فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

بني قينقاع وبني صهيون والمرأة المسلمة

 

د.عيسى القدومي

وأنا أنظر إلى المشاهد المؤلمة لاعتداء اليهود – جنودا ومغتصبين متدينيين وعلمانيين -  على نساء القدس وأهانتهم ونزع الحجاب عن رؤؤسهم وكشف عوراتهم، ودفعهم ومنعهم الصلاة في مسجد المسلمين المسجد الأقصى، بل وقد وصل الأمر إلى قتلهم بدم بارد، مشهد أعادت لنا ذاكرة ما حدث مع المرأة المسلمة في عهد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حينما قدمت إلى سوق بني قينقاع، وجلست إلى أحد الصاغة اليهود تبيع وتشتري منه، فجعل اليهود يريدونها على كشف وجهها، ورفضت المرأة المسلمة ذلك.

 فجاء أحد اليهود من خلفها وربط طرف ثوبها برأسها دون أن تشعر، وعندما وقفت انكشفت المرأة فصرخت، فجاء أحد المسلمين وقتل اليهوديَّ الذي فعل ذلك، فاجتمع يهود بني قينقاع على المسلم وقتلوه، فقد اجتمعت قبيلة بني قينقاع على قتل المسلم، بعد أن قاموا بجريمة كشف عورة المرأة المسلمة.

حدث هذا الأمر الشنيع على الرغم من أن بني قينقاع بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم معاهدة عدم اعتداء ... وحينما وصل الأمر إلى رسول الله  ، وعلى الفور جمع  الصحابة وجهّز جيشًا، وانتقل سريعًا إلى حصون بني قينقاع، وحاصر  الحصون وفي داخلها بنو قينقاع، وأصرَّ  على استكمال الحصار حتى ينزل اليهود على أمره  .

وبدأ الحصار في يوم السبت نصف شوال سنة 2هـ، بعد أقل من شهر من غزوة بدر الكبرى، وظل  محاصرًا لبني قينقاع أسبوعين كاملين، إلى أن ظهر هلال ذي القعدة، وقذف الله  الرعب في قلوب اليهود، فنزلوا على حكم الرسول  ، وكان حكمه  في ذلك الوقت هو قتلهم لهذه المخالفة الشنيعة التي فعلوها، ليس فقط لكشف وجه المرأة المسلمة، ولا لقتل المسلم، لكنها تراكمات طويلة جدًّا، فهم منذ أن دخل الرسول  وهم في مخالفات مستمرة، وسبّ علنيّ لله ولرسوله الكريم  ، وللصحابة وإثارة الفتن بين المسلمين، فكان لا بد من وقفة معهم.

 وقد حرَّك رسول الله  هذا الجيش بكامله من أجل أن امرأة واحدة كُشفت عورتها، ووجد الرسول أن الوقت قد حان لتأديب اليهود، فالقوة للمسلمين بعد معركة بدر تعاظمت وازداد عدد المسلمين وازداد مع ذلك اعتداءات وممارسات اليهود الذين لم يحفظوا عهدا  فاختار النبي بحكمته وحزمه الوقت المناسب لتأديبهم .

هل تغير اليهود؟!

  لعل البعض يتساءل : هل تغير اليهود؟ وهل سلوكياتهم وممارساتهم كما هي في عهد النبوة وإلى الآن ؟ 

 وتعجب أن بعض من يدعون أنهم أصحاب النظرة العقلانية في التعامل مع يهود اليوم، يرون الفصل التام بين يهود اليوم ويهود الأمس، لزعمهم أن ما جاء في ذكر اليهود من نصوص شرعية هو تفسير لأحداث خاصة في تاريخ معين لا تنطبق على واقعنا اليوم!!

ومن هذا المنطلق قالوا إن الخطاب حول اليهود لابد أن يتغير ويتبدل ليتماشى مع المستجدات على الساحة العالمية والإقليمية، وإنه لابد من تجاوز الخطاب الإسلامي في عدائه لليهود، وتقبل اليهود وكيانهم على أرض فلسطين كجزء من دول المنطقة وشعوبها، والعمل على التعايش مع هذا الواقع، بل تجاوز الأمر إلى السعي للمشاركة العملية لتشكيل رؤية لعلاقاتنا المستقبلية مع اليهود!!.

والدعوة لمراجعة الخطاب حول اليهود تتمثل في السعي للفصل التام بين يهود اليوم ويهود الأمس، وفي هذا تعطيل الاقتداء بالنصوص الشرعية - الكتاب والسنة- في التعامل مع يهود اليوم، ومن هذا المنطلق فالآيات والأحاديث لا يعتد بها عند التعامل مع يهود اليوم "يهود الكيان الغاصب" لأنها جاءت لأحداث تاريخية معينة، والآن تبدلت الأحوال، فخلصوا إلى أنه لابد من تجاوز العيش في إطار النصوص التي تضع اليهود في قالب واحد!!

 فآيات الله في كتابه الكريم ، والأحاديث الصحيحة الصريحة  كلها لا تمثل عنهم منطلقا ثابتا في التعامل مع اليهود، ومن هنا جاءت الدعوة لتجاوزها، والعمل برؤى ومنطلقات ترى الواقع بأعين حكيمة - وهي قاصرة على أعينهم- !!.

وسنترك الجواب للمشاهد التي نراها اليوم أليست رداً وافياً وكافياً على هؤلاء ... ولهذا شئنا أم أبينا فاليهود أعداء دائمون لهذه الأمة منذ بدأ الرسول محمد  صلى الله عليه وسلم  رسالته وإلى أن يخرج الدجال، ومن عمل على إزالة هذه العداوة بين المسلمين واليهود فهو مخالف لشرع الله تعالى.

العبر و العظات :

واقعة بني قينقاع وأسبابها  تدل في جملتها  على مدى ما ركّب في اليهود من طبيعة الغدر و الخيانة، فلا تروق لهم الحياة مع من يجاورونهم أو يخالطونهم إلا بأن يبيتوا لهم شراً أو يحيكوا لهم غدراً، فكيف بمن احتلوهم ودنسوا أرضهم وسلبوا مقدساتهم وحرموهم من العيش الكريم، فنأخذ من مشابهة تلك القصة بما بعيشه اليوم على أرض فلسطين من مشاهد وممارسات يندى لها الجبين ما يلي :

1. حجاب المرأة المسلمة وسترها وتمسكها بدينها يغيض يهود الأمس ويهود اليوم .

2. اليهود أهل قسوة فقد يكون اليهودي مفتول العضلات ومدججاً بالسلاح ويعتدي على امرأة كبيرة في السن بكل عنف ووحشية .

3. يهود اليوم كيهود الأمس فمن صفاتهم المسارعة في الإثم والعدوان ، قال تعالى " وترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت " المائدة/ 62.

4. اليهود على أتم استعداد لأن يخلقوا جميع الوسائل والشبهات والأكاذيب ليبرروا أعمالهم وممارساتهم، فهم أهل المكر والخداع ، قال تعالى" ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " الأنفال/ 30 .

5. من صفات اليهود التي لا تنفك عنهم ماداموا يهود نقض العهود، قال تعالى " أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم " البقرة/ 100 .

6. اليهود أهل غدر وخسة ، ونموذجهم بني قينقاع وإلى بني صهيون، فهذه صفاتهم وهذه طبائعهم الثابتة التي لا ينفكون عنها بحال من الأحوال . 

.