك: "ما في عيد؛ فالوضع في النازل، والحركة ميتة وشبه معدومة، وحتى هالشهر الفضيل جاء علينا ولم نشعر بفرحته، فوضْع الناس يُبكي فهم لا يملكون المال ليشتروا من عندنا شيئًا".

وأشار إلى أن العيد في الموسم الماضي كان مغايرًا تمامًا من حيث الحركة والإقبال على الشراء، وأرجع سبب ذلك إلى الارتفاع الحالي في أسعار البضائع، فهي تأتي مهربةً عن طريق الأنفاق، وتكون أسعارها مرتفعة جدًّا، موضحًا أنه ليس بيدهم شي سوى بيعها بهذا الثمن؛ فهم يريدون تعويض رأس مالهم.

الشاب مهدي (16 عامًا) من سكان منطقة الدرج، ويعمل هو وأخوه في بيع ألعاب الأطفال، يتحدث لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" وبراءة الطفولة لا تفارق وجهه: "الحصار والحرب الأخيرة جعلت الناس تحجم عن الشراء رغم أننا نبيع ألعاب الأطفال، وهي من أكثر الأشياء بيعًا، ولكن هذا العام البيع محدود نظرًا لأوضاعهم".

وأكَّد أن معظم المواطنين يأتون فقط للمشاهدة لا للشراء، فهم يخرجون تنفيسًا عما يعيشونه من أوضاع صعبة، لعلهم يجدون شيئًا يشترونه بأموالهم القليلة.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

 

.